ثقافته وارتفاع مستواه التعليمى لم يمنعاه من عمله كبائع مشروبات فى ميدان العتبة، فى السنة الثالثة من كلية «تجارة إنجليزى» بجامعة سوهاج، يأتى فى الصيف للقاهرة ليعمل مع أخيه الحاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، ويقتطع ساعات من عمله ليتدرب فى أحد البنوك الشهيرة بمدينة نصر. مؤمن محمود، بلهجة صعيدية وبنبرة صوت يغلب عليها الاعتزاز والفخر، يقول: «باجى من سوهاج أشتغل فى الصيف علشان أوفر مصاريف جامعتى، لأنها غالية شوية، أنا بدرس فى تجارة إنجليزى». ويضيف، بابتسامة تغمر ملامح وجهه: «أنا عمرى ما اتكسفت إنى بشتغل بياع عصير، دى المهنة اللى خلتنى أكمل دراستى، ولما أشتغل موظف فى بنك هكمل وهساعد أخويا برضه». «حسن»، الأخ الأكبر ل«مؤمن»، يعمل معه فى بيع العصائر، تخرج منذ عشر سنوات، تزوج وترك أسرته بسوهاج ليعمل بالقاهرة ليبحث عن قوت يومه، يقاطع «مؤمن» فى حديثه، يطلب منه أن يحضر ماء لغسل البرتقال، قائلاً: «لقمة العيش صعبة، هنفضل نستنى الحكومة لما توظفنا، وبعدين هنكمل حياتنا إزاى؟ لا هنتجوز ولا هنتقدم خطوة». يرى «حسن» أن التمر والعرقسوس أصبح الإقبال عليهما ضعيفاً من قِبل الزبائن، يقول: «إحنا بنبيع برتقال فى الصيف، الإقبال عليه أكتر بكتير من التمر والعرقسوس، وكمان أغلى منهم ومكسبه أحسن، وأغلبنا دلوقتى بقى بيبيع برتقال، إنما التمر والعرقسوس ممكن يتباعوا فى رمضان». يبدأ «مؤمن» عمله فى الساعة السابعة صباحاً، لينتهى فى الحادية عشرة مساء، سواء فى شهر رمضان أو بقية شهور السنة. «إحنا مواعيدنا ما بتتغيرش سواء فى رمضان أو غيره، نيجى من 7 الصبح لغاية 11 بالليل، الجو بيبقى حار وفيه تجار وبياعين كتير بتتعب وبتفطر فى رمضان». ويضيف واصفاً الأجواء الرمضانية فى القاهرة واختلافها عن سوهاج: «الواحد بيستنى شهر رمضان من السنة للسنة، يعنى روحانيات، وبحس بجو رمضان فى القاهرة أكتر من سوهاج كمان، كل البياعين بيفطروا فى طبق واحد، كل واحد عاوز يعزم التانى على الفطار، الناس كلها عارفة بعضها».