"ما الدنيا إلا سجن كبير"، بعد رؤية عدد لا يقل عن 6 مسلسلات رمضانية، كان السجن محورًا رئيسيًا في أحداثها، حيث يمكن التغيير في مقولة الأديب الإنجليزي "شكسبير" ويتحول المسرح إلى سجن، أو تتحول "دراما رمضان" إلى سجن أكبر. "كيد الحموات"، "سجن النسا"، "شارع عبدالعزيز - الجزء الثاني"، "عد تنازلي"، "سبع وصايا"، "فيفا أطاطا"، نماذج من المسلسلات التي احتل فيها السجن جزءًا كبيرًا من مضمونها ومشاهدها، باختلاف توجهاتها وقصصها وطرق المعالجة، لكنها تتفق في أن وراء كل قضبان حكايات بشرية واقعية، وإن اعتبرها المشاهدون خيالية، لا تختلف عن حياة السجانين. "السجن الموجود في مسلسلات رمضان عبارة عن تركيبة مركبة، بين الاجتماعي والنفسي والمادي والعاطفي والبيئي"، هكذا وصفت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي، قائلة: "من الصعب أن يكون هناك اتفاقًا على وجود السجن في هذه السيناريوهات، بدليل اختلاف قصة كل منهم، والمعالجة المختلفة التي يقدمها كل مؤلف، ولكن يرجع هذا ربما إلى المزاج العام نفسه الذي شكّل نوعًا من الهاجس المُلح لفكرة السجن". وصنفت "البشلاوي"، في حديثها ل"الوطن"، السجون بين مادي ومعنوي وذاتي، مستشهدة بمسلسل "سجن النسا" الذي تلعب بطولته الفنانة نيللي كريم أو شخصيته الرئيسية "غالية" والتي تعمل سجّانة، المهنة التي ورثتها عن أمها حتى تحتفظ بمنزلها "العهدة"، موضحة أن "السجانة نفسها مسجونة" لظروف كثيرة، فهي أسيرة الشاب المجرم الذي تحبه، وهو يتمادى في استغلالها دون أن تريد منه مقابل، أو "السجانة الأكبر" التي تجسدها الفنانة سلوى عثمان، تكاد تكون في ضل "غالية" أو المجرمة عزيزة التي ظهرت لها. وأرجعت الناقدة الفنية فكرة انتشار السجون في الأعمال الدرامية، بأنها حالة استحواذ لفكرة السجن: "حالة في العقل الباطن، على اعتبار أن مصر كلها كانت مسجونة في عهد جماعة الإخوان، وأن كل شخص لديه إحساس الحصار، على اختلاف الموضوعات والمعالجات". "البيئة بتلعب دور السجن، والظروف بتتحول لسجن"، كما رأت الناقدة الفنية، وأن السجن تجسيد لعدم تمتع أي شخص بحريته الكاملة، مشيرة إلى أن مسلسل "سجن النسا" من أكثر المسلسلات التي أوضحت السجن المادي والعاطفي والذاتي. واختلف إطار السجن في كل مسلسل، فكان هناك الطابع الكوميدي، حيث أدت الفنانة ماجدة زكي دور مأمور سجن من خلال مسلسل "كيد الحموات"، وتُرجم السجن لديها في شكل الانضباط الذي تفرضه على بناتها قبل السجينات، وهناك "السجن السياسي" الذي اتضح في مسلسل شارع عبدالعزيز الجزء الثاني، متناولًا احتجاز كبار رجال السياسة في زنزانة أقرب إلى "الغرف الفندقية" كما جاء على لسان بطل العمل الفنان عمرو سعد، ومَن اتبعهم يجلس في الزنازين القميئة مع البسطاء، وكان السجن في مسلسل "عد تنازلي" نتيجة لأحداث المسلسل التي يلعب "الفلاش باك" دورًا رئيسيًا فيها.