خاضت «الوطن» تجربة رصد تهريب المواد البترولية أثناء تخزينها فى أحد المخازن المرخص لها بتخزين زيت السيارات فقط، ومخازن أخرى غير مرخص لها، وسط العمارات السكنية بمنطقة شبرا الخيمة وكذلك عملية تعبئتها، وكيفية شرائها ونقلها وإعادة بيعها مرة أخرى فى السوق السوداء، فى غفلة من الوجود الأمنى؛ حيث تخشى الشرطة دخول مثل هذه المناطق، وإنقاذ الأهالى من مخازن الموت، حتى من قبل الثورة. مخزن عشوائى وسط عمارات يصل ارتفاعها إلى 6 طوابق، أمامه قطعة أرض فضاء تقف فيها سيارة مواد بترولية بيضاء اللون، تصطف بجوارها براميل بعضها معبأ بزيت سيارات مستعمل قبل ذلك، يُستخدم كستار لعملية تهريب الوقود المدعم والبعض الآخر مملوء بالسولار؛ حيث يتم نقل براميل السولار إلى مخزن فى دور أرضى عبارة عن محل ملحق بإحدى غرف المنزل، تتنوع محتوياته بين براميل لتخزين السولار وجراكن سعة 20 لترا للبنزين، وبعض الجراكن الأخرى لتفريغ السولار بها، لسهولة نقله إلى مركز البيع، وهو عبارة عن عشة من الخوص، تحتل ناصية جراج سيارات، يبعد عن المخزن أكثر من 3 كيلومترات؛ حيث تُنقل إليها كميات البنزين والسولار يوميا بكميات محدودة على عربة كارو، يقبع خلفها بائع يشعل سجارته وسط هذه الكميات المحدودة من الوقود وغير المحدودة فى الاشتعال. 5 جراكن بنزين وسولار وبجوارها عبوات معدنية يستخدمها البائع كمكاييل لتقدير كميات الوقود المباع، بخلاف عدد آخر من الجراكن وبرميل واحد داخل العشة التى يقف بجوارها، زبائنه من سائقى التوك توك والموتوسكيلات وماكينات مياه الرى، بينما البيع من المخزن يكون لمن يريد كميات كبيرة كما يقول «ف. ع»، الذى يقيم فى منزل يبعد عن المخزن مسافة لا تتجاوز 100 متر، مضيفا أن جاره يدخل بضاعته إلى المخزن ليلا مرة أو اثنتين كل أسبوع، ويخرج منها بكميات محدودة لبيعها. يخشى «ف. ع» من اشتعال أو حريق مخزن جاره، قائلا: «لو أى شاب معدى بالليل ورمى عقب سيجارة أمام المخزن ممكن يولع الدنيا، واحنا مستنيين بيوتنا تولع فى أى لحظة وينشروا صورنا على إننا ضحايا»، مما يتسبب فى إحراق المنازل المجاورة للمخزن، مضيفا أن الشرطة تخاف الدخول إلى هنا حتى قبل الثورة، وبعدها أصبح دخولها إلى المنطقة أمرا غير وارد على الإطلاق، فكيف نقوم بإبلاغها؟ ورغم ذلك تم إبلاغ قسم الشرطة أكثر من مرة بسرقة سيارات من أصحابها هنا فوق الطريق الدائرى ولم تأت الشرطة لتقوم بالمعاينة وليس للقبض على اللصوص. ويوضح «ف. ع» أن جاره يتخذ من تجارة زيت السيارات المستخدم ستارا لتهريب البنزين والسولار من محطات الوقود؛ حيث يخرج البنزين والسولار وسط براميل الزيت المستخدم حتى لا يلفت انتباه المارة، خاصة وقت الأزمات مثل أزمة الوقود الأخيرة، بينما فى الأوقات العادية، كما يقول «رمضان الخولى»، عامل بالبنزينة، يتم الشراء البنزين أو السولار أمام الجميع وفى وضح النهار، سواء فى جراكن أو فنطاس أمام الجميع. ويشرح «رمضان» أن عملية بيع البنزين والسولار فى السوق السوداء أحيانا تكون بناء على طلب صاحب محطة الوقود وبرعايته، والزبائن يأتون عن طريقه هو، وأحيانا أخرى تكون عن طريق عمال التموين داخل المحطة دون معرفة صاحب البنزينة بها؛ حيث يتم إخطار الباعة بموعد وصول سيارة شركة البترول لتفريغ الوقود ليلا، ويأخذ كل منهم الكمية المتفق عليها. وعن الأسعار يقول «رمضان» إن صفيحة البنزين ال20 لترا تباع للمستهلك ب18 جنيها وتباع للتجار ب23 جنيها ويصل سعرها إلى 25 جنيها وقت الأزمات. بينما هناك وجهة نظر أخرى لتجار السوق السوداء للدفاع عن أنفسهم؛ حيث يقول محمد بكرى، أحد أصحاب المخازن وباعة الوقود، إن عملية بيع البنزين والسولار هى مهنته التى يأكل منها، ولا يجد مهنة غيرها ويعمل بها منذ أكثر من 6 سنوات، مضيفا أنه إذا كانت الحكومة تعتبر بيع البنزين جريمة فعليها أن توفر له وظيفة ينفق منها على أسرته، ويوضح أن مكسبه بسيط، فهو لا يتجاوز 7 جنيهات فى الصفيحة الواحدة، التى يشتريها ب23 جنيها ويبيعها ب30 جنيها، ويعتبر «محمد» وقت الأزمات موسما له؛ لذلك يقوم برفع سعر الصفيحة لأنه يشتريها أيضا من البنزينة بسعر مرتفع، بخلاف توفير المخزن سواء غرفة فى بيته أو تأجير دكان للتخزين فيه. ويعتبر «محمد» المخزن قنبلة موقوتة يخشى من انفجارها فى أى وقت، لكنه يأخد بالأسباب فى إبعاد أى مصدر للاشتعال عنها، ويمنع تدخين السجائر بالقرب من المخزن أو داخله ويختتم كلامه بالقول: «ربنا بيسترها».