اعتبر سياسيون، أن تلويح مجلس الشيوخ الأمريكى، بتخفيض المساعدات لمصر بنحو 400 مليون دولار، جاء لرفض بعض أعضائه المسار السياسى الجديد لمصر، محاولة للضغط على الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليكون أكثر مرونة مع الإدارة الأمريكية، وأكدوا أن مشروع القانون المقدم من الكونجرس بهذا الشأن لن يمر، لأن البيت الأبيض والبنتاجون، يبحثان عن مصلحتهما لإدراكهما أن الإدارة الجديدة الأفضل فى المرحلة المقبلة. وقال السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تلوح بين الحين والآخر بخفض مساعداتها لمصر ومن ثم الأمر ليس بالجديد، مضيفاً: «العلاقة بين مصر وأمريكا ستظل مذبذبة صعوداً وهبوطاً، حتى إنهاء الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق بانتخاب مجلس النواب». ولفت إلى أن ثبات مصر على موقفها سيجبر أمريكا على تحسين علاقتها بمصر واحترامها، مشيراً إلى الحديث الذى دار مسبقاً بين الرئيس السيسى، حين كان وزيراً للدفاع مع نظيره الأمريكى، وقال له الأخير إن أمريكا بصدد خفض مساعداتها العسكرية لمصر، فكان رد «السيسى» عليه أنه يتمنى أن تنظروا إلى مصر بمنظور مختلف، خصوصاً أنها تواجه إرهاباً حقيقياً. وأوضح «العرابى»، أن اختيار سامح شكرى، لتولى وزارة الخارجية يعنى أن مصر ما زالت مهتمة بفكرة تطوير علاقتها بأمريكا. وقال الدكتور معتز عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مناقشة خفض المساعدات الأمريكية لمصر يمتد منذ فترة طويلة منذ 2003، حين لم تتخذ مصر موقفاً داعماً للغزو الأمريكى على العراق، موضحاً أن قرار خفض المساعدات الآن يعبر عن جدل دائر داخل الإدارة الأمريكية، خصوصاً أن الخارجية الأمريكية والبنتاجون ضد خفضها. وأضاف: بعد ثورة 30 يونيو الأمريكان خسروا حليفاً استراتيجياً، وهم الإخوان، كذلك لم يجر التسويق الكافى ل«30 يونيو»، وخرجنا عن إطار التنسيق المفترض بين الحلفاء، لافتاً إلى أنها عقوبة تحمل فى طياتها الرغبة فى استغلال الفرصة لتقليل حجم المساعدات الخارجية فى الموازنة الأمريكية. وقال الدكتور يسرى العزباوى، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تلويح الشيوخ الأمريكى بتخفيض المساعدات يعد أمراً طبيعياً، خصوصاً أن نظرة الولاياتالمتحدةالأمريكية، تجاه ثورة 30 يونيو، لم تتغير حتى الآن، رفضاً لاستقلال القرار المصرى، الذى يحاول الرئيس «السيسى» انتزاعه. قال دبلوماسيون إن اقتراح مجلس الشيوخ الأمريكى بتخفيض المعونة التى تقدم لمصر بمقدار 400 مليون دولار، يعبر عن استمرار الموقف السلبى الأمريكى من ثورة 30 يونيو وما تلاها، وأن أمريكا ترفض استقلالية القرار المصرى ورفض التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد، فيما أوضحت مصادر أن هناك حملة إعلامية تتبناها جماعة الإخوان الإرهابية فى واشنطن ضد المشهد السياسى المستقر حالياً، فيما تغيب أى حملات مضادة لتوضيح الصورة على حقيقتها. واعتبر السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هذا التطور يأتى فى إطار الموقف الأمريكى السلبى من ثورة 30 يونيو، وليس مرتبطاً بأوضاع داخلية أمريكية، أو محاولات تخفيض الإنفاق الحكومى، كما صرح بعض المسئولين الأمريكيين، مشيراً، فى تصريحات ل«الوطن»، إلى أن هذا المقترح يرتبط أيضاً بمواقف بعض أعضاء مجلس الشيوخ، الذين شككوا فى نزاهة وشرعية الانتخابات الرئاسية المصرية، بما يؤكد أن «واشنطن» لا تود دعم الوضع السياسى الراهن فى مصر. من جانبه، قال السفير أحمد الغمراوى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، ل«الوطن»: إن هذا التطور يعد تعبيراً عن عدم رضاء الولاياتالمتحدة عن استقلالية السياسة الخارجية المصرية فى المرحلة الراهنة؛ بعد أن استطاعت مصر أن تنقل للعالم وجهة نظرها بشكل مستقل وتواجه بكل صلابة محاولات التدخل الخارجى فى شئونها.