بعيدًا عن الدموع وحالات الانهيار التي تنقلها العدسات، عقب كل امتحان للثانوية العامة، قررت مجموعة من الأصدقاء، من طلاب الثانوية الأمريكية، انتشال زملائهم من طلبة الثانوية المصرية، من البؤس الذي ترسمه الامتحانات على وجوههم، عبر قناة "شنبو تي في" الساخرة، فإن لم يكن بد من البكاء، فلتعقبه إذن ضحكة على " الثانوية وسنينها". "ثانوية عامة؟ بقولك أيام سودا" تقولها طالبة يائسة، في التقرير الأول لقناة شنبو تي في، التي انطلقت على موقع اليوتيوب، قبل عدة أشهر، لتبلغ أوجها في وقت الامتحانات، بمجموعة من الحلقات التي يعدها أحمد سلامة وأصدقاؤه: "أنا مش في ثانوية عامة، لكن حاسس بمأساة أصحابي". قرر أحمد قبل سنوات أن يحصل على الثانوية الأمريكية بدلًا من المصرية كي يتلاشى الوقوع في الشرك، لكن مبادرة بعنوان "طالب تغيير" انطلقت في مدرسة أحمد، دفعته للبدء في نقد أحوال الثانوية المصرية: "مش معنى إني مش فيها، أسكت على اللي بيحصل"، يرى الشاب الذي لم يتعد العشرين بعد، أن نظام التعليم في مصر يحتاج إلى إعادة بناء بالكامل: "مش عاجبني التعليم في بلدي، رغم إن وزير التعليم شغال وحاسين بأمل في إنه يغير الأحوال، لكن لحد دلوقتي الوضع من سيء لأسوا". ثلاث حلقات وثلاثة إعلانات أنجزها أحمد ورفاقه: "هدفنا نفرغ الكبت اللي جوا الطلاب، قعدنا نتتريق على كل مظاهر الفشل في العملية التعليمية، زي الواجب اللي بيتعمل على الرصيف قبل الدرس، والتزويغ من المدرسة، والمناهج اللي مش بتضيف جديد، مش بنكتفي بتقديم المشاكل لكن بنقدملها حلول كمان". يرى طلبة قناة شنبو أن أكبر مشكلة تواجه التعليم المصري عمومًا والثانوية خصوصًا هي "الدروس الخصوصية، والمناهج المتخمة بمعلومات غير مفيدة: "في الثانوية الأمريكية أهم حاجة الفهم، حتى لو في حفظ، هو كمية بسيطة، ولو مش فاهمين مش هانقدر نحل، وفكرة الغش مش مطروحة أصلا، لأن في منظومة بتكشف اللي بيغش، والطلبة مابيكونش عندهم وقت للغش أساسًا، لكن في الثانوية العادية، مهما كانت المذاكرة، الحافظ أنجح من الفاهم، وكليات القمة هي هدف الكل بصرف النظر عن الإمكانات والشطارة في أي مجال" لا يبدو أن نظام الثانوية العامة يعجب الكثيرين، "ثانوية سركزم سوسيتي"، عنوان آخر لصفحة اتخذت من الرسوم "الكوميكس" وسيلة لانتقاد نظام التعليم الذي يرونه فاشلًا: "صفار الورقة عماني ورب العرش نجاني"، قالها إسلام علي، أحد أعضاء الصفحة ساخرًا من صعوبة الامتحانات التي جاءت هذه المرة على ورق ملون، أطلقت عليه الصفحة "ورق شم النسيم"، بيسو أدمن آخر في الصفحة التي اشتركت مع العديد من الصفحات الأخرى في تسريب الامتحانات، يتحدث بجدية، بعيدًا عن سيل السخرية الذي ينتهجه وزملاؤه قائلا: "أنا بشوف مناظر بعد الامتحانات، خلت هدفي هو الهجرة من البلد دي، أنا نفسي أبقى دكتور صيدلي أكتر من اللي بيبقوا مفرهدين نفسهم في التراب بعد الامتحانات دول بس مش معنى اني ماحققتش حلمي دا خصوصًا اني في بلد جميلة بتقدر كل الكليات زي مصر، شايف إنها مش آخر الدنيا، أنا هعمل اللي عليا السنة كلها، ولو جبت 50% ما هعمل ربع اللي بيعملوه الناس دي، المستقبل الحقيقي مش في الكلية اللي إحنا عايزينها، مستقبلنا الحقيقي في الهجرة من البلد دي". "علمونا صح"، "ثورة الثانوية العامة"، "ثانوية عامة" مجموعة من الصفحات التي خرجت تارة لتذم النظام التعليمي من أساسه، وتعلن العصيان عليه، وتارة لتعلن براءتها من الجميع، سواء كانت العائلة التي تضغط طوال الوقت من أجل كليات القمة، باعتبار الثانوية نهاية المطاف، وتارة من الدولة التي لا تحترم كل الكليات بنفس القدر، وتارة أخرى من وزارة التربية والتعليم التي تتعامل مع الطلبة باعتبارهم أجهزة حاسب تحفظ وتحسب ولا مجال للفهم.