المشهد المصرى كان عظيماً محلياً وإقليمياً، وستكون له تأثيراته الدولية.. فأمس الأول، وبتنصيب عبدالفتاح السيسى رئيساً منتخباً لمصر، طوت المنطقة «جزءاً» من مرحلة صعبة من الأزمات والإرباكات والارتباكات والفتن والانقسامات السياسية المتلاحقة. هذا ما يجعل المشهد المصرى أكبر وأعمق من وصول رئيس وغياب فصيل، كما أن كل شىء كان مختلفاً بالأمس، مراسم راقية وسلسة لم تشهدها مصر من قبل، فلأول مرة فى تاريخ مصر يتعانق رئيس سابق مع رئيس جديد منتخب وهو يسلمه السلطة، وسط حضور أشقاء مصر الذين يدعمونها ويساندونها فى مواجهة تحديات كبيرة، ودعم قيادة الإمارات والسعودية لهذا الأمر، ما يجعل مساحة التفاؤل بمستقبل مصر أوسع وأكبر من مساحة الصعوبات والتحديات. فالدعم الإماراتى - السعودى لمصر لا يعرف الحدود وليس له سقف، وهذا الدعم ليس مالياً فحسب، لكن الأهم منه هو الدعم المعنوى والسياسى فى المحافل الدولية، الذى تسعى من خلاله الإمارات إلى أن تعود مصر إلى دورها الريادى والقيادى الذى لا غنى عنه فى ظل تداعيات تجتاح المنطقة. ولا شك فى أن الحشد الكبير من قادة وزعماء ورؤساء ووفود العالم فى حفل التنصيب، يبعث برسائل قوية للمترددين أهمها أن عليهم أن يحسموا مواقفهم وأن يتخلوا عن ترددهم، وأن يراجعوا آراءهم ووجهات نظرهم بشأن ما يحدث فى مصر منذ الثلاثين من يونيو الماضى. فمن الواضح أنه لا يزال هناك من هو غير سعيد بما يحدث فى مصر على الرغم من أن ما يحدث هو فى صالح شعب مصر أولاً وفى صالح شعوب المنطقة ثانياً.. ولم يعد لهؤلاء عذر ولا لغيرهم ممن يرددون مقولات وشعارات تسعى لتفريغ ما حدث فى مصر من مضمونه. لقد آن الأوان للمخالفين والمعترضين والمترددين فى داخل مصر وخارجها أن ينظروا إلى ما حدث بواقعية وتجرد، فهذا الالتفاف الشعبى الكبير حول عبدالفتاح السيسى لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه. المتربصون بمصر معروفون وإن بدا بعضهم أمس أقل تربصاً! إلا أن عليهم أن يدركوا أن الشعب المصرى هو من يقرر مصيره ومستقبله ويدرك تماماً ما يريده لوطنه، وليس من الصواب أن يتدخل أى طرف أو بلد فى الشأن الداخلى لمصر، وهذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين، وهو المسار نفسه الذى اعتمدته الإمارات تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وما أكده أكثر من مرة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال لقاءاته بالوفود الرسمية أو الشعبية المصرية. إنه المسار الذى يؤكد أن من يريدون الخير لمصر لا يُمْلون على شعبها رؤية تخالف إرادته.. وهو المسار الذى يجعل المسئولية العربية تجاه مصر مضاعفة خلال المرحلة المقبلة.