"اللي عنده نخلتين يا سعده يا هناه".. مثل شعبي متداول يؤكد أهمية النخيل، كونه مصدر سعادة وهناء لصاحبه، كما كان سببًا في ثراء الكثير من أهالي قرية فانوس التابعة لمركز طامية بمحافظة الفيوم، حيث أصبح تجارتهم الرائجة بسبب تجفيفه وتصديره أو طرحه في الأسواق خلال شهر رمضان. وعلى مساحة 200 فدان، تنتشر آلاف أشجار النخيل مصطفة بجوار بعضها البعض، وتتدلى منها عناقيد البلح بألوان وأشكال مختلفة، فيما يتسابق الفلاحون على جني ثمار النخيل ووضعها في صناديق بلاستيكية تمهيدًا لتجفيف البعض منها وبيع الآخر. وعلى مسافة ليست ببعيدة عن النخيل، خُصصت قطعة أرض فضاء مُغطاة بمفرش كبير أبيض اللون مصنوع من الأجولة لفرش التمور وتركها لتجف في الهواء الطلق، تمهيدًا لتخزينها وبيعها خلال شهر رمضان المُبارك، وبين هذا وذاك ينتشر العمال كُل في عمله بين نقل التمور من النخيل ل"المناشر" أو تعبئتها في "كراتين" و"أقفاص" تمهيدًا لبيعها. إنتاج لمدة 50 عامًا "فهمي سامي" قضى 30 عامًا من عمره في تجارة "البلح" يروي ل"الوطن" أنّ تلك مزرعته تضم 10 آلاف نخلة تتراوح أعمارها بين 4 إلى 30 عامًا، وتطرح النخلة الواحدة بين 75 إلى 125 كيلو بلح حسب نوع النخلة وعمرها، موضحًا أنّ النخلة تظل تطرح سنويًا لمدة 50 عامًا، أي أّنّ الفدان الواحد يطرح ما بين 4 ونصف طن إلى 6 آلاف طن كل عام. وعن أنواع البلح التي تُنتجها المزرعة، يقول إنّه يُنتج بلح "زغلول وسماني وحياني" وتلك الأنواع يتم بيعها طازجة ولا يتم تخزينها، بينما "السيوي والأمهات" يتم تحويلهما إلى عجوة أو تخزينهما لكي تصبح تمورًا ويتم بيعها في شهر رمضان المبارك، موضحًا أنّ الأنواع الطازجة تباع للتجار في سوق العبور بشكل يومي، بينما تمور "التخزين" يتم غسلها جيدًا وتجفيفها ثم يتم نشرها في الهواء الطلق لتجف ويتم تعبئتها بعد ذلك ويُصدر جزء منها للخارج بينما يُخزن الجزء الآخر للبيع في الشهر الكريم. ويشير إلى أنّ تمور الفيوم هي أجود أنواع التمور، وذلك لأنّ أصحاب المزارع يقومون بحُسن مراعاتها، وتطعيمها الدائم ضد سوسة النخيل، ودودة ثمار البلح، ودودة نواة البلح، بالإضافة إلى الاهتمام بتقليم النخيل من قبل متخصصين، وعدم التقليم الجائر، موضحًا أنّ المياه المالحة تضر النخيل لذلك يجب أن تكون المياه عذبة. تجارة رابحة ونوّه بأنّ زراعة النخيل لا تتسبب في خسارة لصاحبها أبدًا، فالتمور ليست الاستفادة الوحيدة من النخيل، لكن سعف النخيل يُباع لأهالي قرية الإعلام الذين يستخدمونه في تصنيع منتجات الخوص المختلفة، و"ليف النخل" يتم بيعه للفلاحين الذين يصنعون منه الحبال التي تستخدم في ربط الماشية، والبرسيم والمحاصيل المختلفة، لافتًا إلى أنّ جريد النخل يتم بيعه لقرية العجميين ليصنعوا منه الكراسي والمناضد والأقفاص. وختم حديثه قائلًا إنّه حتى "النخلة" التي تكبر وتتوقف عن طرح ثمارها، أو التي تُصبح طويلة أكثر من اللازم ولا يستطيعون تسلقها وجني ثمارها فإنهم يقطعونها وتُباع لمناجم الفحم أو صانعي الأثاث والقطع الديكورية ليستخدموها إما في صناعة الأثاث أو الديكورات الخشبية. اهتمام غائب وفي سياق متصل، طالبت نسرين سعد إسماعيل، رئيس الوحدة المحلية بفانوس، الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، بالاهتمام بإنتاج التمور في فانوس، نظرًا لعدم اهتمام المحافظين بها من قبل، فالجميع يهتم فقط بقرية بيهمو حتى اكتسبت شهرة واسعة، وذلك لقربها من مدينة الفيوم، واهتمام المحافظين السابقين بالتسويق لتمورها داخليًا وعالميًا، وأصبحت من أول المصدرين رغم أنهم يأخذون التمور من فانوس. وأكدت أنّها سعيدة بعملها في الوحدة المحلية بفانوس، نظرًا لكون القرى التابعة لها مُنتجة لعدة أشياء، حيث تشتهر بتجارة التمور والزيتون بالإضافة إلى صناعة الفخار، مُشيرةً إلى أنّ فانوس تشتهر بزراعة النخيل، وأنّ أهالي القرية يعشقون "البلح"، لدرجة أنه لا يخلو منزل في القرية من وجود نخلتين أو ثلاث أمامه بخلاف مزارع النخيل المنتشرة بالقرية.