حسناً فعلت وزارة الأوقاف بمحاولة بسط يدها على جميع المساجد فى مصر، وحسناً فعلت بمواجهة كل من لا يعمل فى وظيفة إمام وخطيب فى المؤسسات الرسمية للدولة، بل يجب أن يكون قرار المنع هو قرار دولة لا قرار مؤسسة فقط، للحفاظ على الدعوة إلى الله والحفاظ على المساجد وعقول وثقافة ودين المجتمع الذى هو دين الإسلام.. لا دين الجماعات والفرق والنحل السلفية وغيرها، والتى ثبت فسادها أخلاقياً ومالياً ودينياً. فالقول بأن الدولة، ممثلة فى وزارة الأوقاف، يجب أن يتسع صدرها على الجماعات السلفية، وقياداتها ومشايخها، باستيعابهم واحتوائهم وعدم مواجهتهم حتى لا ينضموا إلى جماعات التكفير والعنف والإرهاب التى يقودها تنظيم الإخوان حالياً، فرية عظيمة وكاذبة، لأن الواقع يقول إن الدولة فى عهد الرئيس مبارك وما قبله، فعلت لهؤلاء ما لم يفعله ولن يفعله أحد، بل فعل أكثر من نظام الإخوان الذين تحالفوا معه وفضحهم الله على رؤوس الأشهاد. مبارك، سمح لهم بحرية الدعوة واعتلاء المنابر وشرعن لهم ذلك، عن طريق التصريح لهم بإنشاء معاهد لإعداد الدعاة، تحت إشراف وزارة الأوقاف، بل وقام بإسباغ الطابع الرسمى بإعطائهم تصاريح للخطابة من وزارة الأوقاف وأجهزة الأمن، والأخيرة هى نفسها التى يقولون الآن بكفرها وزندقتها، بل وسمح لهم ببناء الجمعيات الأهلية المسمى بعضها زوراً بالخيرية، وحصل كثير منهم، من خلالها، على أموال الخير والزكاوات فى جيوبهم وبطونهم وتم استخدامها سياسياً. سمح مبارك لقيادات هؤلاء بالالتحاق بالمجمعات العلمية الكبيرة مثل مجمع البحوث الإسلامية، وسمح لهم بالانتشار فى المحافظات شرقها وغربها، وإلقاء الدروس والخطب والتسجيلات، وأصدر لهم القنوات الفضائية الدينية، وحصلوا أيضاً من خلالها على أموال بالمليارات.. نعم كان ذلك تحت سمع وبصر ورقابة الدولة، وهل يصح غير ذلك.. وهل هناك دولة تفعل كل ذلك من دون رقابة وبعيداً عنها؟ وهذه الوقائع ترد على «شبهة» أن نظام مبارك كان يعادى الدعوة والدعاة.. مبارك كان يعادى جماعات الإسلام السياسى المجرمة، التى كانت تنازعه السلطة، وتوظف الدين لذلك، وتدعى طوال الوقت الطهر والعفاف، وصدق غاياتها، وقد ثبت صحة ذلك ولله الحمد. ورغم كل ما فعله مبارك ودولته لهذه الجماعات السلفية، إلا من رحم الله، ومن هؤلاء جزء من جماعة أنصار السنة المحمدية، فإن هؤلاء انقلبوا إلى العمل السياسى، وصاروا فرقاً وشيعاً وأحزاباً، مثل النور والوطن والفضيلة، وأسماء سموها، انقلبوا خلالها على «دعوتهم» التى ضللوا بها الناس، التى كانوا يدعون بها أيام مبارك، وصار الكثير الآن منهم يكفر المجتمع ويدعو إلى القتال، بل وإلى قتال مؤسسات الدولة «الممتنعة» وانخرط الكثير منهم فى العنف والتفجير والتكفير ما عدا قلة منهم. وعليه فإن القول بأن على الدولة أن تسمح للجماعات السلفية بالعودة إلى المساجد، واعتلاء مشايخها المنابر مرة أخرى خطأ كبير، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، أو فيما معناه. وإذا كانت الدولة قد لدغت من هذه الجماعات مرة فى عهد مبارك، فيجب ألا تلدغ الآن، بأن تعيد الكرة مرة أخرى، فالشيخ المعروف لهذه الجماعات الذى اعتلى المنبر عنوة، قبل أيام، ما كان يجرؤ أن يفعل ذلك أثناء حكم مبارك، فهؤلاء يخافون ولا يختشون، وهنا معنى آخر يشير إلى أن هؤلاء لا تحكمهم سوى لغة القوة، لا لغة الحوار وقبله دين الإسلام، وعليه فإن التحية واجبة لوزير الأوقاف الذى يؤكد أنه رجل دولة ورسالتى له هى: «لا تأخذ فى هؤلاء شفقة، فهم مجرمون وخائنون.. خانوا الدعوة قبل أن يخونوا الوطن، وخانوا الله قبل أن يخونوا المجتمع».