أدعوكم اليوم أصدقائى للاحتفال بعيد ميلاد عالم عربى، برغم مرور 1147 عاما على مولده، و1080 عاما على رحيله، ما تزال ذكراه تنبض بالحياة حتى إن محرك البحث العالمى «جوجل» احتفل بمولده. إنه شيخ الأطباء العرب أبوبكر محمد بن زكريا الرازى. فى النصف الثانى من القرن التاسع الميلادى وفى العصر العباسى الثانى، عاش أبوبكر الرازى حياة حافلة بالعلم والفن، فهو أول من اكتشف تأثير الموسيقى على الصحة النفسية للمريض، فكانت أنامله تجيد العزف بمهارة على أوتار العود كما تجيد العزف بمهارة على أوتار الروح والبدن فتكتشف وتعالج الألم. وعندما أراد الخليفة العباسى المعتضد بالله بناء بيمارستان (مستشفى) فى بغداد ليس له مثيل فى كل البلاد، لم يجد أمهر من الرازى لاختيار مكان البيمارستان والإشراف عليه عندما يكتمل البناء. فكر الرازى فى فكرة عبقرية لاختيار مكان البيمارستان، فعلق عشر قطع من اللحم فى أماكن متفرقة ببغداد، وكان فى كل يوم يراقب أى القطع ستكون الأسرع فى الفساد، وعلى ضفاف نهر دجلة كانت قطعة اللحم الأخيرة تجف ببطء ولم تتعرض للفساد، فى هذا المكان الذى وجد الرازى أنه يتمتع بجو صحى خالٍ من التلوث، كان ميلاد بيمارستان بغداد، على يد العبقرى الرازى صاحب الفضل على كل الأطفال فى كل زمان ومكان، فهو أول من وضع كتباً فى طب الأطفال وفرق بين مرض الحصبة والجدرى الذى كان يصيب الكثير منهم. العلم طائر حر، لا وطن له، تغريده بحدود الكون، لذلك فقد ظلت الكتب التى ألفها الرازى، وعددها 229 كتابا، ظلت مرجعاً مهماً فى علم الطب فى أكبر جامعات فرنسا وبريطانيا حتى القرن السابع عشر. ومن منكم يا أصدقائى يحلم أن يصبح طبيباً سيقترب أكثر من علم الرازى وفلسفته وسيستفيد بعلمه الذى سبق عصره فى علاج الكبار والأطفال، وهكذا تتواصل الأجيال.