حقاً إنها الفتنة، لعن الله من أيقظها. محافظة أسوان محافظة سياحية يتسم أهلها على مر العصور بنبل المشاعر، ورقة القلوب، وبشاشة الوجوه، فهى بلاد طيبة، الحضن الدافئ للغرباء والسائحين، يفيض نيلها بالحب والخير والنماء. يتسم سكانها بالنخوة والتسامح والإباء. كيف يحدث فيها ما جرى؟! ليست هذه أسوان التى نعرفها، وليست هى المحافظة الآمنة المسالمة.. شهدت هذه المدينة الهادئة أحداثاً غير مسبوقة من العنف والقتل والترويع، لن تنمحى هذه المشاهد بسهولة من أذهان الأسوانيين، ترويع وقتل وتمثيل بالجثث وإشعال الحرائق وتعصب عرقى أسفرت عن قتل 26 مواطناً من أهالينا فى بنى هلال والنوبة فضلاً عن عشرات المصابين. يقال إن بداية الخلاف حدثت داخل مدرسة محمد صالح حرب الميكانيكية بمنطقة النفق شرق أسوان، حيث نشب خلاف بين طالب نوبى دابودى وآخر من قبيلة بنى هلال، وامتد الخلاف إلى الشارع ليستدعى كل طرف أهله وذويه للمشاركة فى حرب شوارع، ويقال إن مبايعة بعض قيادات النوبة لترشح المشير عبدالفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية واستقباله لهم أثار حفيظة بعض الأسر من قبيلة بنى هلال، وأدى ذلك إلى إطلاق الأعيرة النارية عشوائياً وحرق بعض المنازل على سكانها الآمنين، ويقال أيضاً إن ما حدث هو فتنة متعمدة من جانب جماعة الإخوان الإرهابية ساعد على إشعالها أحد المدرسين المنتمين للجماعة الإرهابية تفعيلاً لما ذكره الرئيس المعزول محمد مرسى أثناء إحدى جلسات المحاكمة: «هو الصعيد ساكت ليه؟»، وبعد نحو 48 ساعة اشتعلت نيران الفتنة فى جنوب الوادى. وكان للصور المسيئة التى نشرتها بعض المواقع الإلكترونية وساهم فى ترويجها بعض الفضائيات المنفلتة التى لا تلتزم بآداب وأخلاقيات المهنة دور كبير فى إذكاء نيران الفتنة بين قبيلة الدابودية التى تنتمى إلى النوبة، وقبيلة بنى هلال التى نزحت من محافظة الأقصر واستقرت بمناطق خور وعواضة وزرزارة والسيل الريس والصحابى بمحافظة أسوان. وللأسف الشديد وقعت الفتنة بين عائلات النوبة والهلالية على أرض أسوان الطيبة. وهناك تساؤل عن مدى وجود علاقة بين زيارة الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، للسودان وإيداع مليار دولار فى البنوك السودانية لإثارة الفتن وإشعال الصراعات العرقية فى جنوب مصر. عموماً كل الشواهد تشير إلى وجود طرف خفى ساهم فى إشعال هذه الفتنة، وهذا لا يمنع من الإقرار بوجود تقصير أمنى واضح فى التعامل مع تلك الأحداث المأساوية. إن هيبة الدولة تتداعى لأسباب غير مفهومة، وبيئة الفتنة مواتية لأسباب الفقر والبطالة والتهميش والإقصاء لمتطلبات أهلنا فى جنوب الوادى. فهناك الكثير من الكارهين والمتربصين بمصر والمصريين، يبذلون كل الجهد لإعاقة خارطة المستقبل، فهل تعى الحكومة ذلك؟ وهل لديها القدرة على المواجهة والتصدى لعوامل الفتنة والإرهاب؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.