صديقي وعزيزي عم مجاهد.. كيف الحال.. أنا أعلم أنه مر وقت طويل على أخر رسالة مني إليك.. لن أكذب عليك، ولكني لا أعلم سبب هذا التوقف.. فأرجوك ألا تحزن بسببي. القاهرة كما هي، لكنها ازدادت حُزنًا وألمًا.. لن أتكلم عن المحروسة اليوم، ولكني الأن أراسلك لكي أشكو لك حالي نعم، فأنت صديقي الوحيد الذي لا أملك سواه، فأرجو منك أن تتحملني. أصبحت يا صديقي إنسان حزين ثقيل القلب الأمور تتعقد، ولم أعد قادر على الاحتمال.. الأمور تزداد ضغطًا، والقاهرة لا تقف مكتوفة الأيدي، لكنها تزيد حالي حُزنًا وهمًا. لا أستطيع أن أصف لك كيف حالي ولا حال من يقف على هذه الأرض، ولكن ليس لنا سوى الله هو من يرأف بحالنا. التحرش وصل لمرحلة حيوانية مقذذة أصبح الأمر شبه مستحيل أن تعود فتاة إلى ديارها دون أن تتأذى نفسيًا.. حتى في الجامعات تعاني الطالبات من تحرش لفظي، وتحرش جسدي في صورة من أبشع صور الشهوانية الحيوانية التي لا تتفق مع جنس البشر، وما يزيد الأمر عارًا هو أنك تجد من يخرج على شاشات التلفزيون خالعًا رداء الرجولة والآدمية، ويبرر التحرش ويلوم الفتاة على ملابسها ويحي بألفاظ تلوث شرفها ويقول للشباب المتحرش "عيب ميصحش كده أخص عليكم " تتخيل ؟! أصبح الأمر مأساويًا للإناث في بلد التدين المزعوم؛ لدرجة أن أصبح لي يقينًا بأن وجود الفتاة في مصر سيشفع لها في يوم القيامة. ما زاد قلبي همًا ووجعًا هو أني كنت أسير منذ يومين في أحد شوارع القاهرة الحزينة فوجدت شابًا في الثلاثين من عُمره، ولكنه يرتدي وجه رجل ابن سبعين ربيعًا من كثرة همه.. الحُزن والجوع كسيا وجهه حتى أنك لا تستطيع أن تُميّز ملامحه.. يرتدي قميص مهلهل وبنطلون جينز يكشف أكثر ما يستر، وإذا به يقول لي "ممكن يا باشا لو محتاجين شغل في البيت آجي اشتغل"، وإذا بي بكل قساوة وغطرسة وعدم إحساس اُخرج جنيهين لكي أعطيه إياهم.. فلمعت عيناه بالدموع وقال لي " لا يا باشا أنا مش شحات، أنا عايز اشتغل.. أنا عزيز النفس"، شعرت بخجل وخزي وتأسفت له.. أما هو فابتسم ورحل. الكبير جاي (الشرعية.. لا أنتوي الترشح .. واحد مننا)، ملعون يا صديقي وغير مستحق كل من يجلس أو سيجلس على كرسي الحكم طالما هناك من يئن من الألم، ملعون كل من يتكاسل في حقوق النساء في حياة كريمة، ملعون كل من يغمض عينيه عن احتياجات الشباب والفقر.. ملعون كل من يتجاهل دم الشهداء الذي يلعن كل يوم من تكاسل في القصاص له.. ملعون يا صديقي كل من تخلى عن الآدمية. لا تتخيل كم الألم والحُزن اللذان يخيمان علىّ.. صلي من أجل مصر ومن أجل المقهورين ومن أجلي يا صديقي! سلامي و تحياتي.