سيطرت أنباء ابتكار علاج فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز) وفيروس الالتهاب الكبدي "سى" على جميع وسائل الإعلام المصرية، وغطت أخبار هذا الابتكار على جميع الأخبار العلمية الأخرى. ومن أهم هذه الأخبار التي مرت مرور الكرام، ولم يشعر بها أحد نبأ إعلان الأستاذة الدكتورة رشيقة الريدي التوصل لدواء مصري جديد لعلاج مرض البلهارسيا بدون آثار جانبية تقريبا، حيث يعتبر مكملاً غذائيا للأطفال الذين يعانون من فقر الدم بسبب البلهارسيا. ومن المتوقع أن يؤدى هذا الإعلان إلى احتدام معركة طاحنة حول تطوير لقاحات لأخطر الامراض في ظل الإعلان عن دواء مصري جديد لعلاج مرض البلهارسيا، وقد تعيق هذه الحرب النشاط البحثي في مصر وغيرها من دول العالم النامية التي تستهدف علاج الأمراض الشائعة والمزمنة التي تصيب أبنائها. وكانت العالمة المصرية الدكتورة رشيقة الريدي الأستاذ بجامعة القاهرة قد قالت في تصريحها لجريدة الأهرام المصرية: «انني توصلت بمساعدة الدكتورة علا الصغير أحد اعضاء فريقي العلمي لدواء مصري جديد لعلاج البلهارسيا، وهو عبارة عن حمض الاراكيدونيك، وهو جزء من سطح الخلية البشرية، ولا يتم استخراجه من الخلية، ولكن يتم الحصول عليه من بعض انواع الفطريات بالتعاون مع شركة دي. اس. ام الهولندية التي تقوم بإنتاجه، حيث نشرنا في ابحاثنا عن التأثير القاتل لهذا الحمض على البلهارسيا، وتم تجربته على فئران تجارب كبيرة، ثم حصلنا على موافقة وزارة الصحة المصرية لتجربته على 300 طفل مصري، وهو دواء جيد وآمن جدا ويعتبر مكملا غذائيا للأطفال الذين يعانون من فقر الدم الذي يعتبر أحد التأثيرات المدمرة للبلهارسيا على الاطفال وبالذات في الريف المصري حيث يعاني الاطفال من سوء التغذية نتيجة عدم الحصول على اللحوم الحمراء، فهذا الدواء علاج وغذاء ودواء في نفس الوقت.» واضافت الدكتورة رشيقة الريدي: «الدواء يؤخذ على شكل كبسولات عن طريق الفم لمدة خمسة ايام كحد أقصى وبنسبة فاعلية تبلغ 70% وهي نفس نسبة الفاعلية المستخدمة حاليا في الادوية الأخرى الا انه أكثر أمانا من الادوية السامة التي يتناولها المرضي حاليا، ولكننا سنواصل تجاربنا لنزيد نسبة فاعليته. وقالت انه بمجرد اعلان الشركة الهولندية في مؤتمر صحفي عالمي عن الدواء الجديد والبدء في انتاجه خلال ستة أشهر سندخل في مفاوضات قانونية لتامين حقوق الملكية الفكرية الخاصة بنا. واشارت الي ان حمض الاراكيدونيك يستخدم كدواء لنمو النظر والمخ في الاطفال وفي نمو العضلات للرياضيين، ولكن ابحاثنا توصلت الي قدرته القاتلة على دودة البلهارسيا الخبيثة.» وبإعلان د. رشيقة عن نشر الجزء المتبقي من ابحاثها عن لقاح البلهارسيا تكون في انتظار البدء في الخطوات التجريبية والتطبيقية حول هذا اللقاح. وبرغم فرحى بهذا الإنجاز الرائع لعالمة مصرية وزميلة تعمل بنفس الكلية التي أعمل بها، كلية العلوم – جامعة القاهرة، إلا أن أكثر ما أثار حفيظتي في حديث العالمة الجليلة هو التلميح بوجود حرب مصالح تعيق مثل هذا النشاط البحثي في مصر والعالم لعلاج مرض أبتلى به المصريين منذ عهد الفراعنة، كما أبتلى به الكثيرين حول العالم، بالرغم من التقدم الطبي الحديث والثورة العلمية المتمثلة في علوم الجينومات والتي توصلت إلى فك الشفرة الوراثية لجينوم البلهارسيا. وتلمح الدكتورة رشيقة في حديثها إلى أن هناك صمتًا مريبًا لأساتذة طب الكبد والكلي والسرطان في مصر يتمثل في عدم الحديث عن الربط الاحصائي الواضح بين انتشار البلهارسيا وتفشي امراض الفيروسات الكبدية والفشل الكلوي والسرطان في مصر، وهذا ما تراه أنه يمثل عائقًا عن تشجيع التوصل الي لقاح ضد مرض البلهارسيا المسبب الاول لتدهور صحة نسبة كبيرة من المصريين مؤكدة انها هي فقط التي تقوم بهذا الربط، في الوقت الذي لا تشجع فيه منظمة الصحة العالمية ابحاث التوصل للقاح ضد البلهارسيا. وتضيف الدكتورة رشيقة أنها تتعاون مع عالم الهندسة الوراثية الكندي المعروف الدكتور جون دالتون، الذي يعمل منذ نحو عشرين عامًا في هذا المجال، وقد يتمكنا سويًا من تحضير وانتاج لقاح نقي عملي رخيص السعر يتاح لجميع المصابين في انحاء العالم. ولكنها، أشارت الي انه في حالة انتاج هذا اللقاح على المستوي الدولي فان دالتون سيحصل على نسبة كبيرة من الأرباح، وقالت انها تتوقع مقاومة سياسية ووحشية ضد هذا اللقاح من اطباء الكبد والكلي والسرطان في مصر وذلك في حالة البدء في انتاجه على الرغم من انها اشارت الي ان انتاج مثل هذا اللقاح يعتبر سلاحًا سياسيًا مهما لمصر وسيساهم في حل مشكلة النزاع على مياه النيل وخاصة مع الحبشة لان أكثر من نصف سكان الحبشة مصابون بمرض البلهارسيا، كما ان البلهارسيا تصيب نحو عشرين مليونا في الصين أيضًا. وحسب حديث الدكتورة رشيقة، فمن الواضح أن دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية في الصراع الدولي لإنتاج لقاحات لأخطر الامراض انتشارًا في هذا العصر وخاصة في افريقيا وهما الملاريا والبلهارسيا، قد يؤجج هذا الصراع. ومن الواضح أن لدى عالمتنا الجليلة الكثير من الأفكار والنظريات العلمية والتي نشرت الجزء الاول منها في شهر ابريل الماضي في مجلة الطفيليات الامريكية، والمبنية على استخراج جزء مفرز انتجين او مورث من دودة البلهارسيا بالإضافة الي مكمل يستطيع توجيه الجهاز المناعي للوجهة الصحيحة التي تمكنه من مقاومة الطفيليات التي تضعها الدودة في الاوعية الدموية للإنسان مسببة له هذا المرض وتداعياته الخطيرة على القدرة المناعية للجسم لمقاومة الفيروسات والميكروبات. ومن المقرر أن تقوم قريبا بنشر الجزء المتبقي من هذه الابحاث لتأمين وحفظ الملكية الفكرية الخاصة بأبحاثها التي تتمتع بمصداقية عالية. ولهذا أدعو المؤسسات الطبية والعلمية الرسمية المصرية لتبنى مثل هذه البحوث الجيدة، وأدعوا المؤسسة العسكرية بصفة خاصة لتبنى مثل هذه البحوث التي تتحرى المنهج العلمي والمعايير الدولية لابتكار الأدوية وإختبارها، والتي يقوم عليها علماء مصريين متميزين حيث أن خطر مرض البلهارسيا الذي ينتشر بصورة رئيسية في أفريقيا، وتبلغ عدد الاصابات المرضية به حوالي 100 مليون إصابة، وينتشر في بعض الدول مثل مصر وسوريا وتركيا وإيران، لا يقل بالطبع عن خطورة الأمراض التي أعلنت المؤسسة العسكرية عن تبنى اكتشاف طرق حديثة لعلاجها. وفى رأيي أن تبنى مثل هذه البحوث، سيضيف مصداقية كبيرة لما أعلن عنه من تبنى المؤسسة العسكرية للبحث العلمي الذي يعالج قضايا تمس الأمن القومي المصري.