حكاية هذه الصورة تعود لسنة 1997 حيث كانت أمريكا تشهد أكبر حرب "اقتصادية" بين اثنين من أبنائها!، الأول: "بيل جيتس" مؤسس شركة "مايكروسوفت" والثاني: "ستيف جوبز" مؤسس شركة "آبل"، في تلك الفترة كانت قد وصلت الحرب بينهما لدرجة انهيار كامل لشركة "آبل" ورحيل مؤسسها "جوبز" عنها واكتساح "مايكروسوفت" لسوق الكمبيوتر في العالم وتربع "بيل جيتس" على قائمة أغنى أغنياء العالم وكان ذلك حقه، فحق أي "اقتصادي" أنه ينافس .. ويكتسح .. ويكسب .. ضارباً بعرض الحائط وجود الآخر. ولكن العجيب: أنه رغم تقدم الاقتصاد الأمريكي بفضل النجاح المبهر "لمايكروسوفت" إلا أن الحكومة الأمريكية أعلنت قلقها من انهيار شركة "آبل" التي وصفتها بواحدة من أهم أيقونات الاقتصاد الأمريكي. والأعجب: أن تصريح "الحكومة الأمريكية" هذا يخالف ما تتبناه من مبادئ رأسمالية تدعو لحرية السوق والبقاء للأقوى ومع ذلك صرحت بما يخالف (مبادئها) خوفاً على "الوطن الأمريكي". أما الأشد عجباً : فكانت هذه الصورة التي كانت من مؤتمر "ماك ورلد" سنة 1997 الذي عقده "ستيف جوبز" الذي عاد لشركته كرئيساً لمجلس الإدارة لإنقاذها وفاجأ فيه الحضور باتصال فيديو مع "بيل جيتس" أشد أعدائه وأشد أعداء شركته. أما الخيال الذي حطّم الواقع: فكان عندما أعلن "بيل جيتس" تبرعه لمنافسته شركة "آبل" بمبلغ 150 مليون دولار، بالإضافة لتوفير البرمجيات الضرورية لنظام "آبل". وكعادة الجماهير المتحزبة: فقد شهد المؤتمر صياحًا واستهجانًا من جمهور "آبل" وأطلق بعضهم الشتائم مباشرة ل"بيل جيتس" الذي لم يرد عليها إلا بابتسامة، ورد عليهم "جوبز" في جملة واحدة : "يجب أن نتخلى عن الفكرة القائلة بأن (آبل) يجب أن تفوز و(مايكروسوفت) يجب أن تخسر". وكانت النتيجة طبعاً أن "مايكروسوفت" استمرت وكذلك "آبل" استمرت والمواطن الأمريكي المتحزب بينهما كسب كمبيوتر من "مايكروسوفت" وأيفون وآيباد وآيبود من "آبل"، و"أمريكا الوطن" كسبت أيقونتين اقتصاديتين أذهلتا العالم بتقدمهما وتطورهما. ولذا فمتى نتعلم أن "الوطن" أهم من أن تخطط بعض الأحزاب لإقصاء الآخرين وأنه ليس مستحيلاً أن يدعم "حزب" حزباً آخر وهو ينافسه وتكون المنافسه على أن يرتقي الوطن وأن ننفع الناس وليست المنافسة في أن يخون كل مننا الآخر وأن ينزع عنه وطنيته وأن ينهار الوطن وأقصد هنا طبعا "الوطن المصري". فهل من الممكن أن نتنافس ونختلف في يوم ما دون هدم وطننا وشعبنا العظيم صاحب التاريخ والحضارة؟