"رجل في مهمة وساطة نادرة".. هكذا وصفت وسائل الإعلام العالمية شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني، الذي يتجه إلى إيران الأربعاء المقبل في مهمة دبلوماسية نادرة، يسعى من خلالها إلى تهدئة التوتر بين إيران وأحد حلفائها الرئيسيين، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية. وعلى المستوى الثنائي تكتسب الزيارة أهمية خاصة، كونها الزيارة الأولى منذ ما يزيد عن 4 عقود هي عمر الثورة الإيرانية تقريبا، إذ تأمل طوكيو في وساطة ناجحة بين واشنطنوطهران خلال الزيارة التاريخية، التي يسعى رئيس الوزراء الياباني أيضا لإظهار قوته الدبلوماسية ودوره الخارجي قبل الانتخابات المقبلة، واستغلالا لعلاقاته الشخصية الوطيدة بالرئيس الأمريكي ترامب، وروابطه الودية مع النظام الإيراني. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن خلال زيارته إلى طوكيو أواخر مايو، أنّه لا يزال منفتحا إزاء إجراء محادثات مع طهران، في ما بدا وكأنّه إعطاء الضوء الأخضر لخطة آبي. وقال آبي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب: "عبر التعاون الوثيق بين الولاياتالمتحدةواليابان، أود أنّ أساهم في تخفيف التوتر الحالي بشأن إيران". ونقلت وكالة "جي جي برس" اليابانية، أنّ رئيس الوزراء سيلتقي خلال زيارته التي ستستغرق عدة أيام بالرئيس الإيراني حسن روحاني ومسؤولين آخرين، لحثهم على التوصل لحل سلمي مع الإدارة الأمريكية. وقال مسؤول بوزارة الخارجية اليابانية: "اليابان هي الدولة الوحيدة التي يمكن للجانبين أنّ يتحدثا معها بصراحة"، مشيرا إلى أنّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أجرى زيارة مفاجئة إلى اليابان في منتصف مايو الماضي قبل زيارة رسمية للرئيس الأمريكي. وقال مسؤول حكومي لوكالة "فرانس برس"، إنّ طوكيو "لا تزال تعمل على ترتيب التفاصيل بما يشمل لقاءات رئيس الوزراء هناك"، لكن وسائل إعلام محلية أشارت إلى أنّه سيلتقي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامئني والرئيس حسن روحاني. وتقيم اليابانوإيران علاقات جيدة، إذ تعتمد طوكيو التي تفتقر إلى موارد الطاقة، على واردات النفط من الشرق الأوسط، ويشكل النفط الإيراني 5.3 من إجمالي واردات البلاد بحسب أرقام السنة الماضية. وكان الرئيس الأمريكي انسحب من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى في العام 2015، وأعاد فرض عقوبات على طهران. ثم تصاعدت الحرب الكلامية بين البلدين ما أثار مخاوف من تطورها إلى نزاع عسكري بعدما أرسلت واشنطن حاملة طائرات وسفينة حربية وبطارية صواريخ باتريوت والقاذفات الاستراتيجية بي-52 إلى المنطقة. الموقف الإيراني من الوساطة ونقلت وكالة "أرنا" الإيرانية اليوم الإثنين عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف، قوله إنّ إيران لا تتخوف أبدا من الحوار مع الدول الصديقة. وأوضح ظريف في شرح تقييمه للمستقبل السياسي للبلاد في ظل الوضع الإقليمي والدولي الحالي وزيارة رئيس الوزراء الياباني إلى طهران، أنّ مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية هو استمرار السياسة الحكيمة والمنطقية للجمهورية الإسلامية. وأضاف وزير الخارجية الايراني: "لا نشعر بالقلق أبدا بشأن الحوار مع الدول الصديقة والدول التي تربطنا علاقات معها، وعلى هذا الأساس سنتحدث مع المسؤولين في اليابان". ويأتي ذلك فيما اختتم وزير الخارجية الألماني زيارة وساطة أخرى إلى إيران ضمن جولة إقليمية، ودعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في مستهل زيارته إلى طهران القيادة الإيرانية إلى عدم ربط التمسك بالاتفاق النووي المثير للجدل بالأسباب الاقتصادية فقط. وذكرت وكالة فارس الإيرانية أنّ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس يصل العاصمة الإيرانيةطهران للقاء المسؤولين الإيرانيين، وبحث التوترات القائمة في المنطقة بين الجمهورية الإسلامية والولاياتالمتحدةالأمريكية". وفي ختام رحلته إلى الشرق الأوسط يحثُّ ماس في إيران على الحفاظ على اتفاق فيينا النووي والالتزام به. وقال ماس، اليوم: "نعلم أنّ الفوائد الاقتصادية التي كان لدى إيران أمل في الحصول عليها عبر هذا الاتفاق، من الصعب تحقيقها في هذا النطاق بدون الأمريكان، لكني أعتقد أنّ هناك أيضا مصالح سياسية واستراتيجية للحفاظ على هذا الاتفاق والحوار مع أوروبا، وهذا يتعين إدراكه أيضا في طهران". وتعتبر ألمانيا أنّ الاتفاق النووي يمثل ضمانة للسلام، وأوضح المركز الألماني للإعلام أنّ الاتفاق يعتبر ضمانة للسلام والأمن في الشرق الأوسط، ففي العام 2015 وقعت الصينوألمانيا وفرنسا وروسيا وبريطانيا العظمى والولاياتالمتحدةوإيران اتفاق فيينا النووي، ويسمى بالإنجليزية خطة العمل الشاملة المشتركة JCPoA، بعد مفاوضات دؤوبة استمرت سنوات عديدة، تمكنت خلالها الأطراف من التوصل عن طريق التفاوض إلى حل للنزاع الخطير بشأن البرنامج النووي الإيراني. ورغم انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق، إلا أنّ تنفيذ خطة العمل المشتركة JCPoA كان ناجحا حتى الآن، فالخطة تُعدُ مساهمة مهمة في هيكل عدم الانتشار العالمي وتسهم في تحقيق الأمن في المنطقة. وتلتزم ألمانيا وأطراف الاتفاق الآخرون بالحفاظ على الاتفاق - بما في ذلك امتثال إيران الكامل للالتزامات المتفق عليها. ويدور الخلاف الأمريكي بالأساس حول الانسحاب من الاتفاق النووي "خطة العمل الشاملة"، وتعني خطة العمل الشاملة المشتركة الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا عام 2015. وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة مكالمة هاتفية مع نظيره الياباني شينزو آبي، قبيل زيارة الأخير إلى إيران، ضمن جهود طوكيو للحد من التوتر بين طهرانوواشنطن، وأكد نتنياهو في أثناء المكالمة، بحسب بيان صدر عن مكتبه، ضرورة "مواصلة الضغط على إيران لصد عدوانها في المنطقة".