مثل طيور الغابات الاستوائية «الببغاوات» يحلو ل«بقايا» رواسب الجماعة الإرهابية ترديد كلمات العنوان الذى يتصدر هذه السطور كما لو كانوا يبحثون عن آخر «طلقة» فى سلاحهم الانتقامى ليوجهوه إلى الملايين بعد أن فشلوا فى الاحتفاظ بالوطن -«رهينة» لديهم أو «غنيمة» حرب خادعة خاضوها فى مواجهة «شعب»- سوى لمدة عام واحد فقط أفاق بعدها ليركلهم خارج المشهد بأكمله! ولأن غاية تحقيق «المصالح» يمكن أن تجمع بين «بلح الشام وعنب اليمن» فقد التف حول ذلك الشعار «الرتيب» بقايا من يسمون أنفسهم «النخبة» ليجاوروا «رواسب الجماعة»، فربما يفتح هذا الالتفاف أبواب الاستوديوهات أمامهم لتلتقط عدسات «فضائيات التوك شو» صورهم بعد أن انحسرت عنهم أضواء «برامج الهواء» ولتذهب المصلحة القومية إلى الجحيم فى مقابل دولارات المنظمات «الحكوكية» الدولية! وعلى الرغم من كراهيتى الشديدة لذلك التعبير «حكم العسكر»، إذ إن أبناء المؤسسة العسكرية هم مواطنون وطنيون حتى النخاع وليسوا من «المرتزقة أو الإنكشارية»، إلا أن الغريب أن أحداً من ذلك التحالف «الشاذ» لم يلتفت إلى المعنى الصحيح لتعبير «حكم العسكر» الذى يرددونه كلما اقترب المشير عبدالفتاح السيسى من إعلان ترشحه للرئاسة! فالحكم العسكرى يعنى فى مفهومه الصحيح أن يكون الرئيس عسكرياً وهو أمر لا ينطبق على المشير فى حال استقالته من منصبه الحالى ليقدم أوراق ترشحه للرئاسة، إذ أنه فى حال فوزه فى الانتخابات سيكون رئيساً ذا خلفية عسكرية وليس رئيساً عسكرياً -وهو ما ينطبق على حكم «البشير» فى السودان الذى لم نسمع حرفاً واحداً ناقداً له سواء من جانب «النخبويين أو الإرهابيين» على حد سواء!! نقطة أخرى هى أن الحكم العسكرى يعنى أن تُشكل الحكومة من «جنرالات الجيش» إضافة إلى أن يكون قادة الجيش على رأس مؤسسات الدولة المختلفة، وهو ما لن يحدث فى الحالة المصرية، إذ يكفى ما تضمنه الدستور فى ديباجته من أن مصر دولة «حكومتها مدنية»!! فى ضوء ما سبق فإننا نستطيع أن نقول إن الفترة التى شهدت فيها مصر حكماً عسكرياً «وطنياً» هى تلك التى مرت علينا فى مطلع ثورة 52 وقت أن كان مجلس قيادة الثورة فى صدارة الحكم بينما كانت الحقائب الوزارية فى يد شباب الضباط الأحرار.. أما تلك الفترة التى تولى فيها المجلس العسكرى مقاليد الأمور فلا يجب اعتبارها حكماً عسكرياً، إذ كانت هناك حكومة مدنية ومجلسا «البرلمان والشورى» بصرف النظر عن الرأى فى هذه المؤسسات وقتها! وإذا كان البعض قد يتأثر بتلك «الهلضمة» التى ترددها رواسب الطرفين «الإرهابيين والنخبة» حول مساوئ ما يسمونه «حكم العسكر» الذى يطالبون دوماً بإسقاطه فإن نظرة واحدة فقط على ما تحقق من إنجازات أضافت «نهضة تنموية حقيقية» ونقلة حضارية لمصر وقت تولى محمد على حكم البلاد فى القرن التاسع عشر، أفلم يكن عسكرياً؟! إضافة إلى ما حققه «ناصر» ورفقاء السلاح فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى تكفى لتبديد هذه المخاوف.. هذا من جانب، ومن جانب آخر يكفينا ما مُنى به الوطن من أزمات ونكسات وتراجع على يد «المعزول» على مدى عام واحد فقط!! نحن بالفعل فى حاجة إلى قائد ونظام حاسم يستطيع إعادة الانضباط إلى مصر.. أن يُجمع ولا يُفرق، أن يصون ولا يُبدد، أن يحافظ على الوطن ولا يفرط فيه، أن يكون الانحياز لإرادة الملايين هو بقعة الأرض «المحايدة» التى يقف عليها دوماً. أما من يستهويه ادعاء بطولة زائفة بترديد «يسقط.. يسقط.. حكم العسكر» فقد آن الأوان أن «تسقط» من يده تلك «الريشة» التى يحلو له أن يحاول أن يرسم بها لوحاته الخيالية على سطح مياه «محيط هادر»!!