باخرة بيضاء فى وسط النيل الأزرق، استمرت رحلتها 1000 كيلومتر، بدأت من أرض التراث والحضارة فى أسوان حتى وصلت إلى مرساها الأخير بمحافظة الجيزة، لتقدم خدمات طبية مجانية تخصصية من خلال 18 عيادة ومعمل تحاليل ومركز أشعة وصيدلية، وعلى غير العادة بدأت المبادرة من صعيد مصر وصولاً إلى العاصمة. رحلة المستشفى العائم الخيرى بدأت فى 26 فبراير الماضى، منحت خلالها أسبوعاً لكل محافظة من بين 8 محافظات، تفتح أبوابها للمرضى منذ الثامنة والنصف صباحاً وحتى التاسعة ليلاً، وكان الاهتمام منصباً على الأطفال فى عيادات متنوعة والأنف والأذن والأسنان والعناية بالأمهات، وبرامج للتوعية بالرضاعة الطبيعية والتغذية السليمة بالإضافة إلى التدريب الطبى لهيئة التمريض. رئيسة المستشفى: علاج 66 ألف حالة.. ونسبة الإصابة بالأنيميا والتقزم والإعاقة أعلى فى أسوان والأقصر.. وتخصيص غرف كشف لذوى الاحتياجات رافقت «الوطن»، فى جولتها بالمستشفى الخيرى، ميرفت البكرى، من أعضاء الروتارى، والتى انتقلت مع الباخرة منذ بداية الرحلة، وأوضحت أنه قد تم عمل عيادة لذوى الاحتياجات الخاصة فى مستهل ممر العيادات بحيث يسهل دخول الحالات فى حال ضيق الممر على الكرسى المتحرك أو غير ذلك من معوقات، لتدخل إلى ممر به 18 عيادة وفى نهايته معمل يقدم جميع التحاليل التى يحتاجها أى طفل ومركز للأشعة يقدم خدمات تشخيصية تصل إلى رسم القلب. عيادات الرمد تم تقسيمها لقسمين «قسم لفحص قاع العين وقسم لفحص مقاسات النظر»، بالإضافة إلى عيادات الأنف والأذن وعلاج الغدد ومرضى السكر وعيادة للأسنان والتغذية. يتخذ القائمون على المستشفى قرارهم بزيادة عدد العيادات وفقاً لحاجة المرضى وطبيعة الإقبال، مع تزويد كل عيادة بلوحة تعليمية على الباب تعطى للمريض نصيحة وقاعدة أساسية قد تقيه من كثير من التعقيدات الطبية، فعيادة التغذية رفعت شعار «هخلى بالى من أكلى عشان مفيش أهم من صحتى»، أما عيادة الأنف والأذن فتستقبل مريضها بمعلومة مهمة «لو دم نزل من مناخيرى أبص لتحت مش لغيرى»، وهكذا بالإضافة إلى محاضرات توعية مختلفة، ووفقاً ل«إنجى بكرى» فإن المد بالأدوية كان مستمراً لا ينقطع، خصوصاً من الأدوية المعالجة للفيتامينات والديدان والنزلات المعوية، حيث كان يتم صرفها بكثرة. خيمة كبيرة تتم إقامتها على المرسى بجوار الباخرة تحتوى على جميع الأدوية التى يتم صرفها مجاناً لكل الحالات التى تزور المستشفى، وقد تم إدخالها فى أسوان لتكون كل خدمات المستشفى العائم داخلية، فكان موقع الصيدلية فى مستهل دخول الحالات مما يجعل زائرى المستشفى المجانى يطمئنون لوجود أدويتهم. ووفقاً ل«إنجى منير»، رئيسة مستشفى الخير العائم، فى تصريحات ل«الوطن»، فإنه خلال رحلة المستشفى لوحظ أن نسبة الإصابة بالأنيميا والتقزم والإعاقة كانت أعلى فى محافظاتأسوان والأقصر وقنا مقارنة ببنى سويف. ولم يكتفِ المستشفى الخيرى العائم، الأول من نوعه فى مصر والشرق الأوسط، بتقديم خدمات تشخيصية وإنما هناك خطة لتقديم خدمات علاجية لاحقة للأطفال الذين تم فحص حالتهم، ففى يونيو المقبل تبدأ مرحلة العمليات الجراحية والإمداد بالأجهزة التعويضية بشكل مجانى أيضاً، حيث تم عقد مشاركات مع جهات عدة مثل «صندوق تحيا مصر» و«مصر الخير» وشركات عالمية ومحلية تحمست للفكرة وذلك تحت إشراف وزارة الصحة والسكان. وأوضحت «منير» أنه قد توافد عليه أكثر من 66 ألف حالة وهو رقم أعلى مما كان مستهدفاً حيث هدفت المبادرة لعلاج 50 ألف حالة فقط. وأوضحت رئيسة المستشفى أنه فى آخر مايو سيتم إجراء عمليات قلب لأكثر من 35 طفلاً تم تشخيصهم خلال رحلة الباخرة. وقالت «منير» إن فكرة المستشفى العائم فريدة حيث قدمت نموذجاً لا يليق بأى دولة أخرى غير مصر نظراً لأنها الدولة الوحيدة التى يمر النيل بطولها، خصوصاً أن المحافظات الأكثر احتياجاً لها مرسى على النيل، وهو أول مستشفى عائم فى الشرق الأوسط، والمرحلة الثانية ستبدأ فى يونيو المقبل. وكشفت إنجى منير أن الباخرة ستعاود رحلتها مرة أخرى فى فبراير أو مارس المقبل فى نفس محافظات الصعيد حيث القرى الأكثر احتياجاً، مع استحداث خدمات جديدة كاستقدام استشاريين من الخارج بالإضافة إلى توفير عربة لعمليات اليوم الواحد «إحنا بنحب الصعيد وعجبتنا التجربة.. هنكررها فى نفس الأماكن مع شعوبنا الطيبة».