"روث حيوانات، قمامة، أثاث محطم، زجاجات بيرة، ملابس داخلية وروائح كريهة" أشياء تنتشر بكثرة داخل مبنى "الحوض الجاف"، او طابية الدخيلة، بالإضافة إلى مدفعين حديديين أثريين متروكين على شاطئ الدخيلة، غرب الإسكندرية، حيث تمكن الإهمال من طمث المعالم التاريخية للمنطقة، وإبقاءهم خارج خريطة المزارات السياحية. "الوطن" رصدت الإهمال الذي ضرب تلك المناطق الأثرية على شاطئ الدخيلة، يقول أحمد حسن، أحد القاطنين بالمساكن المطلة على طريق الكورنيش، إنه رأى ذات مرة أحد العابرين ومعه بعض الآلات الحادة يحاول قطع المدفع الحديدي بها، وعندما توجه للحديث معه تبين أنه "تاجر خردة"، ما جعله يمنعه ويبعده عن الشاطئ، ويراقب المدفعين كل فترة حتى يطمئن على سلامتهما. وأضاف "حسن"، أن محاولات سرقة المدفعين تتكرر على فترات، حيث يستغل البعض أنها معالم تاريخية خرسانية البناء من طراز إسلامي، بها أحجار غليظة غير مستخدمة الآن، ما يجعل البعض ينخرون في تلك الأبنية ببعض الآلات الحادة لجمع تلك الأحجار الخرسانية. وأشار أشرف عبدالغفار، أحد أهالي المنطقة، إلى أن الإهمال ضرب تلك المعالم بعد التوسعات التي جرت بميناء الإسكندرية، حيث عقد اتفاق بهدم المنازل المحيطة بالمنطقة وإخلاء تلك البيوت من السكان. الأهالي: "المنطقة مرتع لمتعاطي المخدرات والأعمال المنافية للآداب" وأضاف "عبدالغفار"، أن "المكان أصبح مأوى لاختباء متعاطي المواد المخدرة، في أوقات مختلفة، وممكن بالليل تلاقي حاجات منافية للآداب، ويختبئ به بعض المراهقين مصطحبين بعض الفتيات لممارسة الرذيلة". أوضح الدكتور إسلام عاصم، رئيس جمعية "التراث والفنون التقليدية" في الإسكندرية، أن "طابية الدخيلة" أسسها الفرنسي جاليس بك الذي استعان به محمد علي باشا لعمل عددا من التحصينات العسكرية عام 1840م، حيث كان يوجد بها نحو 10 مدافع تاريخية تبقوا منهم اثنين فقط، بجانب أنه تم تدمير تلك الأبنية القلاعية عند ضرب الإسكندرية عام 1882م، في عهد الزعيم المصري أحمد عرابي، التي كانت لها أهمية عسكرية حيث أمر حينها بتطويرها واستعدادها لصد هجمات العدو الإنجليزي والفرنسي"، مشيرا إلى أن بعد الاحتلال الذي استهدف هدم كل القلاع الحربية من بينها قايتباي إلا أن صُدر قرار بترميمها عام 1940، عدا ذلك قلاع منطقة الدخيلة الكائنة بالمحيط الغربي والذي بقى على عهده. وعن المدفعين الحديديين، قال "عاصم"، إنه تم شراء المدفعين ضمن 400 مدفع من إنجلترا لتحصين الإسكندرية والسواحل دون العمل بها، في عهد الخديوي إسماعيل. مدير عام الآثار: "هناك مشروع لترميم المبان الأثرية.. وسيتم نقل المدفعين إلى كوم الناضورة في القريب العاجل" وكشف محمد متولي، مدير عام آثار إسكندرية والساحل الشمالي، عن إعداد مشروع ترميم وتطوير منطقة "الحوض الجاف"، المجاور لطابية الدخيلة حيث كانوا يستخدمونه العسكريين كإشارة لإرساء السفن، مؤكدا أن الحوض فقط تابع لهيئة الآثار، وتم الانتهاء من دراسات تابعة لكلية الهندسة جامعة القاهرة، للخروج بمشروع ترميم جديد والذي سوف ينفذ في القريب العاجل، بالتنسيق مع وزارة البيئة. وأضاف "متولي"، أن الحوض الجاف صدر له قرار تسجيل للأثريات برقم 314 لسنة 1964م، موضحا أن الحوض يعد من العمائر الدفاعية التي تم إنشاءها في العصر المملوكي وأعيد استخدامها في عصر محمد علي باشا، كي تكون منارًا لإرشاد السفن أثناء دخولها إلى ميناء الدخيلة أو إلى مرسى القناطر كما تظهر على الخرائط الجغرافية. وأوضح أن الحوض عبارة عن صهريج مياه، لكن تخطيطه لا يوحي بذلك، حيث أنه يتكون من قسمين، الأول عبارة عن واجهة يتوسطها محراب مجوف من جهة الشمال، والثاني عبارة عن كتلة بنائية مستطيلة الشكل متصل بها. وأشار إلى أن الحالة الراهنة للأثر تتمثل في تآكل بمونة ربط الأحجار المكونة للحوض المجاور لطابية الدخيلة، وسقوط أجزاء من أعلى الواجهة المطلة على البحر وكذلك تآكل الأحجار بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى تآكل شديد بالأكتاف والتيجان الجيرية والأعمدة الحاملة لعقود الحوض من الداخل. ولفت إلى أن البعض شوه ذلك المبنى بكتابة بعض العبارات على الجدران، بالإضافة إلى إلقاء القمامة والمخلفات، رغم تنظيف تلك المنطقة لأكثر من مرة بالتنسيق مع الحي، مشيرا إلى أن المشروع محلا للنقاش لوضع ميزانية لتفعيله بجانب التفكير في تدشين حملة لتنظيف المنطقة المحيطة. وأكد أن المدفعين الأثريين تم صناعتهما خصيصا في عهد الخديوي إسماعيل من طراز "إرم سترونج" يرجع تاريخهما إلى 200 سنة، موضحا أنه سيتم نقلهما إلى منطقة كوم الناضورة الأثرية، بالتنسيق مع القوات المسلحة، مشيرًا إلى أنهما مصنوعان من الحديد السميك، يصعب نقلهما إلا بإحدى وسائل النقل الثقيلة ولا يستطيع أحد قطعهما وسرقة أجزاء منهما.