أنا فى حلم مزعج؟ ما الذى أتى بى إلى هنا؟ ما هذا الصندوق الزجاجى الغريب الموضوع داخل القفص الحديدى؟ أنا رئيس الجمهورية الشرعى، كيف يضعوننى فى هذا الصندوق؟ وما هذه الملابس البيضاء؟ أين ملابس رئيس الجمهورية الشرعى؟ لا أسمع شيئاً.. صوتى لا يخرج للموجودين هناك أمامى.. من هؤلاء المصورون؟ ولماذا يحدقون فى هكذا؟.. لا أستطيع أن أتذكر ما حدث تماماً.. آخر ما أذكره مجلسى المحترم فى القصر.. على كرسى الرئاسة.. من هؤلاء الواجمون الواقفون معى فى الصندوق؟ هل أعرفهم؟ أظن أننى رأيتهم من قبل.. ولكنهم كانوا باسمين.. تلك الابتسامة التى أعرفها جيداً.. نعم كانوا يرحبون بى ويصفقون لى ويقبّلون يدى وكنا فى قفص حديدى ولكن بغير زجاج.. ولكنهم اليوم بوجوه أخرى رسمها الخوف والارتياب، لا أسمع شيئاً كأننى أصبت بالصمم.. أريد أن أعرف أين أنا؟ ما هذا الصوت العالى المدوى.. محكمة!!.. من هؤلاء الذين دخلوا إلى القاعة والكل وقوف؟.. ماذا؟ محكمة؟ محكمة من؟ الآن أسمع اسمى.. مجرداً من لقب رئيس الجمهورية.. لا.. لا بد أن أصرخ.. أن أسأل.. أنا هنا من الساعة سبعة بالليل.. أنا هنا فى الزبالة دى.. أنا رئيس الجمهورية، إنت مين؟.. سمعنى صوتك أنا مش سامعك.. جاء صوت الرجل الكبير الذى يجلس فى المنتصف يقول: أنا رئيس محكمة جنايات مصر.. وانت سامع كويس واقعد يا محمد يا مرسى.. لو سمحت.. !! يقول لى يا محمد يا مرسى؟.. دى مؤامرة.. أنا رئيس الجمهورية الشرعى.. يقول لى: أنت المتهم محمد مرسى واسكت بقى.. المتهم؟.. رأسى يدور.. من أين جاءت الصفعة؟ ماذا فعلت حتى يكون هذا مصيرى؟ أهلى وعشيرتى انتخبونى رئيساً ودخلت القصر.. أنا الرئيس.. أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة.. أنا على العرش.. ومع ذلك كنت مطيعاً للجميع.. للإمام المرشد وللمهندس خيرت ولأمير الحق الدكتور محمد الظواهرى وحتى للأخ المجاهد هنية.. سمعت كل تعليمات أجهزة الإخوة المخابراتية التركية والقطرية والأمريكية.. كل هؤلاء الأصدقاء الذين وقفوا بجانب الجماعة والإخوة.. من أين إذن جاءت الصفعة؟ ربما عندما ضغطت على المحكمة الدستورية لأقسم أمامهم القسم؟ لقد حاولت قدر جهدى وقلت لهم لقد أقسمت للإخوة فى ميدان التحرير وللجماعة والمرشد وكفى، ولكنهم رفضوا فرضخت والضرورات تبيح المحظورات كما قال لنا المرشد الإمام.. جاءوا لى بإعلان دستورى فأعلنته.. قالوا أعد البرلمان المنحل إلى مكانه فأعدته ولكن المحكمة عاندتنى.. أمرونى بإقالة المشير وزير الدفاع ولكن عاد المرشد ليقول ليس الآن، لا بد أن يكون هناك مبرر قوى.. قلت سمعاً وطاعة.. قالوا سوف نأمر بهجوم من أشقائنا المجاهدين فى حماس على الجنود المصريين أعداء الإخوة على الحدود، فيصبح لدينا مبرر لإقالته لأنه مقصر، وكنت على وشك أن أقول نحن فى رمضان وقد يكون القتل حراماً ولكننى تراجعت لأن الضرورات تبيح المحظورات.. تمت العملية بنجاح وقُتل تسعة عشر جندياً وكانت الجنازة رهيبة.. ودوّت هتافات ضدى ولكنهم طمأنونى وقالوا هؤلاء معارضون ومؤيدون للمخلوع.. لا تقلق.. قالوا هيا.. عين وزيراً جديداً للدفاع وقبل أن أسأل عنه قالوا إنه من المحبين الموالين لنا واسمه عبدالفتاح السيسى.. قلت سمعاً وطاعة.. أمرنى أمير الحق الظواهرى أن أدعو قتلة السادات المجاهدين يوم احتفال أكتوبر، دعوتهم.. وأن أمنع رجال القوات المسلحة من الاحتفال، ونفذت قال لى: يا أخ مرسى هذا احتفال بأكتوبر 1981 وليس 1973.. قلت نعم، وركبت عربة السادات وطفت بين الإخوة والمجاهدين فى الاستاد، وهتفوا لى بالروح بالدم نفديك يا رئيسنا.. وخرجت.. وكان يوماً مشهوداً.. لم أقصر فى شىء.. السولار المصرى ذهب إلى أشقائنا فى غزة وكسبنا منه أموالاً للجهاد.. فقام الخونة بإظلام مصر ليحرجونى ولم أُحرج.. ولم أَحْد عن طريق مساعدة أهلنا وعشيرتنا فى غزة، وعندما قتل الجعبرى المجاهد الشهيد، الابن الغالى لأمير الحق.. أرسلت رئيس الوزراء لتقديم واجب العزاء وقلت له اترك ضحايا الأوتوبيس من الأطفال المصريين واذهب فوراً، وذهب.. أمرنى المرشد بألا أحضر عزاء عمر سليمان الخائن لنا ولم أذهب، أرسل لى أمير الحق كشفاً بأسماء مجاهدينا فى سجون المخلوع وقال لى افرج عنهم فوراً، ففعلت.. قالوا سافر فوراً إلى إثيوبيا وحاول الإفراج عن مجاهدينا هناك والذين جاهدوا جهاد الحق وحاولوا اغتيال المخلوع.. ففعلت ولكنهم رفضوا وتركتهم يشيّدون السد على وعد بالإفراج عنهم فى المستقبل.. قالوا لا تصافح شيخ الأزهر فتجاهلته تماماً.. لا تقدم العزاء فى أحداث الكاتدرائية.. أعط لقطر ما تريده.. أعطيتهم محور قناة السويس.. وحاولت تأجير السياحة المصرية لهم لمدة خمسين عاماً.. دعوت أمير إيران وأمير تركيا إلى مصر.. ورحبت بالشيعة، فهاجمنى المصريون الخونة، فقال لى المرشد.. هاجم الشيعة، ففعلت فقتلوا أحدهم وسحلوه ومثلوا بجسده والحمد لله.. أقلت النائب العام وطهرت القضاء من المصريين، ولكن عناصر فلول المخلوع فى نادى القضاة سبّبت لنا الصداع.. مكنت الإخوة من كل مؤسسات الدولة وكل الوزارات والمحافظات.. لا تشجب قتل الجنود مرة أخرى ولا تُندد ولا تقدم واجب العزاء.. حاضر.. سنفض المظاهرات حول قصرك بمعرفتنا ونقتلهم وتخرج للشعب لتقول البلطجية قتلوا الإخوان.. حاضر.. قل لا بد أن يموت عشرة آلاف حتى يعيش الباقون فى حرية وديمقراطية.. قلت.. خُطف الجنود وقال لى أمير الحق سلامة الخاطفين يا أخ مرسى.. قلت فى خطاب مدوٍّ سلامة الخاطفين، ثم أضفت المخطوفين من عندى، حتى يبدو الأمر ديمقراطياً.. أمرنى أمير الحق بإلغاء القضاء تماماً وتطبيق الحرابة والشرع، فخرجت على الفور للجماهير وهاجمت قضاة بعينهم بأسمائهم حتى يرتدعوا.. قال أمير الحق أرسل مجاهدين إلى سوريا فدعوت دعوة عامة.. اقطع العلاقات مع سوريا.. قطعت.. اقطع ألسنة الإعلام، وكّلت الأمر إلى الأخ المجاهد حازم أبوإسماعيل، اطلق إعلامنا.. أطلقته، فأطلق ألسنته على الشعب.. أعط غزة نصف أرض سيناء.. حاضر.. أعط حلايب وشلاتين لأمريكا لتقيم فيها قاعدة حربية لحمايتنا.. أعلنت وساعدنى الإخوة فى السودان.. أعط غرب مطروح للأمريكان لقاعدة أخرى لحمايتنا وحماية المجاهدين فى ليبيا.. حاضر.. لم أعارض فى أمر، ولم أخالف لأحد نصيحة، ولم أرد طلباً لأى طرف فى قطر أو تركيا أو المجاهد هنية أو الأمير الأكبر الظواهرى، وقلت له أنتم شركاء لنا فى حكم البلاد.. لم أخالف تعليمات أصدقائنا الأمريكان ولا مبعوثيهم ولا سفيرتهم.. من أين إذن جاءت الصفعة؟ رأسى سينفجر.. كل الإخوة والأصدقاء والأمراء كانوا معى مؤيدين ومؤازرين؟ من أين جاءت الصفعة إذن؟ ما هذا الصوت الخافت المريب الذى يحدثنى فى أذنى؟ من الذى يقول: ذكرت الجميع ونسيت الشعب المصرى يا محمد يا مرسى؟ لا.. أنا الرئيس الشرعى.. أنا الرئيس المنتخب.. أنا ضد الانقلاب.. أهلى وعشيرتى يرفعون الصوابع الأربعة.. أنا قادم.. قادم لا محالة.. أنا رئيس الجمهورية.. من أنت؟ هل أخذت منى ميعاداً قبل لقائى؟ لا بد أن تتبع الأصول.