ليس من حق الداعين إلى مظاهرات 24 أغسطس (اليوم) الغضب من الحملة العاصفة التى يقودها الإخوان والسلفيون ضد نزولهم إلى الشوارع والتى وصلت إلى حد التهديد بالذبح! إن من حقهم فقط النزول والتعبير عن أنفسهم والهتاف بما يريدون، ولا يحرمهم من هذا الحق امتعاض الكثيرين من كونهم «فلول»، أما الغضب من رد فعل الجالسين على كراسى الحكم بعد الإعلان عن هذه المظاهرات فهو السفه بعينه. فماذا ينتظرون وهم يطالبون بإسقاط جماعة الإخوان التى قادت الرئيس محمد مرسى إلى كرسى الرئاسة، بالتعاون مع مجموعة ممن رفضوا مرشح الفلول «أحمد شفيق»؟ إذا كان الداعون إلى هذه المظاهرات أصحاب قضية حقيقية فلينزلوا إلى الشوارع، حتى ولو كانت سكاكين ورصاصات الإخوان والسلفيين سوف تعمل عملها فيهم، امتثالاً للفتاوى التى أصدرها مشايخهم التى تقول إن المنخرطين فى هذه المظاهرات هم من البغاة الذين خرجوا على الحاكم الذى تمت بيعته، وإن عقوبة الباغى هى القتل! فلينزل هؤلاء إلى الشوارع وليثبتوا أنهم أصحاب قضية، على أتم استعداد لدفع ثمن الدفاع عنها، هكذا يفعل المؤمنون بمبدأ أو فكرة، تماماً مثلما فعلنا فى ثورة الخامس والعشرين من يناير. فالله وحده يعلم أننا كنا ننزل ميدان التحرير منذ الساعات الأولى من مساء 25 يناير حتى يوم 11 فبراير، ونحن لا نعلم هل يمكن أن نعود إلى بيوتنا مرة ثانية أم لا؟! وبعد الثورة اكتوت رئتانا بدخان الغاز المسيل للدموع فى ميدان التحرير ومحمد محمود، واستشهد من حولنا العديد من الشباب المطالبين بتحديد موعد لتسليم السلطة، والهاتفين بسقوط حكم العسكر. نعم سيطر الإخوان على الحكم بعد ذلك، لكن ذلك حدث بإرادة الشعب الذى كان معذوراً فى اختيار العدو التقليدى لنظام «المخلوع»، كما أن الهدف المطلوب تحقق فتم تسليم السلطة وسقط حكم العسكر. هذا درس لا بد أن يتعلمه الداعون إلى مظاهرات اليوم، إذا كانوا حقاً أصحاب قضية. وهم فى غنى كامل عن أن نذكّرهم -مع الفارق بالطبع فى التشبيه- بأن الدعوة إلى ثورة 25 يناير قوبلت بقدر كبير من التسفيه من جانب الكثيرين، وما أكثر التصريحات الساخرة التى سرحت على ألسنة المسئولين وهم يصفون الدعوة لمظاهرات 25 يناير ب«لعب العيال». وما أكثر الفتاوى التى خرجت على ألسنة المشايخ لتندد بفكرة التظاهر ضد «المخلوع»، وتصف الداعين إليه ب«الخوارج»، وكان من بينهم بعض الشيوخ السلفيين الذين ينعمون الآن بالسلطة. المثل المصرى يقول «الميه تكدّب الغطاس». ونحن نستقبل الآن ساعات اليوم الرابع والعشرين من أغسطس، ليثبت لنا هؤلاء: هل هم بالفعل أصحاب قضية أم ثلة من الفلول؟.. سننتظر ونرى!