بابتسامة تعلو وجهه، وبنبرة تملأها الثقة، خرج رئيس جامعة القاهرة ليعلن تمسكه ببقاء قوات الأمن خارج الجامعات وعدم السماح بعودة الحرس الجامعى، وسط تصريحات وُصفت ب«العنترية»، لأنها تعنى صداماً متوقعاً مع وزير التعليم العالى، الذى صرّح بعكس ذلك، ولأن سلطة الوزير أوسع نطاقاً، إلا أن مرور الأيام وإطلاق قوات الأمن لطلقات الخرطوش والغاز المسيل للدموع من خارج الجامعة على الطلاب منح الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، الفرصة لإثبات صحة موقفه، فأصدر بياناً يؤكد فيه أن أجهزة الأمن «تجاوزت كل الحدود». «نصار»، الذى أعاد تصريحاته بضرورة إبعاد يد الشرطة عن كل ما يجرى بالجامعة، وضع حادث مقتل أحد طلاب كلية الهندسة برصاص الشرطة بحسب شهود العيان، نصب عينيه، وصرح بأنه سيضمن للطلاب حق التعبير السلمى عن آرائهم داخل الحرم دون قيود أمنية، وصار الصدام مع وزير التعليم العالى وشيكاً؛ خاصة بعد تصريحات الأخير بأن قوات الشرطة لم تستخدم الخرطوش على الطلاب. الأستاذ الجامعى بدأ تمرده مبكراً حينما خرج على الإعلام معلناً عدم امتلاك وزير التعليم العالى سلطة عزله من منصبه لأنه «رئيس جامعة منتخب»، وزاد تمرده حينما أبدى رفضه للعمل بالضبطية القضائية للأمن الإدارى بالجامعة، وإن نفى وزير التعليم إصداره قراراً للعمل بها فى الجامعات. تصريحات «نصار» هذه المرة طالت وزارة الداخلية ببيان وصفه بعض الأساتذة ب«الثورى»، فى الوقت الذى صرح فيه «وزير التعليم» مدافعاً عن قوات الأمن مبرئاً إياها من قتل طالب الهندسة «محمد رضا». لم يكتفِ رئيس الجامعة إثر حادث مقتل طالب الهندسة بتصريحات إدانة؛ تجاوز ذلك إلى إصدار قرار بتشكيل لجنة لاستقصاء وتوثيق ما حدث. كل الإجراءات التى اتخذها رئيس الجامعة «المنتخب» لم ترُق لبعض طلاب الجامعة حيث نظم طلّاب من كلية العلوم وقفة تحمّل رئيس الجامعة مسئولية مقتل زميلهم. ليس ثمة خطوط حمراء لدى رئيس الجامعة المعارض لوزير التعليم العالى حتى فيما يخص ملف الطلاب الجامعيين المعتقلين الذى يماطل وزير التعليم فى البت فيه. جابر نصار، هو أستاذ القانون الدستورى فى جامعة القاهرة ووكيل كلية الحقوق السابق، والرئيس الحالى لجامعة القاهرة. كان من بين المعارضين لإدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الفترة الانتقالية التى تلت تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن منصبه. وكان من بين المعارضين للإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى شتاء 2011؛ ومن مطالبى الرئيس السابق محمد مرسى بضرورة إسقاطه. لكن الأستاذ المتمرد لم يستمر طويلاً على دعمه للرئيس السابق وإدارته، فبعد إصدار «مرسى» إعلاناً دستورياً فى نوفمبر الماضى أعلن نصار تنحيه عن المشاركة فى جلسات الجمعية التأسيسية التى تكتب الدستور، وبعد 30 يونيو انتُخب رئيساً لجامعة القاهرة.