على جزر القمر وطير يا حمام.. بعدما أكدت دراسة صدرت عن مؤسسة تومسون رويترز وصفت مصر بأنها بلد التعيسات أو أنها البلد الأسوأ للنساء فى المنطقة العربية، وهكذا حصلت النساء فى مصر على لقب السيدة الأولى ولكن فى التعاسة. وأرجعت الدراسة السبب إلى ارتفاع معدلات التحرش الجنسى وارتفاع معدلات الختان وزيادة العنف الدينى والقوانين التى تميز الجنسين وزيادة معدلات الاتجار بالنساء، ثانى دول التعيسات كانت العراق، تلتها السعودية، وإذا كانت النساء تعيسات فى الدول الثلاث فجوهر التعاسة يبدأ من التركيبة النفسية لهذه المجتمعات ومن الصورة الذهنية للمرأة فى عقل الرجل فهى فى أفضل الأحوال عورة. أفضل دولة بالنسبة للنساء هى جزر القمر، فالمرأة هناك لا تعانى من ضغوط إنجاب الولد، كما أن تنظيم الأسرة مقبول وتدعمه الدولة وتحصل النساء عند الطلاق على أملاك ولديها تمثيل سياسى أفضل فى ظل منصة تشريعية تحميها، وأيا ما كانت دقة الدراسة فى رصد درجة التعاسة لدينا فالمؤكد أن المرأة فى مصر مواطن من الدرجة الثانية فى أفضل الأحوال ويتعامل معها المجتمع إذا حققت النجاح بتعالٍ أو بعلامات استفهام، والمؤكد أيضاً أن المرأة هى العنوان الرئيسى فى تعاستها فهى التى تربى وهى ترضع الطاعة مع لبن الأم والمرأة هى العامل الرئيسى فى تنشئة البنات والأولاد وفى تكوين شخصيات نسائية شديدة التعقيد والتركيب والتناقض وتكوين شخصيات ذكورية طاووسية. المرأة تعيش فى دور الضعيفة وعندما تكون فى هذا الموقع فهى أول من أضعف نفسها وصدقت ضعفها، المرأة التى تبحث عن الكوتة فى الانتخابات ترسخ مفهوم التمييز بدلا من إعلاء قيمة الكفاءة بغض النظر عن الجنس رجلا كان أم امرأة. المرأة هى المسئولة الأولى عن تنميط الأدوار وفرض قانون «الراجل راجل والست ست» الذى تعامل معه الرجل باعتباره دستورا غير قابل للإلغاء أو التعديل وتحول هذا الاعتقاد الرجالى إلى عرف اجتماعى إذا كان المجتمع لم ينصف المرأة فإن المرأة لم تنصف نفسها. الرجل الذى يعيش بإحساس القهر يسقط قهره على المرأة فتنال نصيبها من قهر المجتمع وقهر الرجل معا لتعيش بشعار «ظلموه» وتستعذب ذلك. عندما تتحرر المرأة من عقدها وتناقضاتها ستكون الخطوة الأولى فى فرض نفسها على المجتمع باعتبارها كائنا كامل الأهلية غير منقوص القيمة. المرأة لا بد أن يكون لديها يقين بأن الكفاءة هى المعيار الأول والوحيد وليس الدلال أو السمع والطاعة. والمرأة عدو المرأة لأنها لا تثق فى نفسها ولا تثق فى امرأة مثلها وتفضل على سبيل المثال استشارة الطبيب الرجل وعدم اللجوء إلى الطبيب المرأة. وهى تواجه عداء وعدوانا رباعيا: المرأة والرجل والمجتمع والدولة، التى رسخت فى دستورها الجديد أنها ما زالت تعيش على حد عدم الإنصاف للمرأة رغم أنها هى والرجل أمام القانون سواء، ولكن الدولة فى مصر لا تعترف لها بحقوق مساوية باعتبارها إنسانا وليس أنثى. الدستور الجديد اختار فى قضية الانتخابات التنازل عن كلمة «تمثيل متوازن» ليضع بدلا منها «مناسب»، وهى كلمة مطاطة يترجمها كل حزب بطريقته وترسخ فى المجتمع أن المرأة ستبقى كائن درجة ثانية. فى جزر القمر وفرت الدولة الغطاء الصحيح لوضع المرأة بالحصول على حقوقها بنصوص تشريعية واضحة ومنصفة وخالية من أى التباس أو التواء، عندنا فى مصر فضلت الدولة والمجتمع ترك المرأة عارية فى مهب هوى الرجل ويكفى المتضررات تمنى العيش على جزيرة من جزر القمر..