برلمانيون: كلمة الرئيس السيسي حملت رسائل واضحة للعالم بشأن غزة    رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات: 424 مرشحًا فرديًا و200 بنظام القوائم ل انتخابات مجلس الشيوخ    محافظ الدقهلية يتواصل هاتفيا مع عدد من المواطنين للتأكد من حل شكاوى انقطاع المياه    شركة طاقة للمياه توسّع نشاطها بالمناطق الساحلية في مصر بعد وصولها لأكثر من 170 ألف عميل    محافظ الشرقية يوجه بالاستعداد لانتخابات مجلس الشيوخ ويشدد على إنهاء مشروعات الخطة الاستثمارية    «الوطنية للانتخابات»: نؤكد حيادنا والتزامنا بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن إرادة الناخبين    مصدر إسرائيلي يزعم: لم يتبق لدى حماس أكثر من 20 رهينة على قيد الحياة    المغربي معالي ينتظم في تدريبات الزمالك    تموين البحيرة: ضبط وقود مدعّم داخل مصنع حلويات.. ومخالفات أعلاف في إيتاي البارود    عمره 11 سنة.. مصرع تلميذ بطلق ناري في ظروف غامضة بقنا    حارس فيروز منعها.. تصرف مفاجئ من فتاة خلال عزاء زياد الرحباني يثير الجدل (فيديو)    بسمة بوسيل: أغنية «خطفوني» ل عمرو دياب عجبتني أوي.. وجنا موهوبة جدًا (فيديو)    تحت شعار: «صحة كبد.. لمستقبل أكثر إشراقًا».. مصر تحتفل باليوم العالمي لالتهاب الكبد    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    رئيس الوزراء يستعرض خطوات إنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    أزهري: الابتلاء أول علامات محبة الله لعبده    أمينة الفتوى: ملامسة العورة عند التعامل مع الأطفال أو أثناء غسل الميت تنقض الوضوء (فيديو)    توقعات: دوري ملتهب وحار جدًا!    وزارة الصحة: حصول مصر على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس سي نجاح ل100 مليون صحة    ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    هيئة فلسطينية: كلمة الرئيس السيسي واضحة ومصر دورها محورى منذ بدء الحرب    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    ختام فعاليات قافلة جامعة المنصورة الشاملة "جسور الخير (22)" اليوم بشمال سيناء    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    محافظ أسوان يكرم "إبتسام" خامس الجمهورية في الثانوية الأزهرية (صور)    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة في إمبابة    إزالة 70 طن قمامة ومخلفات ب7 قرى بمركز سوهاج    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    رئيس تعليم الشيوخ: محاولات تشويه دور مصر باسم غزة يائسة والدليل "زاد العزة"    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    قرارات هامة من الأعلى للإعلام ل 3 مواقع إخبارية بشأن مخالفة الضوابط    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    متحدث نقابة الموسيقيين يعلن موعد انتخابات التجديد النصفي    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    "13 سنة وانضم لهم فريق تاني".. الغندور يثير الجدل حول مباريات الأهلي في الإسماعيلية    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة معلم مساعد "علوم"    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    إسرائيل تقرر تجميد خطة "المدينة الإنسانية" في رفح    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد منذ بداية الحرب    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الداخلية تكشف ملابسات وفاة متهم محبوس بقرار نيابة على ذمة قضية مخدرات ببلقاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سودهوف" الفيلسوف الذى حصد "نوبل" فى الطب ل"الوطن": الجائزة صدمتنى.. وثورة مصر العظيمة عادت سنوات إلى الوراء
"نوبل للسلام" يتم منحها بموافقة "الناتو" ووفقا لتوجيهاته.. وعلينا إعادة تشكيل الجائزة بما يتناسب مع العصر الحديث
نشر في الوطن يوم 18 - 11 - 2013

زويل حصل على الجائزة لأنه "أمريكي".. والعالم الثالث سيظل بعيدا عن "نوبل" حتى تتاح له الحرية ويؤمن قادته بالعلم
زوجتى تعتبرني أحيانا مجنونا.. لكن تغيرت معاملتها بعد حصولى على "نوبل"
الحكام العرب يعرفون أن وجودهم فى السلطة مرتبط بجهل شعوبهم.. وسياسيو العالم يحاربون العلوم.. من المسيح اليمينى فى أمريكا حتى الإسلاميين الأصوليين
"هل أنت جاد؟"، عبارة بدأ بها العالم الكبير "توماس سودهوف" حديثه التليفونى مع "آدم سميث" منسق اللجنة الإعلامية لدى الأكاديمية السويدية للعلوم، المخول لها إعطاء جائزة نوبل، والذى أبلغه بخبر حصوله على أرفع الجوائز العالمية، نوبل 2013 فى الطب. لم يُصدق "سودهوف" فى بادئ الأمر، وظل لحظات طويلة يشعر بالصدمة التى دفعته لقول "يا إلهى.. يا إلهى". طلب العالم الإحيائى من مُحدثه السويدى الانتظار للحظات قليلة على الهاتف ريثما يتمكن من إيقاف سيارته التى كان يقودها على طريق سريع فى إسبانيا؛ فقد كانت الصدمة فوق احتماله.
قبل 57 عاما، ولد العالم الاستثنائى "سودهوف" بمدينة "هانوفر" الألمانية، درس الطب فى جامعة "جوتنجن" المحلية، وانتقل إلى أمريكا عام 1983 ليتخصص فى الوراثة الجزيئية. ورغم صغر سنه، فإنه تمكن من حفر اسمه فى سجل المبدعين، فقد توصل إلى حلول لعدد من أصعب المشكلات الطبية، وساهمت أبحاثه فى اكتشاف آلية متطورة تسمح بنقل الجزيئات إلى الخلايا الحية، الأمر الذى سيجيب عن تساؤلات خاصة بحزم أمراض عصبية ومناعية، لطالما ظلت منغلقة على الأذهان.
ونظرا لدور "سودهوف" الرائد فى مجال الطب والعلوم، حصل العالم على جائزة نوبل فى الطب للعام 2013، بالمشاركة مع "راندى شيكمان" و"جيمس روثمان".
* كيف تلقيت خبر حصولك على الجائزة؟ وما تأثيرها عليك؟
بالدهشة، فلم أكن أتصور أن يقترن اسمى فى يوم من الأيام بالعظماء. إنه لشرف هائل سيدفعنى لمواصلة أبحاثى بدأب أكثر لجعل العلم أكثر إتاحة ونفاذ على العالم. الجائزة عبء رهيب، فهى تدفعك للقيام بما هو أبعد من حدود الطاقة البشرية، تُحدثك نفسك وتقول إنك حصلت على أروع المراتب العلمية، لكن عقلك يدفعك للبحث عن ما وراء ذلك.
* العلم يحتاج إلى المناخ الملائم حتى لا تنطفئ جذوته، فكيف كان تأثير البيئة المحيطة بك فى تكوين شخصية العالِم؟
كان والداى طبيبان، تعلمت منهما معنى أن أكون شغوفا بالعلم، وأعتقد أن مرحلة الطفولة هى أهم مراحل تكوين الشخصية بوجه عام والعلماء بوجه خاص؛ فالفرص المتاحة لك فى تلك المرحلة المبكرة قد تكون هى السبب فى رسم المسار الصحيح لحياتك المستقبلية.. وجوهر البيئة من الناحية الثقافية والعلمية وتعليمات الآباء هى أهم العوامل التى تُشكل الشخصية العلمية. الدين أيضا مهم، ليس المذهب هو المقصود بمعنى أن يكون لك دينا معينا، فكل الديانات بما فيها الإسلام عززت قيم التفكير العلمى، ولكننى أتحدث عن الصفاء الروحى الذى يتبعه الصفاء الذهنى المعزز للتفكير والابتكار العلمى والذى يحظى به المؤمنون. وبالمناسبة، بعد أن تلقيت خبر حصولى على الجائزة، كان أول شيء فعلته بعد الرقص مع زوجتى هو إبلاغ والدى البالغ من العمر 86 عاما، والذى ظل يحلم طيلة أعوام كثيرة بحصولى على الجائزة، الحقيقة أن والدى كان دوما يقول لى إنك سوف تحصل فى يوم من الأيام على "نوبل"، ولكننى كنت أشك فى قدرتى على تقديم شيء ضخم يتناسب والمكانة العلمية للجائزة، والدى كان مصدر إلهام لى، أثر فى تكوينى بشدة، علمنى المثابرة وقيم العمل.
* يراود كل طفل طموح فى الصغر، فهل كان هدفك أن تصبح عالما؟
لم أكن أتمنى أن أكون عالما إحيائيا، كنت أريد أن أغدو فيلسوفا؛ فالفلسفة علم له مذاق خاص، يجعلك تفهم طبيعة وأسرار العالم الذى نعيش فيه، ولكن هذا حلمى الصغير الذى لم ولن أستطيع تحقيقه يوما.
* ومن كان مثلك الأعلى؟
دائما ما أضع الحقيقة نصب عينى، مثلى الأعلى لطالما كان القيمة المخبئة فى الحقيقة، أسعى دائما لها، وأتمنى أن تكون نظرياتى وأبحاثى مثلها فى يوم من الأيام، غير قابلة للنقاش.
* البعض لا يؤمن بالعلم والعلماء.. هل يؤمن الآخرون بك؟
دعنا نواجه ذلك، فى جميع أنحاء العالم يوجد عدد من رجال السياسة النافذين الذين يحاربون العلوم بشتى الوسائل، من المسيح اليمينى فى الولايات المتحدة وحتى الإسلاميين الأصوليين فى بعض الدول العربية والإسلامية، يودون إلغاء المواد العلمية بزعم محاربتها للدين، وفى الوقت نفسه، نجدهم يستخدمون الأسلحة التى صنعها العلم، الهواتف النقالة التى ابتكرتها عقول العلماء، وغيرها من الأجهزة الحديثة، ويعتبرونها هبة من الله، هذا خطأ ويساهم بشكل كبير فى الحط من قيمة العلم والعلماء، نحن نعيش فى عالم غريب حيث الناس مخادعون وغير صادقين. بالطبع يؤمن بعض الآخرين بى، فى كثير من الأحيان تعتبرنى زوجتى مجنونا، ولكن بعد حصولى على "نوبل" بدأت معاملتها لى فى التغير.
* دوما يعتبر الناس العالِم شخصا انطوائيا متفرغا للمعمل على حساب حياته الأسرية.. فكيف تحلل تلك الرؤية؟ وما هو نمط يومك وهواياتك وتواصلك الأسرى والاجتماعى؟
العالِم مثل أى شخص، يسعى للعيش وتكوين أسرة، ولكنه يختلف عن الباقيين فى كونه يريد أن يكون ذا فائدة لغيره، يكافح من أجل البشرية. طبيعة العمل والأبحاث والتسارع الحادث فى المجالات العلمية يجعل الباحثين يغادرون معاملهم فى أضيق الحدود، فالوقت أغلى من الماس، ولذلك يرى العامة أن العالِم شخص انطوائى. أحب مثلا التواصل مع غيرى، ولكننى ببساطة لا أملك الوقت لذلك، لا أستطيع لعب الكرة أو السباحة، فالوقت فى المعمل وقاعات المحاضرات يُفيد أكثر. العمر قصير، ولم نستطع اكتشاف وسيلة لإطالته حتى الآن. فى حالة اكتشاف أكسير الحياة، سيتحول العلماء إلى أشخاص اجتماعيين.
* يفخر العرب بأن معظم العلوم نشأت لديهم، فكيف ترى تأثير العرب على مسار العلم؟
هذا الاعتقاد ليس صحيحا تماما، فالعلم تراكمى فى الأصل، بمعنى أن كل حضارة وضعت لبِنة فى الحائط العلمى، وأعتقد أن العلم بدأ مع حضارات ما وراء النهر، وأول من مارسه بأسلوب علمى هم الإغريق، ثم بدأ العرب فى وضع قواعد منظمة للممارسة العلمية فى عهد الإسلام الأول، وبعد أن غرق العرب فى بحر الأيديولوجيات، نقل الأوروبيون تلك المعارف إلى القارة العجوز ومنها إلى أمريكا. العلم عابر للحدود ويتطور بين الأمم، ليس كمسعى وطنى قومى، بل كهدف لتطوير البشرية جمعاء.
* جائزة نوبل تحمل اسم الشخص الذى ساهم فى تقديم أحد أشد الأسلحة فتكا فى التاريخ. ما هو مدى إسهام الجائزة فى التطور البشري؟
بالفعل، قدم "نوبل" إلى البشرية "الديناميت"، ولكن معه قدم العديد من الإنجازات العلمية التى ساهم فى وضعها مجموعة من العلماء ألهمتهم جائزة نوبل. أعتقد أن "ألفريد نوبل" كفرّ عن أخطائه، ويجب أن نكون واضحين، هو لم يقدم أعظم الأسلحة فتكا، فهناك القنابل الذرية والأسلحة البيولوجية التى تبتعد عن سلم اكتشاف الديناميت. البشرية تبحث عن طُرق التدمير أكثر من بحثها عن أساليب البناء، وبيدِ "ألفريد" أو بيدِ غيره، كان الديناميت سيُخترع، العلم له دورته المحتومة ولا نستطيع الفكاك منه.
* وما الذى يجعل تلك الجائزة عصية على دول العالم الثالث؟
عندما نتحدث عن الفوز بالجائزة، فإننا نتحدث عن منظومة كاملة تشمل إعداد الباحث علميا وثقافيا واجتماعيا، علاوة على تقديم الدولة التسهيلات اللازمة لإجراء الأبحاث العلمية، وتشمل تلك التسهيلات عددا من الإجراءات المالية التمويلية وأيضا الحرية، هناك بعض الموضوعات التى لا تستطيع مناقشتها بسهولة فى بعض البلدان، مثلا علم الجينات وبعض تطبيقاته يواجه مشاكل فى الدول التى ترى أن ذلك ضد الدين. بعض قادة العالم الثالث لا يؤمنون أصلا بقيمة العلم، ويجتهدون فى هدم الصروح العلمية الناشئة، التربية الثقافية والعلمية مُنعدمة فى بعض دول العالم الثالث، ومناخ الحرية غائم تماما، وهذا يعنى أن الباحثين فى تلك الدول سيظلون أبد الدهر بمنأى عن تلك الجوائز.
* ولكن هناك أشخاص حصلوا على نوبل من تلك الدول؟
باستثناء العالم المصرى زويل، لم يحصل أحد من منطقتكم العربية على جائزة فى العلوم، وحتى زويل حصل عليها كأمريكى ونتيجة للبحوث التى دعمتها الولايات المتحدة.
* توكل كرمان والبرداعى ونجيب محفوظ والسادات حصلوا على نوبل؟
نعم ولكن فى أى مجال؟ السلام والأدب وليس العلوم.
* ألا تعتبر أن نوبل السلام والأدب جائزة قوية ومهمة؟
بالطبع جائزة الأدب مهمة للغاية، فالآداب فرع إنسانى بامتياز ويفيد فى تطور البشرية، ولكن نوبل السلام تُعطى بأمر الناتو وبناء على توجيهاته، الفئات الست لنوبل يجب أن تتغير، فالاقتصاد على سبيل المثال ليس فرعا علميا، يجب أن نعيد تشكيل جوائز نوبل بما يتناسب مع العصر الحديث.
* أليس هناك أمل فى حصول العرب على جوائز نوبل فى فروع علمية؟
فى ظل الأنظمة الحالية، لا أعتقد ذلك، معظم الأنظمة العربية شمولية بامتياز، لا وجود للحرية وبالتالى لا وجود للإبداع، فكيف تحصلون على الجوائز العلمية؟ لا أتحدث عن نوبل فحسب، بل عن جميع الجوائز، دعنا من الحصول على الجائزة، أريد أن أسأل عن إنتاج العرب العلمى. الحقيقة تقول إنه لا إنتاج. يجب أن نواجه حقيقة أن قادتكم لا يؤمنون بالعلم ويسعون إلى محاربته بشتى الوسائل.
* ولماذا يحارب هؤلاء القادة العلم كما تقول؟
لأنهم يعلمون أن وجودهم فى السلطة مرهون بالجهل، فكلما تفشى الجهل كلما قلت مخاطر طردهم من كرسى الحكم. العلم يضيء الوجدان والشعور، ويجعل حساسية الشخص تجاه الظلم عالية، هم يعلمون ذلك، وبالتالى فهم حريصون على نشر الجهل والمرض.
* رغم ما تصفه بالجهل، حدث الربيع العربى. ألا يعتبر هذا مؤشرا على رغبة الشعوب العربية فى الفوز بالحرية؟
الربيع العربى.. عن ماذا تتحدث؟ ما حدث فى مصر على سبيل المثال يؤكد أنه لا ربيع، قام المصريون بثورة عظيمة تحدث عنها العالم، عزلوا رئيسا ظل جاثما على الصدور لفترة طويلة ودمر أجيال متعاقبة من المصريين، وساهم فى تراجع قيمة مصر عالميا ثم ماذا؟ انتخابات جاءت بأول رئيس مدنى من تيار الإسلام الأصولى، وبعد أن ظننا أن الأوضاع استقرت، جاء قائد الجيش ليعزله بانقلاب عسكرى بعد أن قضى عاما واحدا على كرسى الحكم. لا أعلم لماذا تصرون على إطلاق لقب ثورة على ما فعلتموه. الحقيقة أن مصر عادت سنوات طويلة إلى الوراء بسبب ما حدث.
* تصف ما حدث فى مصر بالانقلاب.. رغم أن دولا كثيرة تراه عودة إلى المسار الصحيح؟
السياسة قذرة بما فيه الكفاية، أنا رجل علم، أحكم على الأمور بالمنطق العلمى، ببساطة عندما يخرج الجيش ويستولى على السلطة من رئيس تم انتخابه بأسلوب ديمقراطى، يُسمى ذلك انقلابا. الحقيقة أننى لست مُلما بالمتغيرات السياسية فى الشرق الأوسط، إلا أننى أعتقد أن ما فعله العسكريون فى مصر عودة إلى الوراء. الدول التى ترى ذلك عودة للمسار الديمقراطى تخدع المصريين، وبالتأكيد لها مصالح مع القوى العسكرية الحاكمة فى الوقت الحالى. الانقلاب انقلاب، لا يمكننا أن نطلق عليه أى لفظ آخر.
* وكيف ترى مستقبل البحث العلمى فى مصر؟
لا تحدثنى عن العلم، حدثنى عن الحرية، أعتقد أن مصر لن تتقدم علميا أو اقتصاديا سوى بعد إحراز تقدم على المستوى السياسى، كيف يمكن للشخص أن يُبدع وسط هذا المناخ الممتلئ بالدماء والصراعات التى تُخلف كل يوم عددا من القتلى، العنف نذير شؤم، وسيؤدى فى النهاية إلى انهيار مصر التى لطالما اعتبرتها إحدى أهم الدول المحورية فى الشرق الأوسط، ما يحدث فى مصر الآن شئ مُخجل ومُؤسف فى آنٍ واحد، يجب عليكم التحرر أولا من الدكتاتورية العسكرية ثم الانطلاق نحو النمو الاقتصادى والعلمى.
* العالم مُقسم إلى ثمانِ حضارات رئيسية؛ الصينية والغربية والأرثوذكسية واليابانية والإسلامية واللاتينية والأمريكية والإفريقية، ففى رأيك ما هو التقسيم العلمى للعالم؟
لا تقسيمات فى العلم، هناك دول إفريقية لها باع طويل وجاد فى العلم، وهناك أخرى آسيوية، وتوجد فى أوروبا دول متأخرة علميا. هناك القمة وهناك القاع، وهذا ليس مُقسما على قارات أو حضارات بعينها، بالإضافة إلى أننى غير مُقتنع بتقسيم الحضارات من الأصل. البشرية نمت بالتكاتف، وستأتى نهايتها عندما تنقسم بصورة لا يمكن نلملم شتاتها مرة أخرى.
* ذكرت القمة والقاع، أليس هذا تقسيما؟
لا، أقول إن هناك حكومات تهتم بقيمة العلم، وتبذُل الغالى والنفيس لتمويل الأبحاث العلمية، تلك الدول وصلت لقمة العلم وتدفع ثمن ذلك مجهودا وتمويلا، وهناك دولا أخرى لا تهتم أصلا بالعلوم، لا تعتبر العلم شيئا مهما، تهتم بالمأكل والملبس والحياة اليومية على حساب تغذية الفكر، هذه الدول لا تعلم أن العلوم من شيمتها تحقيق الاحتياجات الرئيسية للإنسان. فى الحقيقة، تلك الدول تُهدر الوقت والمال أكثر من الدول المتقدمة علميا، ورغم ذلك تظل راسخة تحت نير الفقر والمرض والجهل طيلة قرون سوداء وعصور مُظلمة يسودها الحروب الأهلية وسقوط القتلى.
* إشارة إلى الحروب، ألا تعتقد أن الحروب ساهمت بشكل ما فى تطور العلم؟
لا بالطبع، الحرب أداة للهدم والدمار. كيف لها أن تشارك فى تطويرٍ يساعد البشر!
* ولكن ليست كل العلوم سلمية.
العلم هو الإنسان، إذا كان هناك علم يضر البشرية فيجب أن لا نطلق عليه لفظ العلم، علوم صناعة الأسلحة ليست علوما، والعلماء المشاركون فى تطويرها يمكن اعتبارهم "مجرمين"، العلم هو السِلم والسلام.
* وكيف تنظر للصراعات الموجودة على الساحة العالمية من وجهة نظرك كعالِم؟
أؤمن بضرورة محاربة الحرب، يجب أن يتكاتف جميع العلماء لمنع المنازعات الدولية والإقليمية، يجب علينا جميعا أن نُسَخِّر جهودنا لخدمة البشرية ليستمر الجنس البشرى على الأرض، نُكافح انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية التى يُمكن أن تقضى على وجودنا بضغطة زِر، للأسف العالم مكان ممتلئ بالصراعات ولكننا نستطيع أن نُغيره للأفضل إذا توافرت الإرادة والرغبة فى التغيير.
* ما هى أهم التحديات التى تواجه العلماء فى مجالك؟
أعتقد أن الدماغ البشرى هو أهم تحدٍ لنا فى الوقت الراهن، فالمخ معقد إلى أقصى درجة ولم نستطع سوى سبر قليل من أغواره، أومن أن معظم المشاكل الصحية التى يواجهها البشر تكمن فى الدماغ، ويستطيع المخ أن يعالجها بسهولة، التحدى القادم هو اكتشاف أسرار الدماغ.
* وبماذا تنصح العلماء الشباب؟
نصيحتى لهم أن يتتبعوا خيوط الحقائق، ينبشون الأرض للوصول إليها، يطيرون ورائها خلف السُحُب، ولا ينسوا فى غمرة البحث أن للبحث أصول هى المنهج العلمى، أقول لهم ركزوا على الحقائق واتركوا الموضة.
* وهل هناك موضة فى العلم؟
الأشياء الجديدة، بعض الباحثين يدرسون علوما ليست ذات قيمة حقيقية لمجرد انتشارها فى وقت من الأوقات، هذا خطأ، فالعلوم من بينها ما هو مزيف، وعلى الباحث أن يملك العين الثاقبة التى تُمكِنه من فرز تلك العلوم، ابحثوا عن العلوم المفيدة ولا تلهثوا وراء العلوم البراقة.
* وكيف ترى إسهام أبحاثك فى تقدم علم الطب؟
الأبحاث قام بها فريق كامل، لست الوحيد، وأتوقع أن نظام نقل الجزيئات داخل الخلايا سيشكل ثورة علمية طبية فى المستقبل القريب، ولكن لا مجال الآن للحديث عن ذلك البحث، فقط يمكنك الانتظار لسنوات قليلة لنرى سويا ما سيحدث.
* التطور فى المجال الفسيولوجى تتبعه ثورة فى عالم الصيدلة، لكن شركات الدواء العالمية تخصص أدويتها للأغنياء، فكيف ترى وضع الفقراء على خريطة الطب؟
بالطبع ليس الموضوع بمثل هذه البساطة، فالأمر غاية فى التعقيد. الهند على سبيل المثال تنتج دواء للفقراء بأسعار زهيدة، لا يمكننى القول إن شركات الأدوية لا تستغل البشر، فالحقيقة أن تلك الشركات تريد أن تحقق أرباحا ولو حتى على حساب آلاف الأرواح. الوضع معقد للغاية، غير أننى كرجل أكاديمى غير ملم بالسياسات الاحتكارية للصناعات الدوائية، أنا ضد الاحتكار الذى يُحرم على الفقير الدواء؛ لكن هذه هى الحياة.
* الكوليرا والإسهال والفلاريا والملاريا أمراض وجد لها الطب علاجا بسيطا منذ فترة، ورغم ذلك لا تزال بعض الدول المُعدمة تفقد مواطنيها جراء تلك الأمراض، فهل ترى السبب فى الأمراض المستشرية سياسيا، بمعنى أن تكون الحكومات مسؤولة عن الأمر؟ أم إنسانيا يُفترض فيه انتفاض العالم لإنقاذ أولئك المرضى؟
العالم لن ينتفض من أجل بؤساء الدول المُعدمة، يمكن أن تقوم حرب من أجل جالونات البترول أو ثروة معدنية من نوع ما، ولكن انتفاض العالم من أجل الفقراء شئ خيالى، الدول الكبرى تسيطر عليها سياسات المصالح، ولو أن بشريا مُصابا بإسهال قد يقضى عليه، ويحتاج إلى دولار واحد للعلاج؛ لن تدفعه تلك الدول. الإنسانية أصبحت على المحك. على حكومات الدول الفقيرة أن تبذل ما فى وسعِها لعلاج الأمراض البسيطة، هذه مشكلتها ويجب أن تتحملها بشجاعة وإلا فلترحل وتترك الفقراء يختارون من يستطيع أن يلبى حاجاتهم.
يُنشر هذا الحوار بالتزامن مع موقع "مصراوى"، وتنقله مجلة "7 أيام".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.