استعار عدد كبير من المعلنين أغانى كبار المطربين والمطربات، أمثال: سعاد حسنى، وعبد الحليم حافظ، وأم كلثوم، وحولوا هذه الأغانى الخالدة إلى موسيقى تصويرية لإعلاناتهم، فشوهوها وأفقدوها معانيها الجميلة. وسواء كان الأمر استسهالا، أو إفلاسا، فإن المؤكد أن هذه الظاهرة تستحق التوقف عندها، حفاظا على تراثنا الغنائى من التشويه والتحريف. أول هذه الإعلانات كان منتجا لإحدى الشركات المتخصصة فى بيع السمن، استخدمت أغنية السندريللا سعاد حسنى «الحلوة لسه صغيرة» التى قدمتها فى فيلم «صغيرة على الحب» للترويج لسلعتها، مع تغيير كلمات الأغنية إلى: «سهل الكلام.. وآدى الفراخ والملوخية متخرطة.. طعم وريحة الزبدة فى أكلك لازم يبقى بالمظبوط.. ده اللى اتربى عليه واتعود جوزك ويخلى جوزك مبسوط»، وهى كلمات ليس لها أى مدلول أفقدت الأغنية بريقها. أما أغنية شادية «إيرما لادوس» التى قدمتها فى فيلم «عفريت مراتى» فتحولت إلى أغنية لإعلان عن أحد أنواع البوتاجازات، مع تغيير كلمات الأغنية إلى «بوتجازى أمان وبيفصل لو قطع الغاز». أما أغنية ريهام عبدالحكيم «فيها حاجة حلوة» التى قدمتها فى فيلم «عسل أسود» كنوع من التعبير عن مفهوم حب الوطن، ففقدت تأثيرها تماما بعد أن تحولت لإعلان يستعرض إنجازات أحد البنوك المصرية. أما أغنية «متحسبوش يا بنات ان الجواز راحة» لفرقة «المصريين»، فقد تحولت إلى إعلان لأحد أنواع الزيوت. ونفس الحال تعرضت له أغنية فيروز «سهر الليالى» عندما تحولت إلى إعلان لمنتج لأكياس رقائق البطاطس. الموسيقار حلمى بكر يصف ظاهرة تحويل أغانى كبار الفنانين إلى إعلانات بأنه أمر مؤسف واستغلال سافر يهدر قيمة الأعمال الفنية التى تركت أثرها فى وجدان الجماهير. يقول: «هذه الظاهرة عملية قتل ممنهجة للتراث المصرى، فعشرات الأغانى الوطنية والدينية، التى أثرت فى العقل الجمعى للمصريين، والتى يحفظون ألحانها وكلماتها عن ظهر قلب، تم استغلال نجاحها وانتشارها لتتحول دون مبرر إلى إعلانات لسلع تجارية». ويضيف: «أركان الجريمة فى هذه الظاهرة لا تتحملها جمعية المؤلفين والملحنين وحدها، فدورها يقتصر على حماية حق المؤلف والملحن أو الورثة فى تحصيل الرسوم من استغلال هذه الأغانى من قبَل المعلنين، ولكن المسئولية الحقيقية تقع على الورثة الذين يقبلون بأية عروض لتحويل الأغانى التراثية إلى إعلانات تجارية من أجل حفنة من الأموال». وتابع «بكر»: «إن أكثر ما فاجأنى فى هذه الإعلانات هو تحويل أغنية (فيها حاجة حلوة) لريهام عبدالحكيم إلى إعلان، ولا أعرف كيف تم السماح بهذا، لأن هذه الأغنية بالذات تعكس تفاصيل الشخصية المصرية بكافة متناقضاتها مما يجعلها تمثل ذاكرة أمة». واعتبر «بكر» أن رفض كافة الملحنين والمؤلفين لتحويل أعمالهم إلى إعلانات تجارية هو الحل الذى سيمكن من الحفاظ على قيمة هذه الأعمال الخالدة. ويعلق الملحن محمد سلطان رئيس جمعية المؤلفين والملحنين على هذه الظاهرة قائلا: «نحن لا نسمح بتحويل أى عمل فنى إلى إعلان إلا بعد تصريح من الجمعية، علماً بأن الجمعية لديها كتيبة كاملة من المتخصصين فى الشئون المالية والقانونية، تتابع هذه الإعلانات لاكتشاف وجود سرقات فنية من عدمه، ونحن لن نتوانى عن مقاضاة أى شخص تثبت عليه تهمة سرقة لحن عمل فنى دون إذن من الجمعية».