تحت غطاء القانون، بات من الممكن أن يتعرض الصحفي الفلسطيني للاعتداء المباشر أو الاعتقال خلال تغطيته للأحداث الجارية وتصويره لجنود الاحتلال الإسرائيلي خلال ممارستهم انتهاكات بحق الفلسطينيين، وصادق الكنيست الإسرائيلي في يونيو الماضي، بالقراءة الأولى على مشروع قانون منع تصوير الجنود خلال أداء المهام العسكرية، وأقرت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، مشروع القانون وحولته للهيئة العامة للكنيست التي صوتت عليه بأغلبية. ونص مشروع القانون الذي بادر إليه أعضاء كنيست من حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي يتزعمه وزير الجيش "أفيجدور ليبرمان"، على فرض عقوبة السجن الفعلي لمدة 5 سنوات على من يخالفه، والسجن 10 سنوات إذا ما اتضح أن الفاعل كان ينوي المس بأمن الدولة، ويقضي مشروع القانون أيضا بمعاقبة من ينشر أشرطة فيديو أو تسجيلات لجنود الجيش في الشبكات الاجتماعية أو وسائل الإعلام. وأشار محامي نقابة الصحفيين الفلسطينيين علاء فريجات، أن الهدف الرئيسي من إقرار القانون هو منع الصحفيين والمصورين الفلسطينيين من تغطية الأحداث الجارية، وأضاف للأناضول: "القانون هو شرعنة لمنع الصحفيين الفلسطينيين من التغطية، كونهم حرّاس الحقيقة، ومتواجدون في مكان الحدث، ويوثقون ما يجري من انتهاكات إسرائيلية". وتابع: "القانون وُضع خدمة للاحتلال، وهو إجرام منظم بالقانون، ومخالف لجميع الاتفاقيات الدولية"، وذكر أنه لم يسبق وأن تعرض الصحفيون في العالم لمثل هذه القوانين، "حتى بالحروب العالمية كان من حق الصحفيين الوصول لمكان الحدث وتصويره وتغطية ما يجري على أرض الواقع". وبين أنه "لا يوجد أي امتداد لهذا القانون بالقوانين الدولية، لكن إسرائيل بغطرستها تضرب بعرض الحائط كل المواثيق والقوانين الدولية"، ولفت فريجات أن "نقابة الصحفيين خاطبت العديد من المؤسسات الدولية ذات العلاقة، في سبيل العمل والضغط لوقف وإلغاء القانون، وحماية الصحفيين الفلسطينيين". وتابع: "الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين ليس جديدا، وقد ضحى العشرات من الصحفيين بدمائهم في سبيل نقل الحقيقة للعالم وكشف الجرائم الإسرائيلية"، ورأى فريجات أن إسرائيل "تسعى لجعل الشعب الفلسطيني أعزلا من سلاح الصورة والإعلام، وبأن يكون هناك راو واحد للحدث، وهو الراوي الإسرائيلي"، وقال: "القانون يجعل المصور الصحفي أمام الجندي الإسرائيلي كمن يلقي حجرا أو يحمل سلاحا، وبالتالي يمكن أن يكون عرضة لإطلاق النار أو الاعتقال". وذكر المحامي، أن نقابة الصحفيين ستشارك الشهر القادم باجتماع بالأردن، لمؤسسات تعمل في الحقل الإعلامي والقانوني، للعمل على رفع قضايا جنائية ضد مرتكبي جرائم الحرب، كما أفاد بأن الفريق الفلسطيني المشارك سيقدم ملفا بالانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين الفلسطينيين، من بينها "قانون منع تصوير الجنود". بدوره، وصف المصور الصحفي هشام أبو شقرة، في حديثه للأناضول، القرار الإسرائيلي ب"الجنوني، الذي يستهدف الصحفيين الفلسطينيين بشكل مباشر ويحاول منعهم من تغطية الأحداث الجارية"، وأضاف المصور الحاصل على جوائز دولية على مقاطع فيديو وثّق فيها انتهاكات واعتداءات الجنود الإسرائيليين على الفلسطينيين: "القانون مرفوض بشكل قاطع، ونحن مستمرون بعملنا وتغطيتنا ولن يمنعونا من التصوير تحت غطاء قوانينهم". وأوضح مصور وكالة رويترز عبدالرحيم القوصيني، أن "القرار سيشكل حاجز وهاجس تخوف عند كل مصوّر صحفي قبل أن يرفع الكاميرا، بأن ذلك سيشكل خطرا على حياته، وقد يسبب اعتقاله، أو الاعتداء عليه وتحطيم معداته"، مؤكدا: "في حال تطبيق القانون وتعميمه على وحدات جيش الاحتلال سيطلق يدهم ويعطيهم هامش وحرية للاعتداء على الصحفيين، خاصة أن هناك جنودا ساديين وعنيفين ويتمنون أن يكون هناك غطاء قانوني لاعتداءاتهم". وأشار القوصيني أن مثل هذه القوانين "ستشكل غطاء لأي جريمة، وستعطي الجنود الإسرائيليين الضوء الأخضر للاعتداء على الفلسطينيين لأنه من غير المسموح لأحد أن يصورهم"، مضيفا أن القانون "غير إنساني سيحرم الضحايا الفلسطينيين أهم سلاح لهم، وهو الصورة وشهادة العيان والدليل في كثير من جرائم الاحتلال الإسرائيلي". ويأتي القانون عقب ردود فعل غاضبة محليا ودوليا أثارها تسجيل مصور، نشر في أبريل الماضي، يرصد جنودا إسرائيليين على إحدى التلال المحيطة بقطاع غزة وهم يقنصون متظاهرين فلسطينيين، ويهللون فرحا بعد إصابة أحدهم، ولم يعرف الوقت الذي التقط فيه المقطع المصور، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقمع منذ 30 مارس الماضي، مسيرات سلمية تخرج قرب الحدود مع قطاع غزة، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء حصار القطاع. وأسفر القمع الإسرائيلي للمسيرات عن استشهاد العشرات وإصابة الآلاف، وفي مارس 2016، وثقت كاميرا فيديو جنديا إسرائيليا وهو يعدم شابا فلسطينيا جريحا، يدعى عبد الفتاح الشريف، في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، وهو ما أثار غضبا وجدلا كبيرين بشأن سلوك جنود الاحتلال تجاه الفلسطينيين.