باب حديدى أسود اللون مفتوح عن آخره تعلوه لافتة مكتوب عليها «أفريكانو طُلبة.. ترحب بالزائرين» على يسارها قفص كبير به بعض الطيور المفترسة، كالصقور والنسور، بجانب عدد من البومات وحجرة خاصة لطبيب بيطرى، وعلى يمينها صناديق زجاجية فى كل منها حيوان مختلف، مثل ثعلب الفنك، والضب المصرى، والتمساح، وفى نهايتها سلم يقود الزائر إلى ساحة متّسعة يتوسّطها قفصان حديديان، بهما 3 أسود، ومن حولها أقفاص زجاجية بها حيوانات متنوعة، ما بين قرود وضباع وثعالب.. ذلك المكان الذى يقع فى منطقة أبورواش، التابعة لمركز كرداسة خصّصه «محمد صلاح طُلبة» ليُربى فيه الحيوانات، فهى مهنته التى ورثها أباً عن جد، حيث اشتُهرت قريته منذ سنوات طويلة بتجارة الحيوانات، فبعضهم أسس مزرعة أو حديقة ك«محمد»، فيما لا يزال البعض الآخر يربونها فى منازلهم. بدأت عائلة «طُلبة» ذلك المجال بتربية بعض الحيوانات البسيطة كالضفادع والفئران والسحالى، بهدف خدمة البحث العلمى، بالتعاون مع بعض الكليات العلمية، ليوفر للطلبة بها الحيوانات التى يحتاجونها فى دراستهم، بالتعاون مع بعض الجامعات، ثم تطور مجال عملهم بتربية حيوانات أكثر، لتصديرها إلى الخارج. وقبل إنشاء معرض خاص للحيوانات، كان «محمد» ووالده يربونها فى منزلهم بوضع الثعابين فى أكياس بلاستيكية، أما باقى الحيوانات ففى أقفاص مُحكمة، ومع مرور السنوات قرّرا إنشاء حديقة مصغّرة داخل قريتهما لهدفين، وفقاً لكلام «محمد»، أولهما: خدمة الكليات العلمية ومركز المصل واللقاح بشكل أكبر، وثانيهما: توسيع مجالهما، وبعد حصولهما على موافقة من ال3 الجهات المعنية بهذا النشاط، بدآ فى تأسيس الحديقة. «محمد»: «أنشأنا حديقة مصغّرة لخدمة الكليات العلمية وتوسيع المجال.. ونصدّر الأنواع المسموح بها» وقال «محمد»: «الترخيص بيقف على 3 جهات، هى حديقة الحيوانات بالجيزة، والحياة البرية، ومحمية البيئة، أخدنا موافقة منهم ونزلت أكثر من لجنة لمعاينة المكان، وبعدها حصلنا على موافقة، وبدأنا فى تأسيسها عام 2011، وحتى الآن ما زالت بعض اللجان تقوم بزيارة الحديقة كل 3 شهور للتأكد من أن المكان آمن بالنسبة للحيوانات». شروط عديدة لا بد من توافرها فى المكان المخصص لتربية الحيوانات، حسب كلام «محمد» حتى يتمكن من الحصول على موافقة بتربيتها، أهمها أن يكون لكل حيوان معيشة خاصة به، والحيوانات المفترسة أو السامة أو الجوارح توضع داخل صناديق محاطة بزجاج «سيكوريت» ضد الكسر، أما لتربية الأسود فلا بد أن تكون مساحة المكان المخصص لها تزيد على مترين فى مترين. 200 نوع من الزواحف والثدييات توجد داخل الحديقة، بعضها يقوم بصيده من المناطق الصحراوية، كالثعالب والذئاب، والنمس المصرى، والبعض الآخر منها اشتراه من حديقة الحيوان كالأسود والضباع بعد حصوله على الترخيص، إذ يقوم بتقديم طلب إلى الحديقة بشراء أو تبديل الحيوانات، ثم يقوم ببيعها أو تصديرها للخارج، إذا كانت من ضمن الحيوانات المسموح بتصديرها: «بدأنا تصدير الحيوانات من سنة 90، وقتها كانت كل الحيوانات بيتم تصديرها لكن بعدها بأربع سنين صدر قرار وزارى بوقف تصدير بعضها كثعلب الفنك والضب والبومة والحرباية، رغم أنها موجودة بكثرة داخل مصر، وعليها طلب كتير من الخارج، والحيوانات التى يتم تصديرها حالياً هى الزواحف والسحالى ودى ليس لها قيمة». لكل حيوان مفترس داخل حديقة «طلبة» حجرتان، يتم التبادل بينهما لتنظيف الأخرى، أما الحيوانات الآمنة، فيقوم «محمد» وأشقاؤه بتنظيفها أثناء وجود الحيوانات داخلها، إذ اعتادوا وأطفالهم على ذلك، على حد تعبيره: «الستات والأطفال بيدخلوا يحطوا ليهم أكل عادى، وينضفوا مكانها، لأن مفيش ضرر عليهم، وبحكم شغلانتنا وتربيتنا للحيوانات مابنخافش، وبنعود عيالنا من صغرهم أنهم يمسكوا الحيوانات ويلعبوا معاهم علشان لما يكبروا ده هيكون مستقبلهم». وعن تكلفة تربية الحيوانات، يوضح «محمد» أنه ينفق عليها الكثير من الأموال، فهى مهنته التى لا يعرف غيرها، إذ يتطلب منه توفير من 7 إلى 10 كيلو لحوم يومياً سواء كانت لحم خيول أو دواجن، بجانب الخضراوات والفواكه التى يوفرها للحيوانات الأخرى: «رعاية الحيوان عندنا أهم مننا، لأن ده أكل عيشنا، وعندى مخزن مرخص باحط فيه أكلهم، يعنى القرود بتاكل فواكه، والأسود أغلب أكلها فراخ، لأن فيها نسبة بروتين أعلى، وفى الوقت نفسه أرخص، وفيه حيوانات بتعيش على الأعشاب». ويشير «محمد» إلى أحد الثعابين الذى يلعب به طفله الذى لم يكمل عامه الرابع، قائلاً: «ده ثعبان الأصلة الهندى، يتم استيراده من الهند وماليزيا، وزنه يتراوح من 20 إلى 25 كيلو، ويباع فى السوق المحلية على حسب طوله، إذ يباع الثعبان الذى يبلغ طوله 70 إلى 80 سم ب2000 جنيه، أما ال4 متر فيباع ب12 ألف جنيه». على بُعد 5 كيلو من حديقة «أفريكانو طلبة»، تقع مزرعة «نجاح شعبان»، صاحب شركة استيراد وتصدير لجميع أنواع الحيوانات، التى يربى فيها عدداً من الحيوانات، من بينها ضفادع و«أبراص» و«فئران»، وبعض الزواحف، كالثعابين السامة والسحالى. ويوضح «نجاح» أنه يقوم بتوريد بعض هذه الحيوانات للجامعات، والبعض الآخر يتم تصديره إلى الخارج، حيث يتم تصدير العقارب والثعابين السامة إلى ألمانيا، أما السحالى والأبراص فتُصدر إلى أمريكا، والفئران بنوعيها «الرات والماوس»، يستخدمها طلاب الكليات العملية فى الجامعة، وفقاً لكلامه. تستغرق رحلة الصيد بالنسبة ل«نجاح» أسبوعاً أو أكثر، على حسب احتياجه، يقول: «معانا عربيات دفع رباعى وتصاريح من الدولة بالصيد فى أى مكان وتصاريح لحمل السلاح، حيث يقوم بتتبع أثر الحيوانات التى تسير فى الصحراء، ومن خلالها يتعرف على نوع الحيوان وعمره ومكانه، وإذا كان ساماً أم آمناً، مستخدماً بعض الأدوات، كالنقارة وماسك، وأكياس بلاستيكية، لوضعها فيه».