أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أمس، بدء التحقيق فى عمل وكالة الأمن القومى الأمريكية، للتأكد من أنها تعمل تحت الرقابة المطلوبة، مضيفاً: «أنا المستهلك الأخير للمعلومات الاستخباراتية التى يتمثل هدفها الأساسى فى ضمان أمن الأمريكيين وضمان صحة قرارات الرئيس»، ممتنعاً فى الوقت ذاته عن التعليق بشأن معرفته بالتنصت على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. فى السياق ذاته، نشر مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر، عدداً من الوثائق السرية -يعود تاريخ معظمها إلى 2009 وبعضها إلى عام 2011- حول برنامج التجسس لوكالة الأمن القومى، والتى تظهر أن وزارة العدل الأمريكية وافقت على التنصت على المكالمات من خلال الهواتف المحمولة، ابتداءً من عام 2010، كما تشير الوثائق إلى أن وكالة الأمن القومى ومكتب التحقيقات الفيدرالى ووزارة العدل، كانت تبلغ أعضاء «الكونجرس» الأمريكى بنيتها زيادة جمع المعلومات الخاصة بأرقام الهواتف ومدة المكالمات وليس مضمونها. من جانبه، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض، جاى كارنى، أن واشنطن ستعيد النظر فى جمع المعلومات الاستخباراتية قبل نهاية العام الجارى، مشيراً إلى أن الأمر قد يتطلب فرض قيود إضافية على عمليات جمع المعلومات، نافياً أن تكون «واشنطن» تستخدم المعلومات التى تحصل عليها من خلال عمليات التجسس لأغراض اقتصادية، فيما أعلن وزير الدفاع، تشاك هيجل، أن بلاده ستواصل دراسة المعلومات، بينما وصف الجنرال فيليب بريدلاف -قائد قوات حلف «الناتو» فى أوروبا- التنصت على الزعماء الأجانب ب«غير المفيد». فى الوقت ذاته، أعلنت دايان فاينستاين، رئيسة لجنة الاستخبارات ب«الشيوخ» الأمريكى، رفضها بشدة للتجسس على قادة الدول الحليفة، مؤكدة أنها ستطلق عملية «إعادة تقييم» لعمليات التجسس. وأضافت: «يبدو لى بوضوح أن بعض أنشطة المراقبة تمت ممارستها لأكثر من عشرة أعوام، دون إبلاغ لجنة الاستخبارات بشكل مرضٍ». على الصعيد الدولى، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية احتفاظ برلين بحقها فى طرد الدبلوماسيين الأمريكيين المرتبطين بفضيحة التنصت، حال إثبات التهم الموجهة إلى الوكالة الأمريكية، فيما يعقد البرلمان الألمانى جلسة خاصة لمناقشة تقارير التجسس، بينما طالبت الأحزاب اليسارية بإجراء تحقيق علنى يستدعى شهوداً، من بينهم المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومى. وطالب الصحفى غلين غرينوالد، الذى ساهم فى فضح النظام الأمريكى، برلين بحماية «سنودن»، مؤكداً أنه يتعرض ل«اضطهاد سياسى»، وفى البرازيل، أعلنت الحكومة نيتها السعى لإصدار مشروع قانون يلزم شركات الإنترنت العالمية بتخزين البيانات التى تحصل عليها من المستخدمين البرازيليين داخل البلاد. وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية، إن «كلابر»، خضع لاستجواب أمام «الكونجرس»، أمس، للإدلاء بشهادته عن عمليات التجسس والمراقبة التى جرت ضد المواطنين الأمريكيين ومواطنين أجانب ورؤساء دول، بمصاحبة الجنرال كيث أليكسندر، رئيس وكالة الأمن القومى الأمريكية، مشيرة إلى أنه من المرجح أن يكون أداؤهم أمام «الكونجرس» مؤثراً. من جانبه، قال موقع «بوليتيكس» الإخبارى البريطانى، إن تسريبات الموظف السابق بوكالة الأمن القومى، إدوارد سنودن، وضعت المملكة المتحدة فى مأزق صعب، حيث إنه على الرغم من الكشف عن التجسس على ألمانيا وفرنسا وغيرهما، لم يتم حتى الآن الكشف عن وثائق رسمية تثبت التجسس على بريطانيا، وبما أن الولاياتالمتحدة وقعت عام 1946 اتفاقية تعاون استخباراتى مشترك لتمرير ومشاركة كمية كبيرة من المعلومات السرية وضمان ألا يتجسس طرف منهما على الآخر، فإن بريطانيا على الأرجح متورطة فى جزء على الأقل من عمليات التجسس الأمريكية، خاصة أنه تم الكشف عن أن مسئولين بلجيكيين وإيطاليين كانوا ضحايا لعملية جمع المعلومات التى تقوم بها المخابرات الأمريكية، وهو ما يثبت التعاون الوثيق مع وكالة الأمن القومى الأمريكية. وأشارت «جارديان» إلى أن رئيس الوزراء البريطانى أرسل إشارات تهديد مستترة فى تصريحاته، ضد وسائل الإعلام البريطانية التى تتناول أو تنشر تلك الوثائق التى تكشف عن الفضيحة الأمريكية.