يعترف المحلل الأمريكى الشهير إريك تريجر أن جماعة الإخوان تنظيم فاشى، لكنه يصرح بكل ثقة وقوة أنه لا يمكن الصمت على الآلاف وهم يقتلون فى الشوارع، وما بين التوصيف الأول وزيف التصريح الثانى يكمن الموقف الأمريكى المرتبك من أحداث المشهد المصرى. تصريحات «تريجر» كانت على شاشة «سى بى سى» المصرية، وقفة عيد الأضحى، وفيها قال إن الشعب المصرى خرج بالملايين ضد «مرسى»، لكن العلاقات بين مصر وأمريكا تعود فى حال إجراء انتخابات ديمقراطية. ما قاله المحلل الأمريكى يطرح تساؤلين أساسيين.. أولهما عن مصادر أرقامه التى كررها من قبل الرئيس الأمريكى، ونافى بيلاى مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، والآلاف بكل لغات العالم تعنى أكثر من ثلاثة آلاف، ولا أدرى من قرر هذه الأرقام واعتمدها لتصبح مرجعية لتوصيف الأحداث الجارية، ولا أعتقد أن الإخوان أنفسهم يقولون بهذه الأرقام، فضلاً عن أن التصريح يشير إلى مذابح بين فرق مسلحة ومتظاهرين سلميين مسالمين وليس قوى فاشية باعتراف «تريجر» نفسه، تؤكد كل الشواهد أنهم يحملون السلاح فى تظاهراتهم ويدعمون الإرهاب فى كل تصرفاتهم. التساؤل الثانى عن مغزى حديث الانتخابات الديمقراطية.. وهل تعنى انتخابات تشارك فيها جماعة الإخوان وفرق الإسلام السياسى؟ أم أنها الانتخابات التى تخضع لقواعد الانتخابات الحرة والعادلة؟ وما الموقف الأمريكى من انتخابات لا تشارك فيها الجماعة أو تخسرها؟ وكيف يصبح مشاركة تيار فاشى باعتراف أمريكا نفسها هو معيار الانتخابات الديمقراطية؟ لا أدرى إن كان الموقف الأمريكى مرتبكاً أم ملتبساً أم «بيستهبل»، فحديث مواجهة الفاشية لا يرتبط أبداً بالتعامل الديمقراطى معها، وإنما بتعميق الديمقراطية فى المجتمع.. والفارق بين الاثنين كبير فى التعبير عن موقف مثل هذا، والتصريحات الأمريكية تتعمد إثارة أكبر قدر من الالتباس لتبرير أى مواقف مستقبلية ترغب الإدارة فى تبنّيها ضد مصر، وهى لذلك مثلاً تربط بين تطوّر الأوضاع فى مصر وبين ما تسميه العودة لإتاحة العمل لمنظمات المجتمع المدنى. ولأن مصر لم تمنع عمل منظمات المجتمع المدنى الوطنية، فالتصريح يشير بكل تأكيد إلى إعادة إتاحة العمل لمنظمات المجتمع المدنى الأمريكية فى مصر، وهى مسألة غريبة، لأن هذه الحالة قائمة وتخضع للقانون، وتوجد منظمات مدنية أمريكية تعمل فى مصر، إلا إذا كانت الرؤية الأمريكية تقصد العودة لحالة التعالى على القانون المصرى. مشكلة الإدارة الأمريكية أنها لا تعرف من هو رئيس مصر المقبل لتضمن حماية أمن إسرائيل وأهدافها بالمنطقة، وهى إدارة تريد الحصول على «كل اللذات»، فهى لا تريد خسارة حليفها «الإخوانى»، ولا تريد أن تتأثر مصالحها فى المنطقة بخسارة مصر، وفى الوقت نفسه تبحث عن أعلى المكاسب الممكن تحقيقها من وراء المشهد المصرى. مشكلة الإدارة الأمريكية الحقيقية أنها لم تفهم حتى الآن الروح المصرية الجديدة الناهضة.