سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المشهد الأخير فى منزله: صلى الفجر جماعة بأبنائه.. وغادر زوجة الشهيد: حمله الناس على أكتافهم فى ثورة يناير.. ونجله الأكبر: «شفت بابا وهو بيموت فى التليفزيون»
«عمر يا حبيبى.. هات اخواتك زياد وأحمد وتعالَ نصلى الفجر قبل ما أنزل الشغل».. كانت تلك الكلمات آخر ما دار من حديث بين الشهيد اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة ونجله عمر وزوجته، قبل نزوله للمشاركة فى عملية تطهير كرداسة. أمام مشرحة مستشفى العجوزة، جلس أفراد الأسرة جميعهم داخل غرفة الاستقبال، توقع الزوجة باكية على تقارير تسلم الجثمان وتتوجه لتسلم متعلقاته من الأمانات، ثم تعود لتجلس بجوار أولادها «عمر» 17 سنة، و«زياد» 9 سنوات، و«أحمد» 5 سنوات، وخالهما، وشقيق الشهيد. «الوطن» التقت أسرة الشهيد داخل مستشفى الشرطة، حيث قالت الزوجة والدموع تنهمر من عينيها «ده مش جوزى بس، ده أبويا وأخويا وكل شىء فى حياتى، الله يرحمه، ماكناش بنشوفه، كان مؤمن بتأدية واجبه والدفاع عن وطنه، تزوجته منذ 19 سنة تقريباً، كان صديق شقيقى الأكبر». وأضافت: «رزقنى الله ب3 أولاد، عمر وزياد وأحمد، كانت أسرته تقيم بمحافظة سوهاج، دائماً يوصف بالشهم والشجاع، وكان محبوباً فى بيته وبين جيرانه، بعد تخرجه التحق بالعمل بمحافظة أسيوط، وقضى هناك 3 سنوات، ثم نقل لمديرية أمن الجيزة، وعمل بقطاع الجنوب، وكان نائباً لرئيس القطاع، وتم ترقيته للعمل بالإدارة العامة للمرور، وعمل بها 4 أو 5 سنوات، ثم التحق بالعمل فى شرطة السياحة بنفس المديرية». وتابعت زوجة الشهيد: «بدأت الأحداث عقب ثورة 25 يناير، وكان يتسلم مأموريات تأمين الشوارع والمظاهرات، وهو الضابط الوحيد الذى حمله الأهالى على أكتافهم بعد ثورة 25 يناير أمام قسم شرطة الدقى، وهتف وسط الأهالى، وهو من أمّن المنشآت الحيوية فى المهندسين أثناء ثورة 30 يونيو، ثم ترقى خلال الأشهر الماضية وحصل على رتبة لواء، وتسلم مهام مدير إدارة شئون الأفراد»، مؤكدة أنها لم تكن تعلم بمهام عمله إلا بعد عودته للمنزل، حيث يجلس يروى لأولاده الأحداث. وأوضحت الزوجة أنه قبل استشهاده جلس فى المنزل عدة ساعات، وتناول مع الأسرة وجبة طعام، ثم جلس مع أولاده ال3 ليودعهم ويتسامر معهم ويوصيهم، ثم نادى على عمر «ابنه الأكبر» وطلب منه أن يتوضأ هو وأشقاؤه ل«يصلى ركعتين لله جماعة»، وبعد الانتهاء من الصلاة «ارتدى ملابسه الميرى وودعنا». وتقول الزوجة: «انتابنى القلق ولم تغفل عيناى حتى الصباح، وجلست أمام التليفزيون لمتابعة الأحداث، وقبل صلاة الفجر اتصلت به واطمأننت عليه، ثم بدأت القنوات الفضائية تبث لقطات من منطقة كرداسة وشاهدتها، وعندما بدأت قوات الأمن تنشر قواتها شاهدت زوجى يسير أمام الكاميرا، فأيقظت عمر ليشاهد معى، ثم حدث إطلاق نيران كثيف وشاهدت زوجى يسقط على الأرض ويحاول المجند الذى كان بصحبته أن ينقذه، لم أتمالك نفسى واتصلت بأشقائى وأشقاء زوجى وزملائه للتأكد من الخبر، وعند تأكيد الخبر حضرنا إلى مستشفى الشرطة وعلمنا بوفاته»، وتضيف: «أنا هرجع بيتى بشهادة وفاته وملابسه الميرى.. الحمد لله زوجى شهيد، وأمانة وعادت لربها». وقال «عمر»، النجل الأكبر للشهيد: «أنا شفت بابا وهو بيستشهد، ده كان صعب عليّا، طلب منى آخد بالى من دراستى وأشقائى، والدى كان شجاعاً وبطلاً ومحبوباً، قبل خروجه من المنزل فوجئت به يتصل بى، كنت بصحبة أحد أصدقائى وطلب حضورى إلى المنزل بحجة أنه (مشتاق لى)، وجمعنا أنا وإخوتى وأدينا الصلاة جماعة ورحل، وترك أمانة لى: يا عمر انت الكبير خلّى بالك من نفسك واخواتك وأمك». وأوضح شقيق زوجته المهندس عبدالحكيم محمد أن الشهيد صديق عمره، وكان بصحبته فى مرحلة التعليم الثانوى، وتربطهما علاقة طيبة منذ 20 عاماً، ثم توطدت العلاقة بعد أن تقدم الشهيد للزواج من شقيقته.