السائر إلى المسجد للصلاة يمشى ذاهباً وآيباً فى ضيافة الله، وأَكْرِمْ بها من ضيافة! تمتلئ منها القلوبُ سكينةً، وتئوب منها الأرواحُ راضيةً سعيدةً، وتنقلب منها الصدورُ منشرحةً مسرورة، فقد أخرج الشيخان عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَال: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». وأخرج ابن أبى حاتم فى تفسيره عن قتادة فى قوله تعالى: ﴿فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور: 36] قال: «هى هذه المساجد، أذن الله فى بنائها ورفعها، وأمر بعمارتها وتطهيرها»، وقد ذُكِر لنا أن كعباً كان يقول: «إن فى التوراة مكتوبا: ألا إن بيوتى فى الأرض المساجد، وأنه من توضأ فأحسن وضوءه ثم زارنى فى بيتى أكرمتُه، وحقٌّ على المزور كرامةُ الزائر». وأخرج الطبرانى أن سَلْمَانَ كتب إِلَى أَبِى الدّرْدَاءِ رضى الله عنهما: «يَا أَخِى لِيَكُنِ الْمَسْجِدُ بَيْتَكَ، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِىّ، وَقَدْ ضَمِنَ اللهُ عَز وَجَل لِمَنْ كَانَ الْمَسَاجِدُ بُيُوتَهُ الرّوْحَ، وَالرحْمَةَ، وَالْجَوَازَ عَلَى الصرَاطِ». وفى رواية عن أَبِى الدرْدَاءِ رضى الله عنه بسند حسن قال: «الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِىّ، تَكَفّلَ اللهُ لِمَنْ كَانَ المَسْجِدُ بَيْتَهُ بِالرَّوْحِ، وَالرحْمَةِ، وَالْجَوَازِ عَلَى الصرَاطِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ إِلَى الجَنةِ». وأخرج مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَهّرَ فِى بَيْتِهِ ثُم مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِىَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ كَانَتْ خُطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً». وأخرج النسائى بسند صحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النبِىّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حِينَ يَخْرُجُ الرجُلُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى مَسْجِدِهِ فَرِجْلٌ تَكتبُ حَسَنَةً وَرِجْلٌ تَمْحُو سَيئَةً». وأخرج أحمد والطبرانى وصححه ابن حبان عن عَبْدَ اللهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضى الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فَخُطْوَةٌ تَمْحُو سَيئَةً، وَخُطْوَةٌ تَكْتبُ لَهُ حَسَنَةً، ذَاهِباً وَرَاجِعاً». أى خير نضيعه إذا كان الله تعالى قد أعد هذا الجزاء كله لمن يمشى إلى بيوت الله؟! إنه لحرى بنا أن نغادر مربع الكسل خصوصا فى هذا الشهر المبارك، وأن نعيد تنظيم أوقاتنا بحيث لا نتخلف عن جماعة المسجد بحال من الأحوال.