يحكى فى الأثر حكاية تقول إن الحق والباطل كانا يسيران فى طريق لا نهائى، فاقترح الباطل شراء حمار يركبانه بالتناوب وهم الباطل بركوبه باعتباره صاحب الفكرة، وعندما جاء دور الحق لركوبه اعترض الباطل مؤكداً ضرورة أخذ مشورة الناس الموجودين على الطريق فيما إذا كان الحق هو الذى يمشى ولّا الباطل اللى يركب، فأجمع القوم بأن الحق هو اللى لازم يمشى على الأرض بل على رؤوس العباد. وبعد أن تعب الحق من المشى قال البعض بأنه قد آن الأوان للحق أن يركب الحمار ليستريح ويمشى الباطل لنهاية الطريق، ومنذ ذلك الحين هيمن الباطل على الشارع وظهرت ميليشيات الجماعات الدينية المتشددة وانتشر سفراء جهنم من المنتسبين لجماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو لتحرى الدقة الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف، ليروعوا المواطنين ويقتلوا الأبرياء وينقبوا النساء ويهيمنوا على منابر الجوامع لنشر تعاليمهم الدينية المستوردة ليشعلوا الفتنة عقب ثورة 25 يناير، بينما الإسلاميون الملتزمون والسلفيون العقلاء منهم براء. وأصبح يقع على عاتق الشعب الذى بلغ أخيراً سن الرشد السياسى الوقوف سداً منيعاً ضد وجود الباطل على الطريق، وتجاهل هتافات المكلمنجية والشماشرجية من أصحاب الفتاوى المضروبة وأصحاب اللحى المتشبهين بمسيلمة الكذاب التى تحرص بعض القنوات الفضائية على ضيافتهم لبث آرائهم الصادمة على الهواء من أجل حفنة دولارات من عائد الإعلانات التافهة، والمدهش أنهم يقودون الآن هجمة شرسة ضد تلك القنوات التى جعلت منهم نجوم مجتمع يتنقلون بين قناة وأخرى ويقولون ما لا يفعلون بل ويسعون للعودة بمصر إلى عصور الجاهلية تحت ظلال الرايات السوداء. وأصبحت عودة الحق ليمشى على الطريق فريضة واجبة على كل وطنى مخلص وضرورة حتمية مهما كانت التضحيات لقهر الباطل ومقاومته، لكن ما يطمئننا هو أن «الحق أبلج من شدة وضوحه لو يبغون رؤيته»، ولكنهم لا يفقهون بل يغلقون عيونهم عن رؤيته خشية فقد نور أبصارهم بعدما خرجوا من القمقم يتحسسون الطريق عقب الثورة، لأن الحق هو المنتصر طال الوقت أو قصر ولأن الحق هو أحد أسماء الله الحسنى.