«نيام.. نيام» وصف يُطلق على الجماعات التى تنصرف عن الحياة بالخلود إلى النوم، وأحياناً ما يُطلق على الشعوب الخاملة، أو التائهة. لعلك تذكر بيت الشعر الذى يقول: «نامى جياع الشعب، نامى حرستك آلهة الطعام». تعجّب الكثيرون وهم يسمعون لفظ «نيوم»، وهو مسمى المشروع الاقتصادى التنموى الكبير الذى أطلقه ولى عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، منذ بضعة أيام، ضمن رؤية «المملكة 2030». ربما كانت تلك هى أول مرة تقرع فيها كلمة «نيوم» أذن المستمع العربى، ونرجو ألا يكون البعض قد خلط بينها وبين لفظ «نيام» المعروف عربياً على مستوى واسع. بِحَسبِ تغريدة نشرتها قناة «العَرَبِيّة» على حسابها على موقع «تويتر»، فإن الاسم مقسّم إلى شقين، الأول وهو كلمة Neo، ومعناها «جديد» باللغة اللاتينية، أما الحرف الرابع M، فهو اختصار لأول حروف كلمة «مستقبل» باللغة العَرَبِيّة؛ أَى إن معنى المشروع هو «مستقبل جديد». تركيبة الاسم تعكس زواجاً -لست أدرى مدى شرعيته- بين اللغتين الإنجليزية والعربية، كما أن صنّاعه استبدلوا حرفاً عربياً (حرف الميم) بحرف لاتينى. ومن المعلوم أنه على مدى عقود طويلة كان التعريب هو الوسيلة الأبرز لاستجلاب المفردات الأجنبية إلى القاموس العربى، مثلما هو الحال بالنسبة إلى كلمة راديو أو كاميرا وغيرهما. فى الحالة السعودية، هناك ميل واضح إلى التمسّك باللغة العربية، كونها لغة القرآن الكريم، لكن ذلك لا يمنع بالطبع من أن أفراد الجيل الجديد ب«المملكة» لا يتعاملون مع الأمر بالطريقة نفسها، إذ تجدهم أكثر مرونة بحكم تعليمهم الأجنبى، لكن ظنّى أن الأمر قد يختلف فى ما يتعلق بالأسماء التى يتم إطلاقها على المدن السعودية. فالمتأمل لأسماء هذه المدن يجد أن الأسماء العربية التاريخية هى الغالبة عليها، وسوف تبدو مدينة «نيوم» أو «مستقبل جديد» نغمة شاذة بين أسماء المدن على خريطة «المملكة»، ولست أدرى هل التفت أولو الأمر هناك إلى تلك المسألة أم لا؟!. مشروع «نيوم» -كما أعلن- يضم كلاً من المملكة ومصر والأردن، على الأقل حتى الآن!، وهذه الدول الثلاث تتحدث منذ عقود طويلة عن «المستقبل». فى مصر على سبيل المثال يوجد مدينة اسمها «المستقبل سيتى»، ولست أستبعد أن يكون هناك مدن ومناطق تحمل الاسم نفسه داخل كل من المملكة السعودية، وكذا المملكة الأردنية. وكل ما أخشاه أن يكون لفظ «نيوم» ثقيلاً على البعض، من زاوية ما يحمله من دلالات، أولها هذه الزيجة المشكوك فى شرعيتها بين اللغتين العربية والإنجليزية، التى قد تحمل -بالنسبة إلى البعض- إشارات إلى زيجات أخرى غير شرعية ترتبط بالمشروع، وثانيها ذلك الاستدعاء الذى يثيره لفظ «نيوم» لشقيقه «نيام»، وقد بيّنت لك ما يحمله اللفظ الثانى من دلالات سلبية، وثالثها التفكير فى مدى احترافية من اختار هذا الاسم ليخلعه على المشروع الجديد، وهو أمر متروك للخبراء فى هذا المجال، من منطلق أن أهل مكة أدرى بشعاب «نيوم»!.