سوف أستدعى ذاكرتى حينما أبدى الدكتور البرادعى الرجوع إلى مصر والترشح لرئاسة الجمهورية عام 2010، وكنت وقتها الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية. وكان وقتها حزب الجبهة من الأحزاب مفجرة الثورة والزاخرة بالشباب، واجتمع المكتب التنفيذى وأخذ قرار تأييد الدكتور البرادعى فى الترشيح لرئاسة الجمهورية، واستقبلنا البرادعى استقبال الأبطال، وأذكر هذا فى عز عنفوان نظام مبارك، وأقمنا له مؤتمراً كبيراً حضره كثير من النخب المصرية. وتعددت الزيارات فى منزل د. البرادعى، ووقتها تأسست الجمعية الوطنية للتغيير فى حضور كل الرموز الوطنية د. علاء الأسوانى، د. حسن نافعة، د. عبدالجليل مصطفى، د. أسامة الغزالى، المستشارة سكينة فؤاد، الأستاذ جورج إسحاق، الأستاذ حمدى قنديل... والعديد والعديد من الشخصيات الوطنية التى كانت تضع رأسها وقت ذاك على كفها، وكنا جميعاً فى الأمانة العامة، وكنا نعمل بشكل جاد ضد نظام مبارك ومشروع التوريث، وكان البرادعى لا يحضر معنا اجتماعاً واحداً، وكنا ننسب له كل جهد الجمعية الوطنية للتغيير، وحينما نطلبه كان دائماً مشغولاً خارج مصر. والآن أتساءل وأقول هل كان البرادعى جزءاً من المؤامرة على مصر؟ هل ظهوره فى 2010 كان مرتباً؟ هل انسحاب البرادعى من سباق الرئاسة كان مقصوداً؟ وكيف له أن ينسحب وكانت فرصته فى الفوز تفوق كثيراً من المرشحين؟ ولأن المصريين كانوا يأملون فى إيجاد شخصية وطنية تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وضعنا رؤوسنا فى الرمال لنصدق أن هذا الرجل ترفّع على المنصب. ومن هنا أريد أن أسأل د. البرادعى ألست الآن أنت داخل دائرة صناعة القرار إذا كنت معترضاً على فض الاعتصام منعاً لإراقة الدماء المصرية المحرمة؟ وأنا معك أن الدماء المصرية من كل الفصائل والطوائف محرمة حرمة الموت وغالية علينا جميعا مش على البرادعى فقط، ولكن عليك يا دكتور أن تطرح البدائل وأعتقد أنك الآن لست فى المعارضة ولكن رأيك مسموع، فبدلا من الاستقالة فى هذا الوقت العصيب الذى تمر به البلاد وإعطاء الفرصة لأعداء مصر للتنكيل بها وثورتها العظيمة والنيل من مؤسسات الدولة الوطنية (الجيش والشرطة). وما رأيك د. البرادعى، هل تظل هذه الحكومة تناقش فقط كيفية فض الاعتصام والمواطن يخبط رأسه فى الحائط؛ المواطن الذى أُنهك تماماً من السياسات والاعتصامات والاحتجاجات وأصبح فى حالة فقدان الثقة فى كل الساسة والسياسات؟ وهل مصر أصبحت تحتمل فترات انتقالية أكثر من ذلك؟ المواطن المصرى أصبح يعانى من الفقر والمرض والبطالة التى تدمى قلوب الأسر المصرية، أما آن الأوان أن تعمل هذه الحكومة التى حلم بها المواطن بعد حكومة أندلة (قنديل) الفاشلة فى تحقيق أدنى أحلام المواطن فى تحسين أحواله الاقتصادية والاجتماعية؟ أما آن الأوان أن يلتف الشعب حول مشروع قومى يلبى أحلامه فى حياة كريمة؟ مصر الآن فى مرحلة فرز، والمواطن البسيط أكثر حساسية فى فرز الصادقين الذين ليس لهم أجندة ويدعون الوطنية لمجرد زيارتهم للتحرير. وسوف تعود مصر للمصريين الشرفاء غير المتلونين، مصر كبيرة تضم الحبيب وتمحو الدخيل.