على مدار 72 عامًا، ارتبطت علاقة مصر بالأممالمتحدة، المواكب لتاريخ تأسسيسها رسميًا في 24 أكتوبر عام 1945، بالعديد من الشخصيات المصرية رفيعة المستوى، والتي رصدتها الهيئة العامة للاستعلامات في تقرير لها. قادة مصر بدءًا من الرئيس جمال عبدالناصر، وصولًا إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، يأتون على رأس هذه الشخصيات، إضافة إلى وزراء خارجية مصر خلال العقود الماضية، ومندوبي مصر وممثليها في المنظمة الدولية. وانقسمت الشخصيات المرتبطة بالأممالمتحدة، هناك شخصيات كالمُشار إليها سابقًا يرجع ارتباطها بالمنظمة الدولية في المقام الأول إلى كونها ذات الاختصاص في التعبير عن سياسة مصر الخارجية في إطار علاقاتها بالأممالمتحدة، إلى جانب رموزٍ وشخصيات مصرية أخرى لعبت أدوارًا مهمة، وكان لها الفضل في أن تجعل لمصر حضورًا مميزًا في الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة. وفي تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات، فإن في مقدمة هذه الشخصيات الدكتور بطرس بطرس غالي، العربي والمصري الوحيد الذي تولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة، حيث يعتبر من أهم الشخصيات الدبلوماسية التي استطاعت أن تصنع لنفسها اسمًا ليس فقط على المستوى المصري، بل امتد ليصل إلى المحافل الدولية، فقد انتُخب أمينًا عاما للمنظمة الدولية لمدة 5 أعوام اعتبارًا من يناير 1992، وتم انتخابه للمنصب لعلاقته الوثيقة بالشؤون الدولية بوصفه دبلوماسيًا وخبيرًا في القانون والسياسة الدوليين وعالمًا وكاتبًا نُشرت مؤلفاته على نطاق واسع. وعندما تولى الدكتور بطرس غالي مسؤولياته أمينًا عامًا في أول يناير 1992، وضع نصب اهتمامه أولوية تعزيز دور منظمة الأممالمتحدة، وتمكينها من اغتنام الفرص المتاحة في أعقاب الحرب الباردة وتحقيق غايات الميثاق وأهداف السلم والتنمية والديمقراطية. واستجابت الأممالمتحدة في عهده إلى نداء 40 دولة لمساعدتها في تنظيم الانتخابات الديمقراطية والإشراف عليها، ووضعت برامج مختلفة للتعاون في ميادين تطوير المؤسسات الديمقراطية، وسيادة القانون، والمشاركة العريضة لأفراد الشعب، كما سافر غالي إلى ما يزيد عن 50 بلدًا ليمثل الأممالمتحدة، وليعرض مساعيه الحميدة في تعزيز قضية السلام. وكان لمصر من خلال النابغين من أبنائها حضورا مميزا أيضا في الفروع الرئيسية والمنظمات والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، فمنها محكمة العدل الدولية، حيث انتخب الدكتور عبدالحميد بدوي (1887 - 1965) عضوًا بالمحكمة لمدة 19 عاما خلال الفترة (1946 - 1965)، وترأس المحكمة خلال الفترة من 1955 وحتى 1958. وخلال تولي عبدالحميد بدوي منصبه استطاع الإسهام برأيه المستقل في 13 رأيًا استشاريا من بين الآراء التي أصدرتها المحكمة في تلك الفترة، كما انتُخِب الدكتور عبدالله العريان (1921 - 1981) قاضيًا بمحكمة العدل الدولية عامًا واحدًا (1980 - 1981)، ومثّل مصر في المؤتمرات واللجان القانونية للأمم المتحدة. وشغل أيضًا الدكتور نبيل العربي، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية منصب قاض بمحكمة العدل الدولية من 2001 إلى 2006، وأعطى اهتمامًا خاصًا خلال هذه الفترة بإبداء الرأي حول الجوانب المتعلقة بالوضع القانوني بالأراضي الفلسطينية المحتلة باعتبار الاحتلال عائقًا لحق تقرير المصير بما يخلفه من آثار ومعاناة للشعب المحتل. وشغل مصريون آخرون مناصب متنوعة في الأممالمتحدة، ومنهم الدكتور حازم الببلاوي، الذي شغل منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (1995 - 2001)، وأيضًا الدكتور مصطفى كمال طلبة خبير البيئة الدولي، الذي ساهم عام 1973 في إنشاء برنامج الأممالمتحدة للبيئة (يونيب)، واختير نائبًا للمدير التنفيذي للبرنامج حتى عام 1975 ثم أصبح مديرًا تنفيذيًا للبرنامج بدرجة نائب للأمين العام للأمم المتحدة حتى عام 1992. وسجّلت المرأة المصرية حضورًا لافتًا في أروقة الأممالمتحدة، رصده تقرير "الاستعلامات"، ومنهن السفيرة ميرفت التلاوي، التي تولت منصب وكيل الأمين العام والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا منذ أوائل 2001 إلى 2007 كأول سيدة عربية تتولى هذا المنصب. وترأست "التلاوي" لجنة وضع المرأة ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، كما شاركت في تبني اقتراح الإعلان العالمي الصادر عن الأممالمتحدة عام 1974، والذي أعطى حماية خاصة للنساء والأطفال في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة، كما اختيرت نائبا لرئيس المعهد الدولي للأمم المتحدة للبحوث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة عام 1983 إلى 1985. كما ترأست اجتماع هيئات الأممالمتحدة المعنية بمراقبة تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان، والذي يجمع لجان الأممالمتحدة السبع المعنية باتفاقيات حقوق الإنسان عام 1992، وترأست لجنة الأممالمتحدة المعنية بوضع المرأة، واللجنة المعنية بتطبيق اتفاقية الأممالمتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1993. وداخل سجل شرف العمل الدولي بالأممالمتحدة أيضًا توجد نادية يونس، الدبلوماسية المصرية التي قضت نحو 33 عامًا في العمل في هيئة الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية، حيث تبوأت أعلى المناصب في عدة مواقع ومنها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الجمعية العامة والمؤتمرات، والتي توفيت إثر تفجير استهدف الفندق الذي تقيم به البعثة الأممية في بغداد في 19 أغسطس 2003، ومعها 22 عضوًا في فريق الأممالمتحدة. ومن الجهة الإعلامية، كان لمصر حضورا بشغل الإعلامي المصري أحمد فوزي في منصب المتحدث باسم بان كي مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة. تخصصات مختلفة في مراكز مرموقة داخل الأممالمتحدة وأجهزتها الرئيسية، عمل بها عشرات المصريين غير السالف ذكرهم، ومنهم السفيرة فايزة أبوالنجا، ورجل القانون المرموق فؤاد عبدالمنعم رياض، والدكتورة ليلى تكلا، والدكتورة سلوى شعراوي جمعة، وخبير الموارد البشرية اللواء دكتور عوض مختار هلودة، وأستاذة الاقتصاد هبة حندوسة، والإعلامي الكبير علي خليل، والصحفية هدايت عبدالنبي، وغيرهم كثيرون. بعد كل هؤلاء، سجلت جمعية المصريين العاملين بالأممالمتحدة "أفيكس" نحو 190 مصريا عملوا في الأممالمتحدة والوكالات والمنظمات المتخصصة والمؤسسات الدولية الأخرى.