مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار: مصر رائد إقليمى فى مجال الطاقة الشمسية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية تعاملات اليوم الثلاثاء    مصر تشدد على خطورة التصعيد بالسودان وتأثيره السلبي على جهود وقف إطلاق النار    الخارجية الصينية: الحرب التجارية بدأتها أمريكا وإذا أرادت التفاوض " فبابنا مفتوح"    رحيل بيسيرو يكلف خزينة الزمالك 7 ملايين جنيه ومفاجأة حول الشرط الجزائي    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    ضبط 12 طن مصنعات ودواجن منتهية الصلاحية بالقليوبية    النيابة تأمر بإيداع 3 أطفال بدار إيواء بعد إصابة طفل بطلق ناري بكفر الشيخ    وزير السياحة يصدر قرارًا بدخول المتاحف مجانًا للمصريين 18 مايو الجاري    كامل الوزير: مصر منفتحة على التعاون مع مختلف دول العالم لتعميق التصنيع المحلي    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    توقيع بروتوكول بين جامعة حلوان وشركة التعاون للبترول    والدة جندي إسرائيلي أسير: نخشى توسيع العملية العسكرية في غزة    إعلام إسرائيلي: لم تتوفر أي معلومات استخباراتية عن الحوثيين قبل الحرب    ترامب يستضيف رئيس الوزراء الكندي الجديد كارني    إعلام جنوب الوادي تشارك في مؤتمر «الابتكار الإعلامي الرقمي وريادة الأعمال»    حبس وغرامة، عقوبة إيواء طالب اللجوء دون إخطار وفقا لقانون لجوء الأجانب    قبل مباراتي اليوم.. تعرف على جدول ترتيب الدوري المصري    تامر عبد الحميد: لابد من إقالة بيسيرو وطارق مصطفى يستحق قيادة الزمالك    رئيس البنك الأهلي: طارق مصطفى مستمر معنا.. وهدفنا المربع الذهبي    شوبير: الأهلي استقر على المدرب الجديد من ال 5 المرشحين    "هذه أحكام كرة القدم".. الجزيري يوجه رسالة لجماهير الزمالك بعد التعادل مع البنك الأهلي    تعرف على موعد امتحانات الترم الثاني 2025 لكل مرحلة في محافظة الجيزة    ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    ارتفاع 3 درجات.. طقس المنيا وشمال الصعيد اليوم الثلاثاء 6 مايو    120 جنيهًا أنهت حياتها.. نقاش أمام الجنايات بتهمة قتل زوجته ضربًا حتى الموت    نشرة مرور "الفجر".. تكدس بحركة المرور في شوارع القاهرة والجيزة    انطلاق اجتماعات وزراء السياحة بمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصاديD8    تشييع جثمان الفنان نعيم عيسى من مسجد المنارة فى الإسكندرية ظهر اليوم    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    وزارة الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    علامات تلف طرمبة البنزين في السيارة: وديها لأقرب ميكانيكي    علي الشامل: الزعيم فاتح بيته للكل.. ونفسي أعمل حاجة زي "لام شمسية"    ياسمين رئيس: كنت مرعوبة خلال تصوير الفستان الأبيض لهذا السبب    سعد الصغير ل رضا البحراوي: «ياريتك اتوقفت من زمان»| فيديو    "لا علاقة لى".. ترامب ينأى بنفسه عن صورة يظهر فيها بزى بابا الفاتيكان    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    شعبة الخضار والفاكهة تعلن موعد هبوط أسعار فاكهة الصيف والخضراوات    "تمريض قناة السويس" تنظم ندوة حول مشتقات البلازما    للمرة الثالثة.. مليشيات الدعم السريع تقصف منشآت حيوية في بورتسودان    وزير السياحة: دخول المصريين مجانا للمتاحف يوم 18 مايو الجاري باستثناء 3 متاحف    19 مايو.. أولى جلسات محاكمة مذيعة بتهمة سب المخرج خالد يوسف وزوجته    محافظ أسوان يترأس إجتماع المجلس الإقليمي للسكان بحضور نائب وزير الصحة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    انفجارات داخل كلية المدفعية في مدينة حلب شمال سوريا (فيديو)    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لم يتم فض اعتصام رابعة العدوية حتى الآن؟!
نشر في الوطن يوم 04 - 08 - 2013

الشارع المصرى يترقب صدور القرار النهائى والبدء فى التنفيذ، الناس أصيبت بحالة من الملل والإحباط، كانت تظن أن إشارة الانطلاق سوف تصدر فى أعقاب قرار الشعب بتفويض القائد العام للقوات المسلحة على الفور، إلا أن تداعيات الموقف والتراجع عن الحسم السريع دفع الكثيرين إلى التساؤل عن الأسباب الحقيقية.
مساء يوم السبت قبل الماضى اجتمع مجلس الدفاع الوطنى برئاسة رئيس الجمهورية المؤقت، وكان من أبرز الحضور رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزيرا الدفاع والعدل، وأيضاً نائب رئيس الجمهورية للشئون الدولية.
بدأ الاجتماع باستعراض للموقف فى ضوء خروج 40 مليون مصرى يعلنون تفويضهم للجيش ولقائده باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة الإرهاب، وفى هذا الاجتماع فاجأ د.محمد البرادعى الجميع بموقفه، إذ راح يطلب تأجيل اتخاذ أى موقف لإنهاء الاعتصام، واستخدام لغة الحوار بديلاً، لقد استعرض وزير الداخلية الموقف بصورته الحقيقية على الأرض، وأكد أن الأفعال التى تقوم بها جماعة الإخوان على الأرض لا تعكس سلمية التظاهر أو الاعتصام، وإنما هى تعكس إرهاباً متعمداً يمارس على السكان وعلى المواطنين الأبرياء، وأيضاً اعتداء على مؤسسات الدولة وإصراراً على قطع الطرق وتعريض حياة الآمنين للخطر.
وكان من رأى وزير الدفاع أيضاً أنه يجب احترام تفويض الشارع المصرى للمؤسسة العسكرية، وأنه أكثر حرصاً على إنهاء هذا الاعتصام بالطرق السلمية وعدم إراقة الدماء، وأنه منح المعتصمين الفرصة الكاملة للتعبير عن رأيهم، إلا أن الاعتصامات تحولت إلى أداة لتهديد استقرار الدولة وأمن المواطنين.
لقد كان من رأى الفريق أول السيسى، أنه إذا كان بإمكان د.البرادعى فض هذا الاعتصام سلمياً فليبدأ وليسعَ نحو ذلك، وتساءل السيسى عن آليات فض هذا الاعتصام فى رابعة العدوية والنهضة سلمياً؟
لم تكن لدى الدكتور البرادعى ردود مقنعة، ولا تصور لكيفية إنهاء الاعتصام، فقط أصر على وجهة نظره وطالب بالمزيد من الوقت، وراح يحذر من استخدام القوة فى فض الاعتصام لذلك جرى الاتفاق على تأجيل حسم الأمر فى هذا الوقت.
جاءت أشتون إلى القاهرة، سبقتها تصريحات أدلى بها البرادعى أكد فيها على موقفه الذى أعلنه خلال اجتماع مجلس الدفاع الوطنى، وبعدها وصل إلى القاهرة وفد الاتحاد الأفريقى، ثم ويليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأمريكى، وآخرون، وفى كل هذه الزيارات المتلاحقة كان الموقف المطروح هو التحذير من فض الاعتصام بالقوة.
وبالرغم من تأكيد جميع المسئولين المصريين على أن خيار القوة هو الخيار الأخير، وأن هناك بدائل متدرجة، كما هو معمول به وفقاً للمعايير الدولية، فإن ممثلى الوفود التى زارت القاهرة كانت فقط تريد الحصول على تعهد مصرى بعدم إنهاء الاعتصام.
كان الشارع المصرى يتابع الجدل الدائر على الساحة السياسية والإعلامية، وبدأ الناس يوجهون انتقادات حادة إلى موقف الدكتور البرادعى حيث اعتبروه يقف عقبة أمام فض الأوكار الإرهابية فى رابعة والنهضة ومع خروج المسيرات الإخوانية إلى الطرقات العامة والأماكن الاستراتيجية واعتدائهم على المواطنين، كان السخط يتزايد وكان الناس يتساءلون إذن لماذا فوضنا الفريق أول السيسى؟!
فى هذا الوقت اجتمع مجلس الوزراء المصرى يوم الأربعاء 31 يوليو الماضى وقبيل الاجتماع كان رئيس الوزراء، د.حازم الببلاوى، قد عقد اجتماعاً تمهيدياً بحضوره وبحضور وزيرى الدفاع والداخلية تم خلاله استعراض الموقف، وكان الاتجاه السائد أنه لا خيار سوى فض الاعتصام بالطرق السلمية والتدريجية، وأنه لا بد من دعوة عدد من مراقبى حقوق الإنسان وشخصيات عامة عربية وأجنبية لمتابعة تنفيذ هذا القرار، بل إن وزير الداخلية طرح اقتراحاً يقضى ببث عملية فض الاعتصام على الهواء مباشرة، حتى يتابع الجميع سلامة الإجراءات التى سوف تتخذها وزارة الداخلية فى عملية التنفيذ.
وفى أعقاب اجتماع مجلس الوزراء صدر بيان من المجلس كلف فيه وزارة الداخلية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لفض اعتصامى رابعة والنهضة.
لقد قال البيان إن استمرار الأوضاع الخطيرة فى ميدانى رابعة العدوية ونهضة مصر وما تبعها من أعمال إرهابية وقطع طرق لم يعد مقبولاً نظراً لما تمثله هذه الأعمال من تهديد للأمن القومى المصرى ومن ترويع غير مقبول للمواطنين.
وقال المجلس فى بيانه إنه يستند إلى التفويض الشعبى الهائل من الشعب للدولة فى التعامل مع الإرهاب، والعنف اللذين يهددان بتحلل الدولة وانهيار الوطن، وإنه بناء على ذلك فقد تقرر البدء باتخاذ كل ما يلزم فى هذا الشأن فى إطار أحكام القانون والدستور.
كان هذا هو مضمون البيان، كان الكلام واضحاً ومحدداً غير أنه حتى كتابة هذا التقرير فإن أياً من الإجراءات العملية على الأرض لم تتخذ، ما يعكس حجم الضغوط الداخلية والخارجية التى كانت وراء البطء فى تنفيذ القرار أو اتخاذ أى من الإجراءات الكفيلة بالتمهيد له.
فى هذا الوقت أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً على جانب كبير من الخطورة أكدت فيه أنها تمتلك أدلة تشير إلى تورط أنصار مرسى فى تعذيب معارضيهم بالعصى الكهربائية وسردت المنظمة العديد من الوقائع التى تؤكد مضمون البيان.
وازدادت الأوضاع تردياً مع قدوم مظاهرات محمولة بالسيارات والباصات إلى مدينة الإنتاج الإعلامى حيث حوصرت المدينة لعدة ساعات وتم الاعتداء على رجال الشرطة الذين يتولون حراستها، حيث أصيب ثلاثة منهم بطلقات الخرطوش، بينما قامت أجهزة الأمن بالقبض على 31 شخصاً من المهاجمين الذين ينتمون إلى جماعة الإخوان وحلفائها.
لم يكن الأمر مقصورا على مدينة الإنتاج الإعلامى فى هذا اليوم، بل امتدت المظاهرات إلى مناطق أخرى، وهدد أعضاء الجماعة بالبدء فى اعتصام آخر بمنطقة الألف مسكن، إلا أن المواطنين من أبناء المنطقة اشتبكوا معهم وتمكنوا من طردهم، ولم تنجح محاولة إقامة اعتصام فى ميدان مصطفى محمود.
وقد أثارت هذه الإجراءات ردود فعل شعبية ساخطة، حيث اعتبر الكثيرون أن تراخى الحكومة وتخليها عن تفويض الجماهير بفض الاعتصام ومقاومة الإرهاب هو السبب الرئيس الذى يقف خلف محاولات نشر الفوضى فى البلاد، خاصة أن الحكومة لم تتخذ أى إجراء للحد من دخول الأسلحة وغيرها إلى منطقتى رابعة والنهضة، وأنه حتى عندما تردد أن هناك حصارا أمنيا للمنطقتين، صرح مصدر أمنى على الفور بأنه لا صحة لذلك..!!
طرح الكثيرون، واكتظت وسائل الإعلام بالحديث عن حقائق ما يجرى من خلف ستار وعما إذا كان هناك صراع حاد بين د.البرادعى من جانب والمؤسستين العسكرية والأمنية من جانب آخر!!
وعندما نشرت ال«واشنطن بوست» تصريحات الدكتور محمد البرادعى التى أشار فيها إلى ذات مضمون التصريحات السابقة حول الاعتصام أدرك المصريون أن البرادعى أساء تقدير الموقف، وأنه بتصريحاته هذه يخاطب الغرب أكثر من خطاب الداخل المصرى.
لقد قال البرادعى فى هذا الحديث، عندما سئل.. هل تود رؤية عفو عن التهم الموجهة للرئيس المعزول محمد مرسى؟!
«إنه إذا لم تكن الاتهامات خطيرة جداً، فإننى أود رؤية احتمال للعفو كجزء من حزمة كبيرة، وذلك لأن مصير مصر أهم بكثير».
لقد أثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة، وراح المواطنون يتساءلون.. ماذا يريد البرادعى بالضبط؟ إنه كمن يجر «شكل»، حتى بات موقفه يتطابق مع الموقف الغربى الذى يطالب بالإفراج عن الرئيس المعزول دون مراعاة للاتهامات الموجهة إليه، كما أن د.البرادعى يعرف تماماً أن مرسى يخضع للحبس بقرار من قاضى التحقيق، المستشار حسن سمير، على ذمة اتهامه بالتخابر والتحريض على قتل أكثر من مائة شخص داخل السجون التى جرى اقتحامها.
لقد تسبب هذا الموقف فى دفع رئيس الوزراء، د.حازم الببلاوى، إلى الرد فى محاولة منه لتهدئة مشاعر الجماهير التى أعربت عن سخطها عندما قال إنه لا عفو عن كل من ارتكب جرائم فى حق هذا الوطن.
فى هذا الوقت ترددت معلومات عن مبادرة طرحتها كاترين أشتون، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، من 7 نقاط لحل الأزمة بين الإخوان من جانب والدولة المصرية والشعب المصرى من جانب آخر، وهذه النقاط هى:
- الإفراج عن المعتقلين السياسيين من الإخوان.
- إسقاط الاتهامات الموجهة إلى الرئيس المعزول محمد مرسى وقيادات إسلامية أخرى.
- إنهاء اعتصامى الإخوان.
- وقف العنف ضد قوات الأمن بما فى ذلك سيناء.
- استقالة الرئيس المعزول والاتفاق على تعديل وليس إسقاط الدستور.
- الإبقاء على المواد المتعلقة بالشريعة على الأرجح.
- ضمان الحق لحزب الحرية والعدالة فى دخول الانتخابات المنتظر إجراؤها هذا العام.
وعندما طرحت هذه المبادرة على ممثلى جماعة الإخوان كان الرد متأرجحاً، حيث راح البعض يزايد بالإصرار على ضرورة عودة الرئيس المعزول إلى السلطة مجدداً، بينما راح آخرون يطلبون مزيدا من الوقت لدراسة المقترحات.. أما الحكومة المصرية، فهى بالتأكيد لن تستطيع منح صكوك تقضى بإسقاط التهم عن محمد مرسى والإفراج عن المسجونين من قيادات الجماعة وحلفائها لأن الأمر أصبح الآن فى حوزة القضاء.
لقد سعت جماعة الإخوان، خلال لقاءاتها التى أجرتها مع أشتون ووليام بيرنز وممثلى الاتحاد الأفريقى وآخرين، إلى تقديم مبررات غير موضوعية لمواقفها، وراحت تتحدث عن الماضى أكثر من حديثها عن الحاضر والمستقبل.
وقد كانت صدمة للجماعة وجود رأى عام داخل جميع الوفود التى التقتهم يؤكد على احترام إرادة الشعب المصرى واختياره وضرورة التعامل مع الواقع الجديد، ذلك أن عهد مرسى قد انتهى إلى غير رجعة.
قبل ذلك بقليل كان جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكية، قد أدلى بتصريح للتليفزيون الباكستانى أكد فيه أن ملايين المواطنين فى مصر طلبوا من الجيش التدخل، لأنهم كانوا يخشون من انزلاق البلاد إلى الفوضى، وقال إن الجيش لم يستول على السلطة حتى الآن، طبقاً لما نعرفه، مضيفاً أن هناك حكومة مدنية تدير شئون البلاد، وأن هذا يعنى أنهم يستعيدون الديمقراطية.
وكان لهذا التصريح صدى كبير فى أوساط الإخوان وحلفائها، ما دفع نائب رئيس الوزراء التركى، بكير بوزداج، إلى الرد عليه بالقول: «وهل استعاد الجيش الديمقراطية أيضاً فى دول الاتحاد الأوروبى أو الولايات المتحدة؟ الانقلابات لا تأتى بديمقراطية، إنما تهدم وتحطم طريق الديمقراطية، مثلما هو الحال فى مصر»!!
أما الحكومة القطرية فقد أطلقت قناة الجزيرة للرد على هذا التصريح وتصعيد المواقف ضد الجيش المصرى بطريقة تخرج عن جميع الأعراف وهو ما استدعى خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أن يدعو أمير قطر الجديد، الشيخ تميم بن حمد، إلى زيارة عاجلة إلى المملكة، طلب منه خلالها ضرورة إيجاد حل للأمة المتصاعدة بين مصر وقطر فى ضوء الموقف القطرى الذى تعتبره مصر معادياً ومحرضاً ضدها، وقد طلب خادم الحرمين من أمير قطر ضرورة إرسال وزير خارجيته فى زيارة عاجلة إلى مصر لبحث سبل التوصل إلى حل مشترك بين الجانبين، وهى الزيارة التى قام بها أمس الوزير القطرى إلى القاهرة والتقى خلالها كبار المسئولين المصريين.
وقبيل هذه الزيارة بساعات كان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ عبدالله بن زايد، يزور القاهرة لإطلاع المسئولين المصريين على لقائه بجون كيرى، وزير الخارجية الأمريكية، الذى التقاه الشيخ عبدالله بن زايد فى الولايات المتحدة ووجه إليه عتاباً شديداً على موقف الإدارة الأمريكية الداعم لجماعة الإخوان المسلمين، حيث طالب الشيخ عبدالله بن زايد نظيره الأمريكى بتبنى سياسة أكثر موضوعية فى العلاقة مع مصر تقوم على ثلاث ركائز أساسية:
1- احترام إرادة الشعب المصرى التى عبر عنها من خلال ثورته التى شارك فيها أكثر من 33 مليون مصرى عبروا عن جموع أغلبية الشعب المصرى وحلمهم فى التغيير وإنهاء نظام جماعة الإخوان المسلمين الذى فشل فى حكم البلاد وإدارتها.
2- عدم التدخل فى الشئون الداخلية المصرية والتوقف عن تأييد تيار الإخوان على حساب الشعب المصرى لأن ذلك سوف يلحق أفدح الأضرار بالعلاقة المصرية الأمريكية، كما أن ذلك من شأنه أن يثير رفض واستياء العديد من الأنظمة العربية الأخرى.
3- ممارسة الضغط على جماعة الإخوان وعدم تشجيعهم على تبنى سياسة العنف والإرهاب وتهديد الأمن والاستقرار فى البلاد، ومطالبة الدول الحليفة للولايات المتحدة بالتوقف عن دعمها المادى والأدبى لجماعة الإخوان المسلمين.
فى هذا الإطار كان رد جون كيرى محدداً أيضاً فى ثلاث نقاط، نقلها المسئول الإماراتى إلى كبار المسئولين المصريين وهى:
1- إن الولايات المتحدة تحترم إرادة الشعب المصرى وتقدر اختياره وإنها لا تعتبر أن ما جرى فى مصر انقلاب عسكرى، خاصة أن قادة الجيش بعيدون بالفعل عن السلطة وأنهم قد سلموها إلى حكومة مدنية انتقالية.
2- إن واشنطن تدعم خارطة المستقبل التى أعلنتها الحكومة وتطالب بالإسراع فى تنفيذها وترفض إقصاء أى من التيارات السياسية المصرية عن حق ممارسة العمل السياسى وأنها أرسلت ويليام بيرنز مجدداً إلى القاهرة للعمل على توفير الضمانات الكافية بتحقيق مصالحة وطنية بين أطراف النزاع فى مصر.
3- إن واشنطن تحذر من العنف من كلا الجانبين إلا أنها تدعم موقف الحكومة المصرية فى تحقيق الاستقرار استناداً إلى القانون.
فى هذا الوقت ترددت معلومات وتصريحات على لسان مسئول كبير بالسفارة الأمريكية أفادت بأن قراراً صدر من الخارجية الأمريكية يقضى بنقل السفيرة الأمريكية فى القاهرة، آن باترسون، وتصعيدها إلى منصب مساعد وزير الخارجية وهو أمر جاء بالتأكيد بعد حالة التخبط الشديد التى عاشتها الإدارة الأمريكية فى تعاملها مع مصر خلال الفترة الماضية بسبب تقارير ومواقف السفيرة الأمريكية، ما أدى إلى ازدياد حالة السخط ضد السفيرة والمطالبة بإبعادها عن القاهرة.
وبالرغم من أن المرشح لتولى منصب السفير بدلاً منها، روبرت فورد، معروف بأنه واحد ممن وقفوا وراء الحرب الطائفية فى العراق وسوريا، فإن القاهرة لم تبدِ موقفاً معلناً حتى الآن تجاه المعلومات التى أشارت إلى احتمالية ترشيحه لمنصب سفير الولايات المتحدة فى القاهرة.
وأمام هذه التطورات المتلاحقة على الصعيد السياسى والزيارات التى تعج بها القاهرة هذه الأيام.. يبقى السؤال المطروح: إلى متى يظل الوضع على ما هو عليه؟!
إن المشهد الحالى على الساحة يقول:
1- إننا أمام إصرار من جماعة الإخوان على استخدام العنف من سيناء إلى العديد من المناطق الأخرى كوسيلة لممارسة الضغط على الحكومة لإجبارها على تقديم تنازلات تتعلق بإدماج جماعة الإخوان فى العملية السياسية والحيلولة دون حلها أو حل حزب الحرية والعدالة وكذلك الإفراج عن قادتها المحبوسين.
2- إن هناك محاولة للاستقواء بالأجنبى بدت واضحة منذ اليوم الأول وإن الجماعة ليس لديها مانع من إشعال البلاد والسعى إلى إثارة الفتنة على أراضيها ومحاولة جر الأقباط إلى الدفاع عن أنفسهم وكل ذلك يعكس حالة الضعف والارتباك التى تسود الجماعة بعد فشل مخططها طيلة الأسابيع الماضية فى جر البلاد نحو العنف والدماء كوسيلة للحصول على تعاطف محلى ودولى يعيدها إلى الواجهة من جديد.
3- إننا أمام محاولة سافرة من العديد من بلدان الغرب تحديداً للتدخل فى الشئون الداخلية المصرية وفرض أجندة تؤدى إلى تراجع سيطرة الدولة وتمثل أيضاً تدخلاً فى شئون القضاء بالمطالبة بالإفراج عن الرئيس مرسى وآخرين، حتى وإن كان هذا المطلب قد تراجع علانية فى الآونة الأخيرة، خاصة بعد أن جرى إطلاع المسئولين الأجانب الذين زاروا مصر مؤخرا على حقائق الوضع فى البلاد.
4- إن الأزمة المكتومة بين واشنطن والقاهرة قد تصاعدت بعد موقف إدارة أوباما من الثورة المصرية وهو ما عبر عنه الفريق أول السيسى فى حديثه إلى ال«واشنطن بوست» حيث قال إن أوباما أدار ظهره للمصريين وإنه أحبط من جراء موقف الولايات المتحدة التى لم تكن أكثر حماساً لتبنى أسباب عزل مرسى وإنه بدا مثله مثل المصريين غاضباً من عدم تأييد الولايات المتحدة بشكل كامل لشعب حر ضد حكم سياسى غير عادل وأمام رئيس كان يمثل أتباعه وأنصاره ولم يكن رئيساً لكل المصريين.
5- إن الساعات القليلة الماضية أثمرت عن تطور مهم للغاية تمثل فى تفويض جماعة الإخوان للشيخ محمد حسان وآخرين للقيام بجهود وساطية بينهم وبين الحكومة حيث التقى هذا الوفد المفوض، أمس الأول، بالفريق أول عبدالفتاح السيسى وبحثوا معه سبل التهدئة وحقن الدماء، ما يؤكد غلبة الموقف العقلانى لدى بعض رموز العمل الإسلامى وهو ما قوبل بتأكيد الفريق أول السيسى على ذات الموقف المعلن بأن الدولة لن تلجأ إلى القوة فى إنهاء الاعتصام، غير أن ذلك لا يعنى عدم إنهائه من خلال العديد من الطرق الأخرى.
6- إن الشارع المصرى الذى عبر عن غضبه واستيائه من عدم حسم الأمر وإنهاء الاعتصام ورفضه لمواقف بعض من أعاقوا قرار التنفيذ أصبحت لديه قناعة تامة بأن جماعة الإخوان بارتكابها الجرائم الإرهابية وعدم اعترافها بالإرادة الشعبية إنما أصبحت فصيلاً إرهابياً معادياً لن يكون له مكان على الساحة السياسية فى ضوء الممارسات الراهنة للجماعة وإن أى حديث عن دمج جماعة الإخوان فى العملية السياسية بالصورة الراهنة مرفوض جملة وتفصيلاً.
إن التوقعات تشير إلى أن الدولة عازمة على فض هذه الاعتصامات ووضع حد للفوضى، خاصة أن المادة 10 من القانون 14 لسنة 1923 «قانون التظاهر» تعطى للشرطة الحق فى فض الاحتشاد الذى من شأنه تهديد الأمن العام وقط الطرق فى الشوارع والميادين دون الحاجة إلى إذن من النيابة العامة.
الساعات القادمة حاسمة، الإخوان يحشدون النساء والأطفال ويأتون بهم من كل حدب وصوب، بهدف الإيقاع بهم فى أى محاولة لفض الاعتصام، غير أن الحكومة التى بدأت منذ فجر أمس إجراءات تتعلق بالسيطرة على المنافذ الرئيسية لمداخل الاعتصامين يبدو أنها مصممة على إنهاء الاعتصام فى أقرب وقت ممكن.
الحكومة تدرك تماماً أن بقاء الوضع على ما هو عليه حالياً سوف يرسخ لمزيد من الفوضى والانفلات، وهى تعرف تماماً أنها إن لم تنه هذه الفوضى سريعاً فإن جماهير الشعب سوف تتحرك لفض الاعتصامات وساعتها ستنطلق شرارة الحرب التى لن تتوقف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.