منذ نحو سبع سنوات زرت صديقا بصحبة أستاذ لى، وكان هذا الصديق يستعد لزيارة رسول الله بطيبة المباركة، فقال لأستاذى هذا: هل تريد منى شيئا؟ قال له الأستاذ الأزهرى الكريم: نعم، إذا وقفت عند رسول الله فأبلغه هذه الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، أما بعد.. فمن أفقر الورى إلى الهُدى، وأحوج العباد إلى الجود والندى، إلى أعز خلق الله على الله، وأكرم عباد الله على الله، صفوة الله من خليقته، وخيرة الله من بريَّته، مجمع الكمال، ومنبع الفضل والهدى والجلال، الذى هدانا الله به من الضلالة، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، سيدنا، وسندنا، وتاجنا، وفخرنا، وزخرنا، وكنزنا، سيدنا محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم).. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سلاما من عبد اشتاقت إليكم روحه، واعتصم بهديكم قلبه، وآمن بكم جنانه، وشهد لله بالوحدانية، وشهد لك بالرسالة، ونذر عمره لخدمتك، وعلَّق خاطره بحضرتك، واستغرق فكره فى شريعتك، وأحب أمتك، وخدم ملتك، وأوقف على محبتك وموالاتك ونصرتك النفس والنفيس، فوالله ما على ظهر الأرض أحب إلى القلب من ذاتك، ولا أحلى فى اللسان من ذكرك، ولا أطيب فى العيش من اقتفاء أثرك والتخلق بأخلاقك الشريفة، وإنى يا سيدى لأبثك هموما وأوجاعا، وأخزانا وآلاما، وشجونا وغموما ترامت على القلب، وهو والله أشد من يكون تعلقا بك، وقد أنزلت حاجتى بساحتك، وأنت أرأف بى من أبى وأمى والناس أجمعين، وأنت أحب إلى من أبى وأمى والناس أجمعين، وإنى يا سيدى لأشهدك وأشهد رب العرش العظيم أننى على عهدك وميثاقك ما استطعت، لمحة من رضاك أحب إلىّ من الدنيا وما فيها، ونظرة من شفقتك وحنانك يصلح بها شأنى، وأمضى إلى ربى على بصيرة، وإنى يا سيدى قد شددت رحالى، وحزمت متاعى، وعزمت على الخروج إليك، لولا أنه قد حيل بينى وبينك. وأنت والله أغلى مطالبى، وغاية مقاصدى، كيف وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وكيف وأنت منا بمنزلة الوالد من الولد، وكيف وأنت أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا، ومما طلعت عليه الشمس، فوالله إن مسيرى إليك، وقدومى عليك، ووقوفى بحضرتك لأحب إلىّ من نفسى، وإن كان الخلق قد حالوا بينى وبينك فإن فى تشوقى بك وتعلقى بحضرتكم ما أرجو به حفاوتكم وقبولكم وتلطفكم، وإنى لأرجو أن يبدلنى الله بذلك ما تعرفونه به يوم الحشر الأعظم، يوم تذهل كل والدة عن ولدها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، يوم الشفاعة العظمى، إذ لا أكرم على الله يومئذ منك، يوم يلجأ إليك الخلق أجمعون، الأنبياء فمن دونهم تحت لوائك، وإنى لأرجو أن تعرفنى وتأخذ بيدى يومئذ، وأن أحشر فى وفدك معروفا عندك، مقربا إليك مع من أحببتهم وأحبوك ورضيت عنهم ونصروك، وإنى يا سيدى أنا الفقير العاجز المسكين الذليل، أويت إلى ركنك، واستفتحت بجاهك، واستفتحت على الله بك. ونظرة ودكم تحيى فؤادى.... وعطف حنانكم يصلح كلى وهذه رسالتى إليك إذ عز وقوفى، وهذا شوقى إلى حضرتك، وتحصنى بعزتك، وقد وضعت يدى فى أيدى صحابتك وتابعيهم، ونوابهم وورثتهم، أُعظِّم شريعتك، وأعمل بسنتك، وأتعلق بحضرتك، سائلا الله أن يجمعنى بكم حسا ومعنى، دنيا وأخرى، ظاهرا وباطنا، عاجلا غير آجل، فى خير ولطف وعافية، وصلى الله وسلم عليك وعلى آل بيتك وأصحابك صلاة وسلاما كاملين تامين لائقين بمقامك الكريم. أرسله: من أملاه، ومن كتبه، ومن سمعه، ومن قرأه.