يبدو وكأنه فرن لإنتاج الخبز بشارع الرماح بحى الخليفة، ولكن بنظرة للداخل، يتضح للمارة وجود فريق عمل كامل، وكأنهم خلية نحل، وفى نظام شديد كل منهم له مهمة مختلفة، يعملون على تسوية «الذرة» المترامية حولهم فى كل مكان، لتأتى بعدها مرحلة الانتشار فى الشوارع، حيث يستعد بعضهم لبيعها فى الأسواق والأماكن المختلفة حتى تكتمل المهمة التى بدأتها العائلة معا ًداخل فرن الذرة. بالداخل يجلس العشرات، وهم من أعمار مختلفة فى درجة حرارة قد تصل إلى 60، بسبب النار الخارجة من الفرن، أقربهم للنار هو عيد فوزى، ومهمته هى إدخال الذرة للفرن وتسويتها: «تعبان أُمال ما تعبش إزاى، أنا طول عمرى قدام الفرن وبتحمل حر زيادة عن حر الشارع بمراحل»، يعمل «عيد» منذ السادسة صباحاً وحتى 11 مساء، من أجل بناته الأربع: «مهنة خدت صحتى، بس هعمل إيه أكل عيشى، أنا عمرى 40 لكن شكلى كبر قوى بسبب نار الشغل». أما قدرى فوزى، 43 عاماً، فكان يقوم بتقشير الذرة، ليناولها لشقيقه: «نشتغل فى المكان ده، والشباب الصغير يسرحوا بالدرة فى الشوارع والمدن، وكلنا هنا أخوات وولاد عم»، وهى المهمة التى يعملون فيها منذ أكثر من 30 عاماً: «تفرق كتير عن المشوية على الفحم، اللى فى الفرن صحية، أصل الفحم فيه ترابة مش كويسة على الصحة». أما مؤمن عادل فوزى ابن شقيقهما، أصغر منهما سناً، فيشكو من مشاكل مهنة العائلة: «مع إنى ولفت عليها، لكن مالهاش مستقبل ولا معاش، وسايبها على ربنا»، يحكى بعدها أنهم يعملون وكأنهم فى مصنع، كل منهم الكبير والصغير يحفظ دوره جيداً من أجل رزق الأسرة: «واحد يقطع حد يشيل، وحد على الفرن، حد ينزل البضاعة، هى منظمة نفسها، لحد اللى بينزل يبيع الكوز بجنيه ونص فى الشوارع».