لا شك أن هناك عنصرا مشتركا قبل 30/6 وبعدها إلا وهى الفوضى التى ما زالت منتشرة بشوارع مصر فنحن منذ يناير 2011 وشارعنا عنوانه الفوضى وهذا يجبرنا مرة أخرى إلى العودة بالذاكرة إلى 2005 عندما أطلقت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس مصطلح الفوضى الخلاقة للشرق الأوسط الجديد تلك الفكرة الشيطانية الملعونة التى كان غرضها إسقاط كل أنظمة الشرق القديم وإقامة أنظمة جديدة.. الفوضى التى كلما حاولنا الخروج منها نجد أنفسنا مرة أخرى غارقين فيها من جديد، وإذا تأملنا المشهد السياسى فى مصر نجد أن الإخوان فقدوا الحكم بسبب تعمدهم الغبى فى استمرار الفوضى كوسيلة لأخونة الدولة مما أجبر الشعب على استدعاء جيشه للتخلص منهم.. هذا الاستدعاء تسبب فيه الإخوان بغبائهم، فمن أول يوم لحكمهم وهم يخاطبون المصريين بخطاب عنصرى يفرق بين أهلهم وعشيرتهم وبين باقى الشعب ناهيك عن محاولتهم احتكار السلطة بإقصاء كل القوى السياسية الأخرى بسلاح الفوضى والتهديد والوعيد والقتل والتكفير، ولا ننسى حصار مؤسسات الدولة وحصار المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامى ليس من ذاكرتنا ببعيد، وإن كنت أظن أن الخطأ الاستراتيجى الذى دفع الإخوان لذلك هو سوء تقديرهم وحساباتهم مع المؤسسة العسكرية المصرية بيت الوطنية، فالإخوان ظنوا أنهم بإقصاء طنطاوى وعنان ورضاء المؤسسة العسكرية بوضع مميز فى الدستور ظنوا هكذا أنهم حيدوا الجيش وفصلوه عن الشعب، خاصة مع ظنهم الخاطئ أن السيسى رجلهم وليس رجل المصريين جميعا تصرفوا على هذا الأساس.. لذلك لم يلتفتوا إلى الشارع الملتهب ولم يحاولوا استيعاب مطالب باقى القوى السياسية، هذا الخطأ الفادح الذى ارتكبه الإخوان لم يستيقظوا منه إلا على زلزال عزل السيسى لمرسى فى 30 /6 تنفيذا لرغبة الشعب.. وهنا أظن أن فكرة تمرد التى أذهلت العالم والتى أجبرت الظروف الصعبة التى تمر بها مصر شبابها على ابتكارها هى فى الأساس فكرة قائمة على محاولة التخلص من فكرة الفوضى الخلاقة التى أرهقت المصريين كثيرا مما جعلنا نجزم أن المرحلة أصبحت هى مرحلة حرب أفكار، نوع جديد من الحروب أساسه الفكر والفكر المضاد ولكن هل نجحت فكرة تمرد فى إخراجنا من الفوضى؟ اعتقد الشعب أن بانتخابه مرسى سيتخلص من الفوضى وهذا لم يحدث، ثم اعتقد مرة أخرى أنه لو تخلص من مرسى سيتخلص من الفوضى، بل ازداد المشهد فى مصر سخونة، فالدماء تسيل بالشوارع، وكل يوم تظهر بؤرة جديدة ملتهبة فى مصر تسيل فيها الدماء، وكأنه ليل بلا نهار فى ظل الفكرة الملعونة «الفوضى الخلاقة» التى حتى الآن تكاد تكون هى المتصدرة للمشهد فلا الأمريكان سيتنازلون عن الشرق الجديد ولا الشعوب العربية فى المنطقة سوف تعلن الاستسلام لرغبة الشيطان.. وإذا كان الأمريكان الآن فى مأزق بعد أن فقدوا حلفاءهم فى مصر إلا أن ما يحدث فى سيناء، بالإضافة إلى ما حدث من دماء سالت عند الحرس الجمهورى وجامعة القاهرة والمنيل وما سوف يحدث يجعلنا كل يوم أمام جرح فى جسد الوطن وكأننا فى طريقنا إلى سياسة ألف جرح التى تتعمد أمريكا فرضها علينا الآن بغرض هدم أركان النظام المصرى بل وكل أنظمة المنطقة، فهم يرون أن هذه الأنظمة فى طريقها للزوال وعليهم فقط أن يضغطوا عليها ليعجلوا بوفاتها والإخوان هم أداتهم الآن فى الضغط وإحداث الجروح العديدة فى جسد الوطن حتى ينزف لذلك لا تتعجبوا من تهليل الإخوان وتكبيرهم كلما سالت الدماء.. نصيحتى للقائمين على الأمور بمصر إن كانت السياسة ليلا بل نهار فعلى السياسى أن يكون ثعلبا لا ينام.