«الراجل ده هيجننى».. تصرخ السيدة بنفاد صبر واضح على خلفية موسيقية راقصة، من خلفها يطل «الراجل» وهو يبرّر بصوت مستكين: «يا اخواتى صايم وراجل شقيان ومراتى عايزة تجوّعنى حتى فى رمضان»، تشرح السيدة: «يا عالم فهموه رمضان ما عمروش قال كده، رمضان قال احمدوه والحمد مش بالشكل ده»، يجلس الرجل ويده على خده مستسلماً للأمر الواقع دون أن يُبدى أنه اقتنع بكلمات السيدة. هكذا يظهر الممثل الكوميدى فؤاد المهندس مشاركاً بالغناء المطربة المشهورة «صباح» لواحدة من أشهر أغانى رمضان. لاحقاً سيشارك «المهندس» زوجته الممثلة «شويكار» أغنية أخرى عن رمضان كتبها الشاعر الغنائى حسين السيد، قبل أن يُصبح هو نفسه جزءاً أصيلاً من فقرات وبرامج الشهر الفضيل، حين يُقرر صُناع الدراما المصريون أن يمنحوه بطولة فوازير رمضانية تقدم للأطفال. يطل عمو فؤاد على الأطفال بفوازيره كل عام، يرقص ويغنى ويمثل ويختم الحلقة بلغز صغير لأولئك الصغار الذين ينتظرونه، فلا يبخل عليهم بموضوع جديد كل عام، من «عمو فؤاد ويا الأجداد»، مروراً ب«عمو فؤاد والمخترعين»، و«عمو فؤاد رايح يصطاد»، إلى أن تنتهى السلسلة ب«عمو فؤاد رئيس تحرير». الفنان الكوميدى ابن العالم اللغوى زكى المهندس، المولود فى عام 1924 بحى العباسية بالقاهرة، الذى هوى التمثيل منذ مشاهدته نجيب الريحانى، وهو يقدّم عروضه على المسرح، فقرر أن يُصبح مثله، ضارباً عرض الحائط بالتقاليد الاجتماعية وقتها، التى لم تكن تشجع احتراف أبناء الطبقة الوسطى للفن والتمثيل. يلتحق «المهندس» بكلية التجارة فيشترك بقسم التمثيل فيها، وعندما يتخرّج يحاول الانضمام إلى مسرح الريحانى، لكنه لا يصادف توفيقاً، فيجد الطريق ممهداً للاشتراك فى فرقة كوميدية صغيرة تقدّم عرضاً فى الإذاعة المصرية تحت عنوان «ساعة لقلبك». يلمع «المهندس» من خلال شخصية «محمود»، فتفتح له السينما أبوابها ليُقدّم أول أدواره فى فيلم «بنت الجيران» عام 1954 من إخراج محمود ذوالفقار. ينجح الممثل الشاب فى السينما، وفى نفس الوقت يجرّب حظه على خشبة المسرح فيُحقق نجاحاً، يتضاعف عندما يتعرّف إلى ممثلة صغيرة ناشئة سيعرفها الجمهور فيما بعد باسم «شويكار»، يعرض عليها الزواج أثناء مشاركتها له فى مسرحية «السكرتير الفنى»، فتوافق ليكونا معاً أشهر ثنائى كوميدى عرفه العالم العربى. مع «شويكار» يقدم «المهندس» أروع أعماله المسرحية «أنا فين وأنتِ فين»، و«أنا وهو وهى»، و«سيدتى الجميلة»، و«حالة حب»، و«إنها حقاً عائلة محترمة»، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من الأفلام السينمائية والمسلسلات الإذاعية. ورغم انفصالهما اجتماعياً وفنياً فإن «المهندس» لم يتوقف عن تقديم المسرحيات، على العكس، قدم بدون «شويكار» «عشان خاطر عيونك»، و«هالة حبيبتى»، مستحقاً بذلك اللقب الذى أطلقه عليه الجميع دون استثناء «الأستاذ». فى عام 2006 رحل «المهندس» بعد أزمة قلبية حادة، تاركاً خلفه ميراثاً ضخماً من الأعمال الفنية لا تزال تُعرض حتى الآن.