رغم حزمه وصرامته أثناء توليه حقيبة وزارة الداخلية في منتصف الثمانينات، إلا أن ذلك لم يؤثر على احترام الجميع له، كانت عبارة "الشرطة في خدمة الشعب" حقيقة وليست شعارًا، عامان تولى فيهما الجهاز الشرطي، تعاقب بعده العديد من الوزراء وسبقه قائمة طويلة من الأسماء، إلا أن اسم اللواء أحمد رشدي، كان له صدىً خاصًا في تاريخ وزارة الداخلية، على المستوى الأمني والخدمي للمواطنين. ابن مدينة بركة السبع في المنوفية، كان لقبه "قاهر المخدرات"، فهو صاحب أكبر ضربة لأوكارها، نجح في القضاء على "إمبراطورية الباطنية" - أكبر معقل لتجارة المخدرات - من خلال الحيلة والدهاء، وعندما سُئل عن ذلك أجاب هادئًا "زرعتها عساكر شرطة لابسين رسمي"، حينما خرج من الوزارة انتشرت أقاويل ساخرة عن وجود نوع جديد من المخدرات أطلق عليه التُجار "باي باي رشدي". شعبية أحمد رشدي، ونجاح سياسته في إدارة الجهاز الشرطي، رفعت من أسهمه بين فئات الشعب، وهو ما أثار حفيظة بعض المسؤولين وأصحاب المصالح الذين انتابهم الخوف والغضب، فكانت واقعة "أحداث الأمن المركزي" هي الأداة للإطاحة به، حينما ترددت شائعة مد فترة الخدمة العسكرية لمجندي الأمن سنة إضافية، فانتفضت معسكرات الأمن المركزي بالمظاهرات، لتطيح بذلك الرجل من الوزارة ويخلفه اللواء زكي بدر. ظل اللواء أحمد رشدي، بعد خروجه من الوزارة، متحفظًا في تصريحاته لوسائل الإعلام، آثر الصمت عن الحديث، لم يتطرق للإساءة لأسماء بعينها، لكنه اكتفى بما قدّمه لمصر وشعبها في عهده، انتابه شيئا من الحسرة على ما أصاب جهاز الشرطة في الآونة الأخيرة، واستخدامها كأداة قمع للمواطنين، ليُعلن نبأ وفاته صباح يوم الرابع من يوليو 2013، وتبقى سيرته العطرة خير متحدث عنه لأجيال لم تدركه.