ألف مبروك لرئيس كل المصريين المنتخب د.محمد مرسى الذى لم أعطه صوتى، وتحية للفريق شفيق الذى اعترف بالهزيمة وهنأ الفائز مثلما يحدث فى الدول العريقة فى الممارسة الديمقراطية، والآن وقد انتهى الكلام والوعود، وبدأ الجد والعمل والوفاء بالعهد، وبعد أن كانت مصر على وشك الانفجار وتم نزع فتيل الأزمة وتنفسنا الصعداء، يخرج علينا بعض المتنطعين (أى المتشددين) لكى يوقدوا نار الفتنة من جديد ويدعوا إلى مليونية أمام قبر الرئيس العظيم الراحل السادات بحجة أن الانتخابات مزورة، وأن النتيجة تم تبديلها فى آخر لحظة لصالح مرسى، وأن قتلة السادات لا يمكن أن يحكموا مصر، وذلك بعد أن أقر المنافس المهزوم نفسه بالنتيجة ونفى وجود مخالفات جسيمة أو تزوير يؤثر على نتائج الانتخابات، خرج هؤلاء المتنطعون ليسبوا المجلس العسكرى وينادوا بسقوطه بعد أن كانوا يسبحون بحمده آناء الليل وأطراف النهار، فما الذى تغير؟ الذى تغير هو الصدمة التى لحقت بهم بعد إعلان النتيجة ورهانهم على شفيق وليس على مصر، فهناك آخرون صوتوا لشفيق من أجل مصر من وجهة نظرهم، إلا أن هؤلاء المصدومين خرجوا من المولد بلا حمص بعد أن وطنوا أنفسهم على اقتسام الغنائم وأخذ نصيبهم من كعكة الثورة، فاستخدموا بلطجة الابتزاز والتشهير التى يرفضها كل مصرى وطنى مخلص، وبالتأكيد لا يوجد فى المشهد ملائكة سواء المجلس العسكرى أو الإخوان أو الثوار أو الإعلام أو الصامتون، فقد أخطأ الجميع وأصابوا، ولكن فى النهاية ينبغى أن نضع نقطة ونبدأ من أول السطر متقبلين نتيجة الانتخابات التى أجراها قضاة محترمون نحترمهم ونجلهم، ولعل ما حدث فى الولاياتالمتحدة أثناء انتخابات بوش الابن وآل جور يعطينا مثالاً لكيفية تغليب المصلحة العليا للبلاد على المصالح الشخصية، فقد تحول الصراع بين المتنافسين على منصب الرئاسة من صراع حول أصوات الناخبين إلى صراع فرز أصواتهم، حيث كان هناك نزاع على الأصوات فى فلوريدا هو الذى سوف يحسم نتيجة الانتخابات، وتم إعادة فرز الأصوات فى فلوريدا (ومما ينبغى الإشارة إليه أن حاكم ولاية فلوريدا فى ذاك الوقت كان الأخ الأكبر لبوش، أى أن آل جور كان يمكن أن يتهمه بالتدخل لصالح أخيه ولكن هذا لم يحدث) ودخل الطرفان فى معركة قانونية جديدة وصلت إلى المحكمة الفيدرالية العليا (أعلى درجات سلم القضاء هناك)، حيث حسمت المحكمة العليا النزاع لصالح الحزب الجمهورى ومرشحه للرئاسة بوش، وصوت خمسة من قضاة المحكمة العليا التسعة لصالح الجمهوريين وأحقيتهم فى الرئاسة مقابل أربعة لصالح آل جور، أى أن فارق صوت واحد فقط هو الذى جاء بالجمهوريين وإدارة جورج دبليو بوش إلى الحكم وسدة الرئاسة الأميركية، لينتهى الأمر فى النهاية بإعلان فوز جورج بوش الابن على منافسه آل جور برئاسة الولاياتالمتحدة لأربع سنوات قادمة. وعلى الجانب الآخر ينبغى أن يعى الفريق الفائز أن الشعب قد كل وفاض به، وأن انتخاب الرئيس لدى الكثير من البسطاء ربما يستتبعه حالة من التربص والانفجار من قبل الذين يعتقدون أن الرئيس لديه عصا سحرية لحل جميع المشاكل، والحقيقة أنه إن لم يقف الجميع خلفه فسوف يفشل، فلندعُ له من أجلنا ومن أجل كل المصريين الذين هم فى رباط إلى يوم الدين. وأخيراً أتمنى ألا يبدأ الرئيس عهده بعدم احترام القانون والقضاء الذى أثنى عليه بعد نتائج الانتخابات لكى لا يقال إنه فعل ذلك لأنها كانت فى صالحه، أما عندما يصدر القضاء حكماً فى غير صالحه مثل حكم الدستورية العليا بحل مجلس الشعب فإنه يتذمر ويعترض وينزل أنصاره إلى الميادين، ويطلبون أن يحلف اليمين أمامهم وليس أمام المحكمة الدستورية، إننى أربأ بك يا سيادة الرئيس أن تبدأ عهدك بمخالفة القانون وعدم احترام القضاء.