دعت الندوة الرفيعة المستوى "مضيق باب المندب.. آفاق تعاون إقليمي أوسع"، التي نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي على مدار يومين، إلى استبعاد أي قوى، تتبنَّى سياسات تقوم على العنف أو الإرهاب أو التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، أو محاولة فرض النفوذ والتوسُّع الإقليمي، من المشاركة في أيِّ ترتيبات حول أمن باب المندب واستقرار الدول المطلَّة عليه. واختُتمت، اليوم الثلاثاء، أعمال الندوة الرفيعة المستوى، وحضر أعمال اليوم الثاني من الندوة عدد من المسؤولين والدبلوماسيين والمفكرين والخبراء والباحثين العرب والأجانب، من بينهم نبيل فهمي وزير الخارجية السابق والدكتور ضياء رشوان رئيس مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. واستكملت الندوة أعمالها في يومها الثاني من خلال استكمال محاورها الرئيسية، حيث عقد المحور الثاني بعنوان "التهديدات الأمنية الإقليمية المتغيرة ومضيق باب المندب"، وركز على أهم المعوقات التي تعترض الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك التهديدات المستجدة التي تواجه الأمن البحري لمنطقة مضيق باب المندب، بالإضافة إلى مراجعة الوضع الراهن للتعاون الأمني بين الحكومات في المنطقة. وتابعت الندوة أعمالها بعقد المحور الثالث بعنوان "معوقات وآفاق تعزيز الاستثمارات والتعاون الاقتصادي"، حيث ركز على تقييم أولويات آفاق ومعوقات تعزيز الاستثمارات (المشتركة) والعلاقات التجارية والتنموية بالمنطقة، إلى جانب تدارس إمكانية تعميق التعاون الاقتصادي الإقليمي. وقد خرجت الندوة بمجموعة من التوصيات، من أبرزها ضرورة تبنِّي رؤية أكثر شمولية واتساعاً في التعامل مع قضايا الأمن والاستقرار بمنطقة باب المندب، تتجاوز الإطار الجغرافي الضيِّق لتشمل دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية"، و"جامعة الدول العربية"، و"الاتحاد الإفريقي"، و"الاتحاد الأوروبي"، وغيرها من الأطراف الإقليمية والدولية المعنيَّة بأمن وسلامة الملاحة في هذا الممر البحري المهم. ودعت توصيات الندوة إلى العمل على تعزيز الجهود المبذولة لتسوية الأزمة في اليمن، استناداً إلى المبادرة الخليجية وقرارات الشرعية الدولية؛ باعتبار أن استمرار الصراع في هذا البلد يمثل أكبر تهديد لحرية الملاحة في مضيق باب المندب وبحر العرب، ومن ثم الملاحة الدولية بشكل عام. كما دعت توصيات الندوة إلى العمل على تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز الحوكمة، ومواجهة الأزمات والمشكلات في المنطقة المحيطة بمضيق باب المندب؛ حتى لا تتحول إلى صراعات خطِرة تؤثر سلبياً في أمن المضيق، وتتحول إلى مصدر خطر على الملاحة فيه. مع ضرورة أن تكون هناك منهجية إقليمية للعمل وفق أولويات محدّدة، أهمّها: تعزيز الأمن، ولاسيّما في الصومال واليمن، وحماية حرية الملاحة البحرية، والأخذ في الاعتبار الجوانب الديمغرافية، والتصدي للمشكلات الرئيسية، مثل الفقر وضعف المؤسسات، وسوء الحوكمة وضعف المشاركة. ودعت إلى وضع آليَّة للحوار المنتظم بين دول "الجامعة العربية" ودول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" ودول "الاتحاد الإفريقي" و"الاتحاد الأوروبي"، والدول الأخرى المعنيَّة في العالم حول مصادر القلق والتهديد بمنطقة باب المندب. وأكدت الندوة في توصياتها إن أمن مضيق باب المندب يتطلَّب ترتيبات تتجاوز المفهوم العسكري الضيق للأمن إلى الأبعاد الاقتصادية والتنموية والثقافية والإنسانية وغيرها. كما دعت إلى الاهتمام بالأمن في منطقة المحيط الهندي؛ لارتباطه الوثيق بالأمن في مضيق باب المندب، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي للحفاظ على الأمن في أعالي البحار، وتوفير الحماية الكافية للممرات الملاحية الدولية. وشددت على أهمية تطوير نظام لتبادل المعلومات حول تهديدات أمن مضيق باب المندب، وخاصة فيما يتعلق بالإرهاب والقرصنة وتهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية، والتفكير في إمكانية تسيير دوريات بحرية بالتعاون بين الدول العربية والإفريقية والأوروبية لمراقبة الأمن في منطقة باب المندب، ودعم العمل المشترك لتطوير بناء قدرات وإمكانيات دول منطقة القرن الإفريقي وباب المندب في مواجهة الجرائم العابرة للحدود، وإعطاء أهمية خاصة لدعم جهود التنمية الشاملة والأمن والاستقرار الداخلي، والمصالحة الوطنية، ومواجهة ظواهر التطرف والإرهاب والقرصنة والاتجار بالبشر في منطقة القرن الإفريقي.
التوصيات تدعو لتسيير دوريات بحرية بالتعاون بين الدول العربية والإفريقية والأوروبية لمراقبة الأمن في منطقة باب المندب
وأوصت الندوة بالاستفادة من تجربة التعاون الإقليمي في حوض البحر الأبيض المتوسط، في صياغة ترتيبات التعاون بين الأطراف المعنية بتحقيق الأمن والاستقرار في مضيق باب المندب والبحر الأحمر. وكذلك دعوة "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" إلى إعطاء قضية الأمن والاستقرار في منطقة باب المندب أولوية خاصة؛ من خلال العمل على إعداد دراسة شاملة حول هذه القضية بالتعاون مع "الاتحاد الأوروبي".