يقف فى ورشته يتأمل المركب الذى يصنعه ويرجع مرة أخرى لأوراقه ممسكاً بالأدوات البدائية التى كان يستعملها المصرى القديم. أحمد فاروق قدم تجربة غير مسبوقة، فهو يقلد المراكب المصرية القديمة فى نماذج مصغرة. تخرج فى كلية «نظم ومعلومات»، لم يجد عملاً بعد الثورة فقرر أن يخلع ثوب البطالة ويصنع مجسمات صغيرة رخيصة يستطيع بيعها، مثل الطائرات والسيارات والدراجات البخارية، ليعيل نفسه، كما يقوم أيضاً بصناعة «ماكيتات» لطلبة كليات الهندسة، وهذه الأعمال مصدر دخله الأساسى، أما المراكب فهواية يحبها ويخلص لها. تبدأ حكايته مع «الأساطيل» عندما زار مركبة الملك خوفو بالأهرامات، وبهرته الباخرة القديمة بطولها وتفاصيلها، فقدم تجربة جديدة: «المعرض كله مش موجود فى المتاحف، هناك بعض النماذج لمراكب صغيرة لكن جبت أغلبية التصاميم من جدران المتاحف والمعابد». واستعمل أحمد المسامير الخشب التى كان يستعملها الفراعنة فى صناعة مراكبهم: «المركب الفرعونى تكنيكها معقد، والمراكب كانت تجارية، للنزهة الملكية، احتفالية، جنائزية وحربية». كل مركب لها شكل مختلف عن الآخر كما يوضح أحمد، فالأسطول النيلى يختلف عن البحرى: «المراكب كان يتم طلاؤها بدهن العنبر أو الزفت، ويتم سد الشقوق والفتحات بعد ذلك بخيوط الكتان ونبات البردى». ويؤكد أحمد كيف أن العرب تأثروا بالحضارة المصرية عندما كانوا يصنعون سفنهم، وهذا ما أثبتته قناة «ناشيونال جيوجرافيك» فى فيلم قدمته عن سفينة «الداو» العمانية، وإن كانت العقد و«الربطات» مختلفة. يقول: «وأنا أعمل فى المراكب كنت أتأثر جداً بأحداث البلد وما يجرى فيها، فكنت أكتب فى قلب كل مركبة الحدث الموجود على الساحة مثل محمد محمود، ماسبيرو، استاد بور سعيد، حتى أحداث الثورة كلها، مكتوبة فى بطون المراكب، وبعد سنوات لو حد فتح المراكب دى يتذكر أحداث مصر المؤسفة».