بعيداً عن المنصة التى أعدت فى «الغيط» بقرى البنجر فى الإسكندرية ليلقى الرئيس محمد مرسى خطابه فى عيد الحصاد، وبعيداً عن السجادة الحمراء التى مدت ليسير عليها، هناك واقع أسود تعيشه هذه القرى لم يره مرسى، ولم يهتم به، «الوطن»، زارت قرى البنجر لتقدم الصورة الكاملة، والحقيقية لمعاناة المواطنين، والفلاحين، الذين يعيشون ليس تحت خط الفقر، ولكن تحت خط اللإنسانية. يقول شعبان عبدالعزيز، أحد أهالى نجع دياب سالم فى قرى البنجر: «إحنا هنا ما حدش سائل فينا خالص، وكأننا مش بنى آدمين، ونحن محرومون من أبسط أساسيات الحياة، فمنذ أن افتتح الرئيس السابق حسنى مبارك، مشروع شباب الخريجين فى عام 1987، باتت نجوع البنجر ملكاً لهؤلاء الشباب، وصار الأهالى فى حكم المطرودين من هذه الأراضى، كافة الحقوق والخدمات من حق الخريجين فقط دون الأهالى، ولا نجد أى دعم من الحكومة لنا فى أى مجال». وأضاف: «قرى البنجر بها 40 نجعاً يعيش بها ما يقرب من 120 ألف مواطن، يمثلون 30% من سكان القرى، جميعهم خارج حسابات الحكومة، وكأنه ليس من حقنا أن نحيا فى هذه القرى، وجميع أراضى النجوع وضع يد، والحكومة ترفض تقنين أوضاع الأهالى عليها، وهو ما يتسبب فى مشاكل طائلة، ونظراً لعدم وجود أوراق رسمية تثبت ملكية الأرض، فإن الكثيرين يستغلون أن العرف فى النجوع هو وضع اليد، ويبيعون الأرض لأكثر من مشترٍ، ليفاجأ الفلاح البسيط فيما بعد أنه وضع كل ما جمعه فى حياته من مال فى أرض ليست ملكاً له وحده، وأصبح ضحية لعملية نصب، المتسبب الأول فيها الحكومة التى ترفض تقنين الأوضاع، وتنظيم عمليات تقسيم الأراضى فى نجوع البنجر، وتعتبر الأرض حقاً فقط لشباب الخريجين دون الأهالى». وأوضح أن الخدمات فى النجوع غير موجودة بالمرة، ولا توجد مياه رى للأراضى الزراعية، وقال: «نروى بمياه الصرف الزراعى، والجمعيات الزراعية ترفض منحنا التقاوى، والكيماويات، والمخصبات الزراعية، بدعوى أننا ليس لنا حق وأنها فقط من حق شباب الخريجين». وقال أحمد مشالى، أحد أهالى قرى البنجر: «مشاكلنا لا تقتصر فقط على المشاكل الخاصة بالأراضى والزراعة، لكن لا توجد أى خدمات، نحن محرومون من مياه الشرب التى لا تصل إلى المنازل سوى ساعة واحدة فى الليل، والكهرباء تقطع بشكل دائم، ونحن محرومون من المخابز، وأقرب مخبز يبعد كيلو والنصف، وفى أحيانٍ كثيرة، يرفض صاحب المخبز أن يعطينا «عيش» بحجة أن إحنا مش من شباب الخريجين». وأضاف: «ما عندناش مدارس، ولا وحدة صحية قريبة، والمدرسة الوحيدة موجودة فى المعهد الدينى فى القرية 6، وتبعد عن النجع بحوالى 5 كيلومترات، وأولادنا بيذهبوا لها مشى، علشان ما فيش مواصلات». وقال أشرف البهنساوى، أحد الأهالى: «الطرق فى قرى البنجر كلها سيئة، ولا تصلح، ولا توجد عليها أعمدة إنارة، يعنى بعد المغرب ما حدش يقدر يمشى فى الشوارع أصلاً، والمواصلات شبه منعدمة، ما فيش غير التوك توك، والعربية المفتوحة والتروسيكل، ومش موجودين بشكل دائم، بتلاقيهم كل فين وفين، ومش بيرضوا كمان يدخلوا عند القرية المركزية عشان شوارعها كلها مكسورة». وأضاف: «الحكومة كانت عارفة كده، فما رضيتش تجيب الرئيس من طريق المراقبة الرئيسى اللى كلنا بنمشى عليه، وجابوه من طريق دير مارى مينا، ورصفوا حتة كبيرة جداً من الطريق، بدءاً من مطار برج العرب حتى طريق الدير علشان خاطر الرئيس هييجى يوم واحد، وصرفوا عليها مبالغ كبيرة، وإحنا اللى عايشين هنا على طول، ما حدش سائل فينا خالص». وأوضح أنه منذ عام 2002، والأهالى حاصلون على ترخيص بإشهار مركز شباب للقرى من وزارة الشباب والرياضة، ورغم أنه مقام بالفعل، ويضم ملعباً كبيراً، ومبنى إدارياً، لكن الحكومة ممتنعة عن افتتاحه دون أسباب.