رغم سحابات الحزن والاكتئاب العام التى تنشر الغيم على حياة المصريين، إلا أننى لم أملك سوى الضحك أمام تلك الحملة التى أعلن عنها «عاصم عبدالماجد»، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وأطلق عليها حملة «تجرد» لتأييد «مرسى»، وذلك فى مواجهة الزخم الكبير الذى أوجدته حملة «تمرد» الهادفة إلى سحب الثقة من الدكتور «مرسى»، خصوصاً وأنها نجحت فى جمع ما يزيد على 2 مليون توقيع تؤيد ذلك فى غضون عشرة أيام. يظن الإخوان وتوابعهم أن بإمكانهم جمع ملايين التوقيعات المؤيدة ل«مرسى»!. حسناً «الميه تكدب الغطاس»، انزلوا الميادين، واذهبوا إلى قرى ونجوع مصر وتجولوا فى أحيائها العشوائية، مثلما يفعل شباب حركة تمرد، واجمعوا توقيعات تأييد ل«مرسيكم»! ولكن يحق لى أن أسأل: بأى وجه سوف تخرج «الدقون» إلى هذا الشعب ليوقع لها على وثائق تأييد لمرسى؟ بأية أمارة؟ بأمارة كيلو الدجاج الذى تجاوز ال25 جنيهاً، أم طوابير السولار، أم «جراية» الأرغفة الثلاثة، أم كوبونات البنزين، أم انقطاع الكهرباء، أم ارتفاع أسعار أبسط السلع المعيشية، أم جهل وجهالة المسئولين الإخوانيين فى كل المواقع! الإخوان ومؤيدوهم يتعامون عن رؤية الواقع المحيط بهم، ولا يفهمون أن المواطن العادى أسقطهم من حساباته بعد ستة أشهر من اعتلاء «مرسيهم» كرسى الحكم، لا يستوعبون أن ثورة هذا الشعب ضدهم بدأت تطفو على السطح منذ الخامس والعشرين من يناير الماضى، وتواصلت خلال الشهرين التاليين، وحالة السُّكات التى تسيطر الآن على الشعب، ما هى إلا نوع من الهدوء الذى يسبق العاصفة التى سوف تكنس هذا النظام البالى الساذج. الجماعة ما زالت تظن أن بإمكانهم بيع «الترماى» للمصريين، كما فعل معهم «المخلوع» لمدة ثلاثين عاماً. أنتم «تلامذة» حين تذهبون هذا المذهب، فهذا الشعب أذكى من الجميع، ويعرف أهدافه جيداً. وليس أدل على ذلك من عزوفه عن المشاركة فى الدعوة التى طُرحت فى أعقاب الأحداث الدامية ب«بورسعيد»، بإمضاء توكيلات للفريق «السيسى» لحكم البلاد. لقد فشلت هذه الدعوة فى جمع بضعة آلاف من التوكيلات خلال عدة أسابيع، ثم خمدت وماتت فى مهدها، ولا ينهض فى تفسير ذلك أن الشعب راضٍ بحكم الإخوان والرئيس الإخوانى، ولكن لأنه يعلم أنها «مش فارقة كتير»، وربما كان فاصل الغزل الصريح الذى لا يفتأ «السيسى» يكرره من حين لآخر فى حق هذا الشعب يأتى كرد فعل على إخفاق الدعوة لجمع توكيلات له لحكم البلاد. وفى المقابل من ذلك أفلحت حركة تمرد فى جمع هذه الملايين من التوقيعات فى أيام معدودات، لتعبّر عن حالة «تمرد عام» أصابت هذا المجتمع على حكم الإخوان. عموماً الميدان فيه متسع للجميع لمن يدعو ل«تمرد» ومن يدعو ل«تجرد»، فليشمر الإخوان ودلاديلهم عن ساعد الجد «ويورُّونا الهمّة»!