النجم والعرافات وأوجاع قلوبنا وحكاوى التاريخ المتشابهات تخبرنا كلها بأن شمس الإخوان فى المغيب.. فلا تترك قلبك للوجع. عام على حكم الإخوان تقترب لياليه الأخيرة منا وقد جف الزرع والضرع والماء والدموع والدماء فى العروق وأسفل أجساد شهداء ثورة قتلوها ومثلوا بها وعلقوها على أعمدة الطرقات.. هو عام الرمادة لا ريب ولا جدال.. فلا تترك وجهك للعصف والأنواء. أيام وينتهى عام الرمادة دون أن تحقق الجماعة أحلامها فلم يجلدوا الماضى ولم يرجموا الوطن. فلا خيرت الشاطر أقام نهضته ولا حتى هشام قنديل شكل وزارته.. لم يستطع حتى إنشاء وزارة للرضاعة ترضى اهتماماته الكبرى بأثداء النسوة المرضعات.. فكرة والله.. وزارة جديدة للرضاعة.. جديدة جداً وغير مسبوقة وإنجاز إخوانى عظيم.. فكرة لم يصل إليها سقف أحلام أى منظمة حقوقية نسوية من قبل.. وزارة تقوم على تنظيف أثداء النسوة اللواتى جفت صدورهن قهراً وفقراً وحزناً ويأساً وبؤساً وعذاباً. لو فعلها هشام قنديل لدخل التاريخ الذى سوف يخرج منه قبل عام.. ليس فقط فى إنشاء تلك الوزارة بل فى إلغاء نصف وزاراته وفى تغيير أسماء نصفها الآخر.. وليس فى تغيير أسماء وزرائها.. عليه أن يُلبس الشكل قوام المضمون.. فنحن فى رحلة العودة إلى الوراء الموغل فى غابر الأزمنة لن نكون فى حاجة إلى عدد من الوزارات.. مالهاش لزوم يعنى.. فلن نحتاج مع حكم الإخوان إلى وزارة تهتم بالطرق والمواصلات.. بل علينا جميعاً وفى مشروع نهضوى عظيم آخر أن نقوم بخلع أسفلت الشوارع ونتركها طوبا وحجارة وحصى حتى تسير الجمال والقوافل تتهادى فوقها ونستعيد أيام الصحارى القديمة.. ونسير حفاة عراة فوق نتوء الحجر تدمى أقدامنا من السير والبحث عن الكلأ والماء والماعز الشاردة.. وبعد ذلك نقوم بتغيير اسم وزارة النقل إلى «الركوبة»؛ فالقطارات والطائرات والسيارات والتكاتك بدعة وضلالة تأخذنا لجهنم. أما الجمال والحمير فكلها بركة تسير بنا عبر الفيافى والليالى الحالكات نبحث عن تلك النجوم الضالات فى السماء الأولى هناك.. ونتوه وتأخذنا خطانا إلى السراب.. ونموت فى الصحراء بجوار النبع الجاف.. أو نصحو ونكتب الأشعار المقفاة والمعلقات فوق الأطلال ونبحث عن الديار.. ديار ليلى. بعدها يقوم هشام قنديل بتغيير اسم وزارة الرى إلى «وزارة المسقى» أو «المسقى والفُلك» حيث يعمل الناس كلهم فى صناعة الفلك والمراكب من جذوع النخل والشجر.. ثم نطفو بها على الأنهر والبحار طلباً للرزق وبحثاً عن السمك.. وتمخر المراكب عباب الماء.. يعنى إيه؟ وفى المساء تحكى النسوة لبعضهن عن الجنيات اللواتى شققن الماء وخطفن الرجال.. الحمد لله وطبيعى جداً.. وأكيد وبديهى خالص أنه لن تكون هناك وزارة للإسكان سوف نسميها وزارة الخيام.. فلسنا فى حاجة لمساكن وعمارات فى النهاية هى تسقط فوق رءوسنا.. وكل منا سوف يأخذ خيمته ويضرب وتدها فى أى أرض يشاء فى أى حتة صحرا تعجبه ولسوف ننادى على بعضنا بعضاً من بعيد فما بين الخيمة والخيمة أطلال وربى فنصرخ حتى يسمع أحدنا الآخر: يا سراقة.. يا عبدالعزى ويا عبد مناف.. ألا تسمع يا رجل؟.. طبعاً هذه الأسماء كانت قبل دخول الإخوان لحكم مصر.. لكن بعد الفتح الإخوانى صار اسمنا هو يا أخى ويا أختى والحمد لله.. وبالتأكيد لن نكون فى حاجة لإنشاء وزارة للعدل.. وسوف نلغى وزارة التعليم.. ونبدل اسم وزارة الداخلية إلى وزارة العسس والخوازيق. المهم يا سادة أننا عبر الصحارى العربية الممتدة وفى المساءات الطويلة سوف نقوم بشىّ الخراف وأكل لحم الضان اللذيذ ولسوف ننهل من شوربة النعاج.. الله الله آخر حلاوة وجمال.. ذلك كله احتفالاً واحتفاءً بانتهاء عام الرمادة فى آخر يونيو المقبل.