على بُعد أمتار قليلة من محطة مدينة سوهاج، يقع مسجد العارف. قربه من محطة القطار جعله قبلة للمسافرين من وإلى سوهاج، كما أدى قربه من وسط المدينة إلى اتخاذه نقطة انطلاق لمظاهرات عديدة عرفتها المدينة فى أعقاب ثورة يناير، غير أن الحديث فى السياسة من داخل المسجد، والذى ابتلعه الناس أثناء الثورة مرغمين، لم يعودوا يستسيغونه بعد الثورة، خاصة بعد أن تحولت المساجد إلى ما أطلق عليه أحدهم «بوق لجماعة الإخوان المسلمين». علاء عبدالسميع، إخصائى اجتماعى بالتربية والتعليم، يقيم بقرية إدفا مركز سوهاج، يقول إن ما يحدث داخل المساجد أصبح أمراً «لا يطاق»، خاصة بعد أن تحولت المساجد والمنابر إلى أبواق لفصيل واحد هو «جماعة الإخوان المسلمين»، حيث حذر من استخدامها فى الدعاية الانتخابية أو السياسية، لأن المساجد على حد تعبيره «جُعلت للعبادة»، والمفروض أن يكون بها روحانيات عالية تغذى القلوب والعقول. داخل مسجد العارف يجلس عبدالسميع قبيل تأديته صلاة العصر، يعبر عن وجهة نظره فى استخدام المساجد والمنابر سواء وقت خطبة الجمعة، أو الدروس التى تتم داخلها بعد صلاة العصر، فيما سماه «الدعاية السياسية»، وخاصة بعد توغل ما أطلق عليه «فصيل معين»، و«جماعة» تدعى أنها تتحدث باسم الدين، وهى «أبعد ما تكون عن مفاهيم وتعاليم الدين الإسلامى السمح والوسطى»، مضيفاً: «سيطرت جماعة الإخوان المسلمين على مفاصل الدولة، ومن بينها وزارة الأوقاف، التى سيطرت على الأئمة والدعاة فى معظم مساجد الجمهورية، واستخدمتهم كأبواق للدعاية، ولنشر أفكار جماعة الإخوان المسلمين، وتدعيم وضعها الحزبى والسياسى، بدلاً من قيامهم بطرح مبادرات حقيقية للتهدئة وإعادة الوحدة التى ضاعت خلال الشهور الماضية بسبب سياسة الجماعة والرئيس، وبهذه التصرفات يُفقدون المؤسسة الدينية دورها الذى يثق فيه كل أطياف الشعب ويفرغونه من مضمونه». وتابع عبدالسميع قائلاً: «نفترض جدلاً أن المساجد والمنابر أخذت ترخيصاً يسمح لها بالحديث فى السياسة، بالتأكيد لن يستفيد من ذلك سوى جماعة الإخوان وذراعها السياسية الحرية والعدالة وأحزاب اليمين الإسلامى». لذلك يرى عبدالسميع أنه يجب ألا يتم استخدام المساجد فى الدعوة للأحزاب السياسية أو ترسيخ أفكار فصيل معين، خاصة أنه هو شخصياً يرفض لغة التخوين والتقسيم التى يستخدمها بعض الأئمة والدعاة على المنابر، ما دام أن الخلاف القائم حالياً هو خلاف سياسى وليس خلافاً عقائدياً أو دينياً. مسجد العارف الذى أصبح قبلة للمتظاهرين فى مدينة سوهاج يُعد واحداً من أشهر مساجد المدينة، وربما المحافظة كلها، يعود الفضل فى تسميته بمسجد العارف إلى الشيخ العارف بالله بن الشريف إسماعيل، ولقبه «فحل الرجال الشريف على السميدع»، ويمتد نسبه إلى سيدنا على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنهما. تقول الروايات إن الشيخ العارف بالله وُلد فى 4 من ذى القعدة عام 724 هجرية بالمغرب، وحفظ القرآن الكريم وعمره 7 سنوات، وعندما شبّ تخصص فى الفقه والحديث والسيرة، وتوفى يوم الجمعة الثانى من شهر رجب عام 795 هجرية، والشيخ العارف بالله حكم مديرية جرجا لمدة 23 سنة بالكتاب والسنة، وكان له من الأولاد 3 ذكور وأنثى واحدة. وتقيم الطرق الصوفية بعد صلاة كل جمعة حلقة ذكر داخل المسجد تستمر لمدة ساعة ونصف الساعة، بعدها يقوم الذاكرون بزيارة مقام الشيخ العارف بالله ويلقون عليه السلام ويقرأون الفاتحة وسورة الإخلاص وبعض الأدعية. أخبار متعلقة: المساجد.. منصات سياسية الأزهر: ألف عام من الوسطية .. ولا عزاء للمتشددين "الشهداء" .. معقل المقاومة من العدو الإسرائيلي إلي مرسي ونظامه عمر مكرم.. قليل من الدين كثير من السياسة «أسد بن الفرات»: لا مانع من السياسة إذا كان المتحدث «أبوإسماعيل» الزوايا خارج سيطرة "الأوقاف" .. دعاة متطوعون والسياسة "وجبة رئيسية" «القائد إبراهيم» تاريخ لا يعرفه الإخوان ولا المعارضة «النور».. شاهد على ثورة يناير.. ونقطة انطلاق المظاهرات