متطوعون من الأحزاب السياسية بالإسكندرية لتقديم الدعم للناخبين    مشاركة نسائية ب«لجان 6 أكتوبر» مع انطلاق انتخابات مجلس النواب 2025    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    وزير التعليم العالي يتفقد المشروعات الجاري تنفيذها بجامعة الأقصر    مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 في محافظة بورسعيد    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    سعر الدولار اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025    وزير الزراعة يعلن بدء الموسم الشتوي    في مستهل التعاملات .. قفزة مفاجئة فى سعر الذهب اليوم ب75 جنيها    ارتفاع معدل التضخم الشهري 1.3% في أكتوبر 2025    الاثنين 10 نوفمبر 2025.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب 20 مليار جنيه    إيران تصف اتهام واشنطن لها بالتخطيط لاغتيال سفيرة إسرائيل في المكسيك ب«السخيف»    إعصار «فونج وونج» يجتاز الفلبين مخلفا قتيلين ومئات آلاف النازحين    تعزيز الشراكة الاستراتيجية تتصدر المباحثات المصرية الروسية اليوم بالقاهرة    اليوم.. أحمد الشرع يلتقي ترامب في البيت الأبيض    استبعاد تريزيجيه من معسكر منتخب مصر بسبب الإصابة    الأهلي راحة 5 أيام بعد التتويج بالسوبر المصري    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    موعد مباراة مصر ضد إنجلترا في كأس العالم للناشئين والقناة الناقلة    «الله أعلم باللي جواه».. شوبير يعلق على رفض زيزو مصافحة نائب رئيس الزمالك    المشدد 5 سنوات لسائق بتهمة حيازة الحشيش المخدر بالموسكي    72 ساعة فاصلة .. بيان هام من الأرصاد بشأن تغير حالة الطقس ..أمطار رعدية ورياح    «الداخلية»: تحرير 1248 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» ورفع 31 سيارة متروكة بالشوارع خلال 24 ساعة    التعليم: تغيير موعد امتحانات شهر نوفمبر في 13 محافظة بسبب انتخابات مجلس النواب    وصول أسرة المتهم الثاني بقضية «الدارك ويب» لحضور ثاني جلسات الاستئناف    «الداخلية» تكشف حقيقة مشاجرة بين قائدي سيارتين    عائلات زكي رستم وشكوكو وسيد زيان يكشفون أسرارا جديدة عن حياة الراحلين (تفاصيل)    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يكرم الفنان القدير ياسر صادق عن عطائه للمسرح المصري    بعد 5 أيام فقط.. إقبال جماهيري جيد ل فيلم قصر الباشا في السينمات المصرية    أحمد إسماعيل: مشاركتي في افتتاح المتحف الكبير يعكس جزءًا أصيلاً من هوية مصر    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    عاجل- بدء سداد رسوم حج القرعة لموسم 2026 بالبنوك الوطنية ومكاتب البريد    الرئيس الأمريكي يصدر عفوا عن عشرات المتهمين بالتدخل في انتخابات 2020    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    بدء التصويت بالداخل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025    وزارة الرياضة تقوم بحملات رقابية على مراكز الشباب بمحافظة البحيرة    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب لوقف إطلاق النار    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة ويؤكد قيم الوحدة الوطنية    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 20 - 12 - 2016

خصصت الأمم المتحدة الثامن عشر من سبتمبر، من كل عام، للاحتفاء بلغة يتحدث بها نحو نصف مليار بشري (من جملة سبعة مليارات هم سكان المعمورة).. يحلو لنا في هذا اليوم أن ننكأ الجرح الذي ما اندمل، تصديقًا لقول العرب قديمًا: (ما حكَّ ظهرَك مثلُ أظفرك).
توصيات ومؤتمرات.. حشود وتكاليف، ورش عمل وندوات.. ثم يحمل الجميع عصاه ويرحل، تاركًا العربية في حالة التأزُّم، ووحل الارتباك.. ضائعة الهوية، بين أناس رأوها (موطن الأبعار والشاوي المشلّ وعيون المها)، ومن يرغب في حذف مثناها، وتعطيل تاء تأنيثها.. بين الإفراط في تقديسها حدّ تصييرها تمثالًا أبكم، والتفريط في احترامها حد جعلها لغة الدهماء!
أزمة ممتدة بين من يراها محفوظة من جملة الوحي، ومن يعرف أنها لغة كأي لغة جهود أبنائها فقط هي التي تعصمها من الانقراض..
أزمة العربية هي أزمة ناطقيها الذين قال عنهم نزار:
يتقاتلون على بقايا تمرةٍ *** فخناجر مرفوعة وحِرَابُ
انكمشت العربية على ذاتها وتقوقعت، وأوشكت على الانغلاق.. أُمُّ العِلْم لم تصمد أمام التكنولوجيا، تجرأت عليها الأسماء الإنجليزية، التي انتقلت من الطب والهندسة إلى عناوين صالونات الحلاقة، وتترات المسلسلات.
أمام هذه البنية العظيمة من النهضة العلمية الحضارية توقف علماء المعجمات وأساتذة العربية متحيرين، خائفين من فتح الباب لاستحداث ألفاظ، ومجاراة الوقائع، جعلوا من أنفسهم (حماةً للعربية) فوقفوا على أبوابها، يستذكرون ألفاظ (الأشائب – وتتكاءد – وكميتة) يحاولون بث الحياة فيها، وصعقها لإعادة النبض.. ويحولون دون دخول (أرشيف – وأبلة – وإسمنت) إلى فضاء العربية، ويصفونها بالدخيلة!
وضعوا محرمات (تابوهات) لاستخدام اللفظ القرآني في غير ما وُضع له، وسدوا الباب أم اشتقاقات جديدة على غير قياس.. نسوا أن ديدن اللغات التطور والارتواء من كل معين، وأن عربية القرآن ذاتها جاءت من عربية أخرى كان فاشية حتى بعد عصر صدر الإسلام.. معاجمنا تحتاج إلى إخراج نصفها ووضعها في المتحفات للمستزيد («الإبردة»: عِلَّة معروفة، و«الغريف»: نبت معروف، و«الجريب»: مكيل معروف، بالطبع لابن منظور وليس لنا، من يصدق أن «الوسيط» يجهل كلمة مُضيفَة وفوَّالة؟!).
أما التراكيب، فحدِّثْ ولا حرج؛ ما زال النحو يدور حول العامل لا يبرحه، حتى بعد نشأة علوم النص الحديثة، والمدونات اللغوية، وبرامج التشكيل الآلي.. ما زال التركيب العربي ينبني على قول ابن مالك:
فما أُبِيحَ افعلْ ودَعْ ما لَمْ يُبحْ
في معيارية تأباها روح اللغة، وتسلُّط على المتلقي ابن اللغة، وتقييد يضادّ قول العرب أنفسهم: (إن أنحى الناس من لا يُلحِّن أحدًا).
المستوى الذي تعالجه قواعد النحو ينبغي أن يتخلص من الخلاف بالإباحة، والمناهج التي تُلقَّن للباحثين يجب أن تنعتق من مفاهيم الصحة والخطأ إلى مفاهيم الإباحة وطلاقة الروح العربية، ووضع الوصفية في مواجهة المعيار، سوى في تعليمية اللغة للأطفال الصغار.
لا أدعو إلى غزو العامية للفصحى (دعوة الشيخ سلامة موسى) أو حذف التثنية من العربية (دعوة شريف الشوباشي) أو هدم النحو التقليدي كلية (دعوة خليل كلفت).. لكن أدعو أن يفتح (حرَّاس اللغة) الأبواب قليلًا، مراقبين ما يدخل إلى المعجم وما يتسرب إليه، دون تفنيد، فيضعوه في مكانه على هامش المعجم، حتى إذا استقر استفادت العربية وقويت.. أن ينظروا إلى جديد التراكيب، وحديث الاستخدام، ويضعوه على هامش الدرس اللغوي، فإن نما احتوته العربية، وإن مات فالعربية تتطوَّر بجثث المهمل منها والميِّت.
علموا الأطفال أن العربية لغة الأراجيز والأغاني، أوضحوا لغير ناطقيها أن قواعدها ميسَّرة تخاطب العقل والوجدان، ولهاجريها من أبنائها أنها لغة الأحاجي والكلمات المتقاطعة، وأن المسألة الزنبورية تخص سيبويه فحسب، نتعلمها لنضحك، وأن قاعدة الكحل لغز نحوي، وأن بابَيْ الاشتغال والتنازع للمتعمقين في الدرس اللغوي وليس لطلاب الثانوية الأزهرية.. وأن (الصمادح والخنفيق) لفظتان انقرضتا.. وأن القسطاس والمهرجان والبازار ألفاظ عربية من أصول أجنبية لم تعد دخيلة بعد الآن، وأن البلاغة ليست تقعير اللفظ وتعقيد التركيب، هي الوضوح في الرؤية والعمق في المعنى، وأن الألفاظ - لا المعاني - مطروحة في الطريق.
اللغة كائن حي.. ونحن بإهمالنا له وحصره في هرم زجاجي لا منفذ فيه لأشعة الشمس، ولا للهواء العليل، نقتله!!
أتحبون أن تقتلوا أمَّكُم!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.