بين لحظة وضحاها، اشتد التلاسن اللفظى بين الشعبين المصرى والقطرى، على مواقع التواصل الاجتماعى، تطورت إلى حرب إلكترونية فى غفلة من النظامين الحاكمين، اللذين يسيران فى طريقهما، وتجمع بينهما مشاعر ود وتبادل اقتصادى. فما كتبه الصحفى القطرى أحمد على فى جريدة «الوطن» القطرية، حول أن المصريين لم يصنعوا غير «أقراص الطعمية»، قوبل بهجوم ساخر شديد اللهجة من المصريين، الذين اعتبروا رأى الصحفى القطرى تعدياً سافراً عليهم وعلى شئونهم الداخلية، ما دعا القطريين إلى الرد أيضاً، ولكن بلهجة تتضمن قدراً كبيراً من الشتائم لمصر والمصريين. من التعليقات التى ملأت فضاء «تويتر» و«فيس بوك» من الجانب المصرى: «هل تعلم أن الواحد ممكن يتوه فى سيتى ستارز لكن مش ممكن يتوه فى قطر»، و«هل تعلم أن الفنانة صباح أكبر من قطر فى السن» و«يا بخت طلبة قطر بيذاكروا التاريخ 3 سطور والجغرافيا شارعين وحارة»، و«هل تعلم أن قطر أرخص دولة فى بنك الحظ ب150 جنيه ومكانها استراتيجى جنب البنزينة»، و«هل تعلم أن قطر هى البلد الوحيدة اللى ماتعرفش تعمل مليونية». نقد المصريين لقطر الذى اتسم بخفة دم معهودة، قابله وابل من الشتائم من جانب مواطنين قطريين على مواقع التواصل منها «مش بالكبر تقاس البلدان.. إسرائيل أصغر من قطر وعاملة لكم رعب»، و«روح اتشطر على إسرائيل» و«الكبير مش بحجمه الكبير بقيمته» و«مش مهم التاريخ المهم وصلنا لإيش» و«شوف قطر فى سنوات صغيرة وصلت للى ما قدر يوصله المصريين فى سنين كثيرة» و«أنا مع الصحفى القطرى انتو شعب عايش على الشحادة» و«مصر ليس لها وزن وحضارتها لا تعنى شىء للمسلمين مكة أم الدنيا وبس» و«العبرة ليست بماضى شعب ما، لكن بحاضره». هل تؤثر الخلافات الدائرة بين الشعبين الآن عبر مواقع التواصل الاجتماعى على علاقة مصر بقطر، خصوصاً أن قطر هى حليف «الإخوان»؟.. سؤال أجاب عنه الدكتور حازم عبدالعظيم، الناشط السياسى، الذى أكد أن ما يحدث لن يكون له مردود على القرار السياسى، فالإخوان اتخذوا قراراً باستمرار العلاقة مع قطر رغم أنف الشعب الثائر ورغم أنف الرأى العام الذى يرفض أى تدخل قطرى فى مصر، وقال: «مهما سخر الرأى العام فالإخوان والحكومة والرئاسة لن تعبأ بكلامهم وستستمر فى مخططها ومواقع التواصل الاجتماعى لن تكون أكثر من مجرد أداة تنفيس للشعب الذى لم يعد بيده شىء». «قرص الطعمية» فتح باباً لأزمة جديدة بين المصريين والقطريين، فهل يكون النظام الحاكم وراءها، أم أنها صنيعة الإعلام؟.. الدكتور نبيل عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أن الأزمة ليست وليدة اليوم، ولم تبدأ بالتحالف السياسى بين الإخوان وقطر، إنما تعود إلى شعور المصريين بالريبة تجاه قطر، التى تقلدت وضعاً سياسياً ونفوذاً فى المنطقة فجأة، ذلك الوضع الذى كان يفترض أن تلعبه مصر، بالإضافة إلى غضب الشعب المصرى من دول الخليج بشكل عام، بسبب وابل الاتهامات، التى توجه لمصر قبل وبعد الثورة، لذا وجد المصريون فى التحالف الإخوانى القطرى، فرصة للتعبير عن الاحتقان الذى بداخلهم. رغم تعاظم الدور القطرى فى المنطقة، فإن الغضب الشعبى يهدد هيبتها وتأثيرها فى الإقليم، فى رأى «عبدالفتاح»، بدليل تراجع نسبة المشاهدة المصرية لقناة «الجزيرة»، فبعد أن كانت تحتكر المركز الأول، تراجعت إلى المركز الثالث بعد «العربية» و«سكاى نيوز» وهو يسهم فى إضعاف دبلوماسيتها الخارجية، بالإضافة إلى أن السخرية تسهم فى تحطيم الهيبة القطرية. «عبدالفتاح» أضاف أن الإعلام له دور فى زيادة الاحتقان الشعبى بين الدولتين، لكن لا يجب أن نقف عنده، فالاحتقان يتصاعد بغض النظر عن الموقف الإعلامى، الأمر الذى لا تتفق معه الدكتورة كريمة الحفناوى، عضو جبهة الإنقاذ الوطنى، فالإعلام فى رأيها، من المفترض أن تكون له مسئوليه اجتماعية، بألا يعمق الخلاف بين الشعوب، وأن يبرز الفارق الكبير بين أن تختلف الشعوب حول النظم الحاكمة، وبين أن تتهكم على بعضها، خاصة أن الشعوب العربية تعانى من نفس النظم السلطوية. فى الوقت نفسه، ترى «الحفناوى» أن الإخوان منذ وصولهم للحكم، يتوهمون أنهم أعلم بمصلحة مصر فى الداخل والخارج، لذا تتمادى السلطة فى طريقها بغض النظر عن رد الفعل الشعبى، فالأموال القطرية التى تتدفق على الإخوان، التى لا يعرف الشعب ما مقابلها، والدور الذى تلعبه قطر فى تسيير المصالح الأمريكية فى المنطقة، أسهمت فى تدعيم الحاجز النفسى بين الشعبين.