لم أكن أتخيل أن يفسد جمهور الأهلى فرحتنا بعودته للمدرجات بعد غياب دام 432 يوماً منذ حادث بورسعيد الأليم إذا ما اعتبرنا أن وجود جمهور الأهلى فى مباراة الترجى التونسى بنهائى دورى رابطة أندية أفريقيا كان حدثاً استثنائياً، فالجميع كان يطالب بعودة الجمهور للمدرجات لكونه عنصراً هاماً فى منظومة الكرة. الرغبة لدينا فى عودة النشاط، جعلتنا نستمتع لأيام قليلة بإقامة المباريات دون جمهور، لكننا اكتشفنا وبعد وقت قصير أن استمرار هذا الوضع يجعل مبارياتنا أشبه بإنسان مات إكلنيكياً لكنه يحرك بعض أعضائه وأن استمراره على هذا النحو يجعل الموت له راحة، فكان العلاج بالسماح للجماهير بحضور المباريات الأفريقية على اعتبار أن المباراة فى كل مرة تقام من طرف جماهيرى واحد، وأتساءل: ماذا لو التقى الأهلى والزمالك فى نهائى دورى الأبطال الأفريقى وبات حضور الجماهير «إجبارياً» فى ظل لوائح الاتحاد الأفريقى التى تحظر إقامة نهائيات البطولات دون جمهور وماذا لو التقى الفريقان فى الأدوار النهائية للدورى وأصر الجمهور من الطرفين على حضور المباراة؟ مثلما حدث فى بعض المباريات الأفريقية التى لم يكن مخططاً لها حضور جماهيرى، واضطرت القيادات السياسية والأمنية لأن ترضخ لمطالب الجماهير، فماذا سيكون المصير؟ وأذكر، لأن الذكرى تنفع المؤمنين، ماذا فعل المسئولون؟ وماذا أعدوا لهذا اليوم؟ ما حدث فى برج العرب فى لقاء الأهلى وتوسكر مساء السبت، ومن قبله ردة فعل جمهور الإسماعيلى بعد الخسارة من اتحاد العاصمة الجزائرى فى البطولة العربية، وقبلهما جمهورالزمالك فى مباراة جازيللى وما أحدثه من تلفيات، يؤكد أن الوقت لم يحن بعد لعودة الجمهور للمدرجات، فحتى وقت قريب، كان مفهومنا أن الكرة لا تلعب إلا ب12 لاعباً واختلفنا جميعاً، هل الجمهور هو اللاعب رقم 1 أم اللاعب رقم 12، لكن المفهوم لدىّ تغير، فاللعب بجمهور بات مستحيلاً فى ظل الخروج المعتاد على النص وتشويه سمعة مصر، حتى إننا أصبحنا مسار شفقة البعض، ولنا أن نتخيل أن الزمالك فى لقاء جازيللى كانت حصيلته من بيع التذاكر 38 ألف جنيه فى وقت تحمل فيه النادى قيمة تلفيات وصلت إلى مليون و250 ألف جنيه، وهو نفس الأمر للأهلى الذى تحمل بعد مفاوضات مع مسئولى استاد برج العرب نصف مليون جنيه. ما شاهدته فى لقاء «توسكر» من نزول لأحد الجماهير إلى أرضية الملعب ليفوز طفله الصغير بقبلة من محمد بركات، بث بداخلى حالة من الرعب حول وقوع مجازر جديدة، فاختراق الملعب بات أمر عادياً، واقتحام الاستادات لم يعد صعباً وهو ما رأيته بعينى فى لقاء المنتخب مع زيمبابوى ببرج العرب. سؤالى إلى وزير الرياضة: أين قانون شغب الملاعب ومتى يرى النور، هل مكتوب علينا أن تقع كارثة جديدة، لنتذكر أن لدينا قانوناً لشغب الملاعب؟ ما يحدث فى ملاعبنا انعكاس لما يجرى فى الشارع المصرى وترجمة للانفلات والعجز الأمنى لكنى لم أكن أتصور أن نفتقد الروح التى اقترنت بالرياضة، فالثناء على كرم الأخلاق دائماً ما يقترن بالروح الرياضية التى غابت عن مدرجاتنا، وجميعنا نترحم على الجمهور المصرى فى السبعينات وعلى اللوحة الجميلة التى رسمها الجمهور العظيم فى بطولة أمم أفريقيا 2006 التى أقيمت بمصر، والآن وبعد تشويه الصورة بات اللعب دون جمهور أرحم وأفضل.