سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
على الجانب الآخر من المعركة.. هنا الإخوان قضوا يومهم فى اشتباكات مع المتظاهرين لحماية مقرهم لأنه «رمز الدولة» وأحدهم جاء للجهاد تاركاً 4 رسائل لخطيبته وأمه والإعلام ومرسى
رقم واحد يفصل الضجيج عن الطمأنينة، بين شارعى «9، و10»، دارت الأحداث أمام مقر جماعة الإخوان بالمقطم فى شارع 10، حشود تفترش الأرض، من كل حدب وصوب، الساعة تشير إلى السابعة مساءً، 3 آلاف عضو بالجماعة يتسلحون بعصى خشبية من بقايا أشجار وأثاث، يدافعون عن «مقرهم» بالروح والدم.. قوات الشرطة المصطفة على بعد أمتار منهم حالت دون وصول أذى المتظاهرين إليهم، اللهم إلا السباب الموجّه إلى الجماعة والمرشد. «تعالى يا جيمى»، نادى بها شاب ثلاثينى بلحية خفيفة زميلاً لم يبلغ 20 عاماً، محمد يحيى يُعرّف نفسه بكونه واحداً من الإخوان، تسلل وسط المتظاهرين حينما سمع عن وجود «جمال» بينهم، ترك الشاب القادم من الفيوم إخوانه وذهب إلى نقطة الاشتعال ليُنقذ ابن بلدته «جيمى» المنتمى إلى «الاتجاه الغلط»، حسب تعبيره.. «يحيى» تخرج فى كلية التجارة ولم ينل وظيفة، فقرّر النزول إلى محيط مكتب الإرشاد لحمايته من «الباطل، فلا ينبغى أن يكون له جنود فى الوقت الذى يغيب عن الحق جنوده»، هكذا ترسّخ فى يقينه سلامة موقفه، بعد مرور وقت قصير أخبره أحدهم أن «الواد اللى كان بيوزع معانا شنط رمضان موجود وسط المتظاهرين»، فقرّر الإخوانى إنقاذه «مين عنده ذرة دين يقتل والّا يضرب». قبل حضوره إلى القاهرة، قرر «محمد» أن يكتب وصيته، فى 4 رسائل، الأولى إلى خطيبته يخبرها فيها بأنه أحب الوجود معها، والثانية إلى والدته طالباً منها الغفران، بينما الثالثة فقد وجهها إلى الرئيس مرسى يخبره فيها ألا يحزن على فقدانه، والرابعة إلى الإعلام مطالباً إياه بتوخى الدقة والتزام الحياد فى نقل مشاهد الصراع. على طرفى شارع «9» يقع مسجدا «الحمد» و«بلال بن رباح» لكل منهما طابع خاص بعيد عن الطقس الدينى، بالقرب من ميدان «النافورة» الذى يشير إلى مسجد الفتح، كانت الغلبة للمتظاهرين، يكيل كل منهم ما جاد به فى وجه الإخوان، لذا لم يكن مستغرباً أن تحرق نحو 3 أتوبيسات كبيرة تابعة للجماعة، فيما وقف أحد المتظاهرين يحمل لوحة أرقام أحد الأتوبيسات التابع لمحافظة شمال سيناء، متمايلاً بفخر كونه حصد غنيمة حرب، يواصل السير إلى آخر الشارع نفسه إلى مسجد «بلال»، حيث كمائن أعدّها شباب الإخوان للمتظاهرين، فيما سقط أحدهم مصاباً قُرب بنزينة، بعد أن أخذته الجرأة، متقدماً صفوف المتظاهرين فى الوقت الذى هجم عليه ما يقرب من 50 شاباً هاتفين «الله أكبر» ليخرج من بين أيديهم بإصابات بالغة، حسب أحد السكان الذى روى الواقعة بأسى بالغ. على جسده يلف لافتة كتب عليها «أنا مصرى مش إخوان، وباطالب بالإعدام للبلطجى والإعلام الخائن والجبان»، بيشوى مكرم، مسيحى من الزاوية الحمراء جاء يساند الإخوان فى الدفاع عن مقرهم، وقف أمام الباب الرئيسى للمقر حاملاً الإنجيل باليسرى والقرآن باليمنى، رافعاً شعار «الإخوان ناس كويسين»، يؤكد مفتش التموين الخمسينى أن الإخوان مظلومون وأن الإعلام يفترى عليهم، عندما سمع بأحداث المليونية المتجهة إلى مقرهم، قرر دعم ومساندة «إخواتى فى الوطن»، فالمقر «رمز من الرموز، وحاجة مصرية قيّمة وماينفعش البلطجية يحرقوه»، «المسيحى الحقيقى عارف ومتأكد أنه مش هيبقى آمن إلا فى دولة الإسلاميين»، قالها «بيشوى» وسط انبهار أعضاء الجماعة قبل أن يضيف: «القرآن مابيفرقش بين المواطنين، والرسول بتاعكم وصى على الأقباط». بسارية علم تصل إلى الدور الرابع وقف مصطفى وصفى منذ صلاة الجمعة حتى الحادية عشرة مساءً، يرفرف فوق عصاه علم «مصر» وآخر بلون أسود دوّن عليه كلمات «لا إله إلا الله».. الأربعينى جاء من محافظة مؤسس الجماعة «الإسماعيلية»، لم يمنعه كونه سلفياً ولا عضويته فى حزب النور من الحضور، رغم حالة الشقاق الحادثة بين حزبه والجماعة، إلا أن كلمات الشيخ محمد عبدالمقصود أحد أعلام السلفية وقعت فى نفسه موقع الأمر «ياريت نحمى مقر الإخوان». شهدت «حرب المقطم» خلطاً رهيباً فى استخدام طرفى المعركة أسلحة متباينة، متظاهر يحمل درعاً للشرطة دوّن عليه عبارة «نموت وتعيش يا شهيد»، ورجال شرطة وخلفهم شباب إخوان استخدموا «الليزر» -سلاح المتظاهرين الأول-، الباب الخلفى للمقر تختلف أجواؤه عن الواقعة أمام بابه الرئيسى، فعلى رأس الساعة يحضر قرابة 150 شخصاً، يحملون الشوم، ويرتدون الخوذات دالفين داخل المقر، بعدما أنهكهم الشجار أمام مسجد «بلال بن رباح».